عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

استكمالاً لما كتبته الأسبوع الماضى بشأن الخلط بين الحداثة والتحديث وبعد أن أوضحت فى الجزء السابق معنى الحداثة أتناول هنا مصطلح التحديث فأشير إلى أنه النتاج العملى لكل هذا التطور الفكرى، إذ لم ينفصل التطور الفكرى الذى مثله الفلاسفة والعلماء عن الواقع العملى حيث تمثل الغربيون فى حياتهم العملية هذه التطورات الفكرية النظرية على الصعيدين الفلسفى والعلمى وتغيرت حياتهم من الجمود إلى التحرر وشعر كل فرد بإنيته الفردية وبقدرته الفعلية على التغيير وتشارك الجميع فى صنع هذا التغيير، فلقد تطور نمط التعليم من الطريقة المدرسية الجامدة المقلدة إلى اتباع المناهج الجديدة فى ارتياد المجهول واكتشاف كل جديد.

 كما تم الاستفادة من القوانين والنظريات العلمية وتحويلها إلى مخترعات تكنولوجية غيرت صورة الحياة على كوكب الأرض ونقلت أوروبا إلى العصر الصناعى والإبداع التكنولوجى الذى لم يتوقف عن التطور وتطوير وتحديث الحياة الإنسانية حتى اليوم، وتغير المجتمع السياسى من مجتمع سلطوى تتحكم فيه السلطة الدينية والسلطة السياسية المستندة إلى الحق الآلهى فى الحكم إلى مجتمع يقر حريات الأفراد ويعطيهم حرية اختيار النظام السياسى الملائم ويعطيهم حق المشاركة السياسية وانتخاب الحكام وتشكيل المجالس النيابية التى تنوب عنهم فى التشريع وفى محاسبة الحكام، كما تغير نمط الحياة الاقتصادية من النمط الإقطاعى إلى النمط الرأسمالى وتدعمت حريات الأفراد الاقتصادية تحت شعار «دعه يعمل دعه يمر» فتحول غالبية البشر إلى ملاك وأصحاب مشروعات خاصة منتجة فى كل المجالات ونمت مشرعاتهم وكبرت شركاتهم واحتكاراتهم إلى ما نشاهده الآن فى عصر الشركات متعدية الدول والقوميات.

وهكذا وجدنا فى أوروبا والحضارة الغربية الحديثة التوازى بين حداثة الفكر وتحديث واقع الحياة ووجدنا هذا الارتباط بين التطور الفكرى والتطبيق العملى فلم ينفصل النظر عن العمل ولم يتعال الفكر على الواقع وهذا هو سر أسرار الحداثة وارتباطها بتحديث المجتمعات الغربية وإطراد التقدم على هذا النحو باستمرار!، فهل وعينا نحن الدرس الآن أم سنظل نتساءل عن سر التفوق الغربى وسر التخلف العربى؟!

إنه يكمن فى ارتباط الحداثة بالتحديث هناك وعدم ارتباطهما لدينا، فكم نادى المفكرون العرب بضرورة الأخذ بقيم الحداثة مؤكدين أنها ليست فقط قيما غربية فى الأساس بل هى كذلك قيم الإسلام الأساسية وبها صنع المسلمون الأوائل حداثتهم الخاصة، ودائماً ما كانت صيحات هؤلاء المفكرين ولا تزال منذ ما يزيد على المائتى عام  بعيدة عن أن يأخذها الناس عندنا مأخذ الجد!، ويا لشديد الأسف حيث لا تزال الصيحة السائدة لدينا هى «بلاش فلسفة» وخلت الكثير من جامعاتنا العربية من تخصص الفلسفة وكأن التدرب على إعمال العقل عبر دراسة الفلسفة «عار» علينا أن نحاربه ونُحرمه ونبتعد عنه!، ولا زلنا مترددين فى ضرورة إعمال العقل وإطلاق الحريات!، فهل إلى تغيير ذلك من سبيل حتى ينطلق قطار تقدمنا الحضارى بعد أن توقف منذ عصر ابن رشد (ق. 12) وابن خلدون (ق.14م)؟!

[email protected]