رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نقطة ساخنة

 

:

 

فى عام 1994 أجريت حوارًا مع شيمون بيريز، وكان وقتها يشغل منصب وزير خارجية إسرائيل.. ومن بين الأسئلة التى طرحتها سؤال عن توقعه لشكل الصراع العربى الإسرائيلى، إذا ما وصل الأصوليون والجماعات المتطرفة للحكم فى مصر؟!.. ويبدو أن السؤال كان مباغتًا لشيمون بيريز الذى صار فيما بعد رئيسًا لإسرائيل.. إذ صمت الرجل قليلاً ثم قال: ستعود المنطقة إلى ما قبل 1948، وستكون حربًا شاملة ودمارًا شاملاً!!

كان الهدف من سؤالى لشيمون بيريز، هو معرفة كيف تنظر إسرائيل إلى تنامى وتصاعد الجماعات المتطرفة فى مصر، بعد اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981، على أيدى أعضاء من تنظيم الجهاد المتطرف والذى انضم إليهم تنظيمات تكفيرية وإرهابية دخلوا فى صراع دموى ليس مع السلطة الحاكمة وحدها، بل مع الشعب المصرى أيضًا.. ووصل الصراع إلى وضع العبوات الناسفة فى الأماكن العامة، ثم اغتيال بعض الرموز الثقافية والفكرية والسياسية، ووصلوا إلى حد تكفير كل من يختلف معهم.. وكان الإخوان المسلمون وقتها بعيدًا عن المشهد ظاهريًا.. بينما كانوا فى الخفاء يدعمون هذه الجماعات لوجستيًا ومعنويًا، إذ كانوا يرفضون إصدار أى بيانات تدين ارتكاب هذه الأعمال الإرهابية.

من جانبى عندما طرحت هذا السؤال على شيمون بيريز، لم أكن أتوقع، ولم يكن غيرى يتوقع أن يتحقق هذا الكابوس بعد 18 عامًا كاملة، ويصل الإخوان ومن والاهم من الجماعات التكفيرية والإرهابية إلى حكم مصر!!

لقد تذكرت هذا اللقاء مع شيمون بيريز، بعد أن قرأت عددًا من التقارير الخطيرة حول تصاعد الجماعات الإرهابية والمتطرفة اليهودية داخل إسرائيل، واحتدام الصراع بين الحاخامات والجنرالات على حكم إسرائيل، وصناعة القرار السياسى.

لقد أصبحت الأصولية اليهودية تلعب دورًا هامًا وخطيرًا الآن فى الدولة الإسرائيلية.. وهى أى الأصولية اليهودية لم تكتف بالأدوار الثانوية التى كانت تلعبها منذ عام 1948 وحتى عام 1977.. بل عبرت عن نفسها بقوة من حيث مشاركتها فى الحكم السياسى من جهة، ومن حيث تبنيها لأكثر المقولات السياسية الاستيطانية حدة وشدة وتطرفًا من جهة أخرى.. وتحاول الأصولية اليهودية السيطرة على المجتمع الإسرائيلى برمته بما فى ذلك القرار.. فهى تعتقد أنها هى الجهة الوحيدة والحقيقية التى تعبر عن اليهود وثقافتهم وتاريخهم.

ولم يكن صدور «قانون القومية» العنصرى فى منتصف هذا العام، إلا بضغوط هذه الأصولية اليهودية على صناع القرار وفى إسرائيل.. وهى قانون ينص على أن الدولة الإسرائيلية دولة يهودية خالصة لليهود دون الفلسطينيين أصحاب الأرض الحقيقيين.. وأن اليهود وحدهم هم الذين لهم حق تقرير مصير الدولة الإسرائيلية.. وهو قانون يلغى تمامًا الوجود الفلسطينى على أرضه المغتصبة.. ويحول إسرائيل من دولة تزعم أنها دولة ديمقراطية، إلى دولة دينية عنصرية بحتة.

إن المتطرفين اليهود والأصوليين اليهود، لا يقلون خطرًا وإرهابًا على العالم، عن هؤلاء المتطرفين الإسلاميين.. كلاهما واحد.. وجهان لعملة واحدة..فكل منهما يطوع النصوص الدينية لأغراضه الدنيوية.. والأصولية اليهودية قديمًا وحديثًا، تحاول أن تكتسب مواقع جديدة فى صناعة القرار الإسرائيلى معتمدة على مقولة دينية يهودية تقول «شبحيم بنيم لتوراة».

وتعنى باللغة العربية «هناك سبعون وجهًا للتوراة»، وذلك لتفسير اختلاف مواقف القادة الدينية فى مراحل مختلفة من التاريخ، ولتبرير الفتاوى والقرارات الدينية والدنيوية التى يتخذها هؤلاء الحاخامات حسب تغير الظروف والشروط والأحداث.

إن وصول المتطرفين اليهود والاصوليين اليهود إلى قمة السلطة فى إسرائيل،سيحول المنطقة إلى جحيم، وإلى نار جهنم كما كان يتوقع شيمون بيريز عند وصول المتطرفين الإسلاميين إلى قمة السلطة فى مصر.