رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

آفة الصحافة

تناولت النشرة الإخبارية الهولندية NOS خبر الجدل المُثار فى مصر حول فستان «رانيا يوسف» الذى أطلت به فى ختام حفل مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الـ 40، واللافت للنظر الذى لابد من التوقف عنده هو التفكير بصوت عال عن مدى حيادية وسائل الإعلام الهولندية « الإخبارية»، التى تُكرر دومًا أنها تعمل بموضوعية، دون تحيز أو خلط إعلان الرأى بالخبر المُجرد.

كاتب هذا المقال العبد لله عمل رئيسًا لتحرير القسم العربى بإذاعة هولندا العالمية التى كلفتنى فى عام 2002 بإدارة مكتب لها فى العاصمة المصرية القاهرة، وكانت أحد أهم الخطوط الحمراء فى العمل الصحفى هى عدم مزج الخبر بالرأى، بحدود فاصلة بينهما تكون واضحة للجمهور المتلقى للمعلومات، بما لا يدع مساحة لأى نوع من الالتباس وسوء الفهم بين الرأى الشخصى والمعلومة الموثقة، وكان هذا واضحًا فى أساس مُمارسة المهنة الصحفية، التى تنظم العمل فيها وثيقة تحرير، وهذا النمط ليس فى تلك الإذاعة فقط، بل فى كافة وسائل إعلام هولندا.

معظم وسائل الإعلام الهولندية تناولت الخبر مصحوبًا بالرأى فى الحديث عن كبت الحُريات فى مصر، وأن ما قامت به المُمثلة «رانيا يوسف» هو من أنواع الحُرية الشخصية، ولا يجب توجيه اللوم لها، فى لهجات وسياق تُسئ لصورة مصر، بذكر أن أحكام الشريعة الإسلامية فى هذا الصدد مُكبلة للحُريات.

وليست فقط الصحافة الهولندية التى دقت على هذه الأوتار، بل كثير من وسائل الإعلام العالمية، قد ألقت الأضواء على الجدل الذى أثارته الفنانة «رانيا يوسف» بسبب شفافية فستانها، الذى اعتبره محامون مصريون مُخالفا لتقاليد المُجتمع وطالبوا بالتحقيق معها، وبالفعل تحددت جلسة فى محكمة جُنح الأزبكية بالقاهرة ستُعقد فى 12 يناير المُقبل، بتُهمة «التحريض على الفجور وخدش الحياء العام».

المحكمة المصرية سيكون لها الكلمة الفصل فى هذه القضية، سواء بالإدانة فعلاً أو تبرئة المُمثلة، وستبرد درجات حرارة الرأى العام تدريجيًا بمرور الوقت، مع انشغال المواطنين بالبحث عن لقمة العيش، وتتراجع حدة الجدل بين مؤيد أو مُعارض لفستان رانيا، وستنتهى القضية شأنها مثل قضايا كثيرة كانت أشد أهمية وخطورة فى الماضى.

من أخذوا على عاتقهم رفع قضية ضد الممثلة هم الذين منحوا الفرصة لتدويل الخبر، كما أنهم السبب الأساسى فى كيفية تناول وسائل الإعلام الأجنبية بالإساءة لمصر، واتهام الشريعة الإسلامية بإهدار حقوق الإنسان فى حُرية ما يرتديه من ملابس.

المثير للدهشة أيضاً أن عددا من وسائل الإعلام المصرية على مواقعها الإلكترونية تعمدت الإثارة ودغدغة مشاعر الرجال، بنشر صور لعدد من الفنانات شبه عاريات أثرن الجدل بملابسهن المكشوفة، إنها فعلاً آفة الصحافة، حيث إن فستان رانيا وغيرها تحول إلى مادة صحفية ليست لخدمة المجتمع وإنما لأغراض أخرى، وهكذا أيضاً فعلت وسائل الإعلام الأجنبية.

[email protected]