عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

فى كل يوم أسأل نفسى سؤالاً، لا أجد له إجابة: لماذا استطاع تنظيم «داعش» اختراق العراق وسوريا وليبيا بكل هذه القوة؟ خاصة أنّ المجموعات الإرهابية تهدف دائما إلى تغيير النُّظُم الحاكمة فى الدوَل، وتغيير واقع الحدود الجغرافية، وتغيير السياسات، والسيطرة الاجتماعية، والمحافظة على الوضع القائم بما تريده أن يكون عليه. ولتحقيق هذه الأهداف؛ تلجأ المجموعات الإرهابية إلى الإنهاك والإفساد والتخويف والمزايدة والتحدّى. وفى الحقيقة دخول تنظيم ما سمى بالدولة الإسلامية فى العراق وسوريا كان سيكون مؤشراً على بدء حقبة إرهابية جديدة تدعى أن الإرهاب جهاد، فـ«داعش» أعلن عن هدف بعيد المدى، هو إقامة دولة إسلامية، أو خلافة، تستند إلى اجتهادات متطرفة للغاية فى الشريعة، مما جعله أكثر من مجرد تنظيم إرهابى، على الرغم من أن أصوله ما هى إلا فرع من تنظيم القاعدة فى العراق. وجميعنا يعلم أن تنظيم «داعش» كان يهدف إلى السيطرة على إقليم يُنشئ فيه دولة؛ ولقد سيطر على مساحات جغرافية كبيرة، واستطاع تملك منظومة فكريّة تشتمل على التكفير والتبشير بالخلاص، وتعتمد على الأساليبَ العنفية المتطرّفة لنشر فكرها، مستفيدة من تخلخل كيانات دول عربية، حيث سادت فوضى ما سمّى «الربيع العربى» وهذا ما حدث فى سوريا وليبيا، ووقف الجيش المصرى دون حدوثه فى مصر، أما اليمن فوقعت فى قبضة الحوثيين. ولعبت السلفية الجهاديّة دورا كبيرا فى رسم شخصية رجال التنظيم مثل أبوبكر البغدادى، وملامح نظرته إلى العالَم. وهناك دراسة أعدتها مؤسسة «تونى بلير» للدراسات الدينية والجيوسياسية، ترى أن نحو 60٪ من الجماعات المعارضة فى سوريا جماعات «متطرفة»، وإذا تمكنت الدول الغربية من هزيمة «داعش» فإن الميليشيات الأخرى ستعكف على «توسيع آفاقها» وشن هجمات خارج سوريا؛ و48 فصيلا من الجماعات المعارضة فى سوريا، و33٪، أو ما يقرب من مائة ألف مقاتل، يتبنون فكر تنظيم «داعش»، وبذلك أصبحت سوريا مرتعاً لأكبر تجمع للجماعات الإرهابية فى العصر الحديث. تُعتبَر استراتيجية «داعش» متنوعة وتستند إلى البراجماتية، ودمج ما هو عسكرى بما هو إعلامى وسياسى-اجتماعى. وهذا ما منحه اليد العليا فوق الجماعات الإسلامية الأخرى فى سوريا والعراق. واستثمر تنظيم «داعش» تجارة السلاح فى الأراضى السورية، بالاعتماد على وسطاء بينه وبين المعارضة السورية التى حصل منها على صواريخ وقذائف هاون بأسعار غالية جداً؛ وتنظيم «داعش» نقل الأسلحة التى اشتراها من التجار فى سوريا، إلى الموصل مركز «نينوى» شمال العراق، عندما كانت المنافذ الحدودية مفتوحة، قبل أن تنطلق القوات العراقية لتحرير المحافظة. ورغم ما يقال عن محاربة تركيا لـ«داعش» الآن، إلا أن الواقع يقول غير ذلك، وهذا ما أكدته سابقاً صحيفة نيويورك بوست الأمريكية التى ترى الوجود التركى فى العراق ساعد تنظيم «داعش» الإرهابى وهدد بحرب أكبر. ففى الوقت الذى سعت فيه واشنطن لشن هجوم فى مدينة الرقة السورية عاصمة تنظيم «داعش» الإرهابى، فإن الكرد السوريين الذين حققوا أغلب النجاحات والتقدم نحو الرقة تعرضوا للقصف من قبل تركيا التى تخشى من المكاسب التى حققها الكرد السوريون ووحدات الحماية الشعبية ذراع حزب العمال الكردستانى. وفى العراق، استفاد «داعش» من الغضب السنّى على سياسات الإقصاء المنهجى السياسى والاقتصادى التى مارسها رئيس الحكومة السابق نورى المالكى فى مناطقهم، مما أدّى إلى شعور هذه المناطق، التى تقطنها القبائل بكثافة، بالغربة عن السلطة المركزية. والتنظيم فى ليبيا يحارب منذ البداية باستماتة للسيطرة على مدينة أجدابيا شرقى البلاد، والتى تقع ضمن الهلال النفطى الليبى، حيث تعد المنطقة البوابة الخارجية الكبرى للنفط، مما يعنى بسط التنظيم قبضته على مصب النفط من حقول الخام جنوبى أجدابيا. وفى الحقيقة أن تنظيم «داعش» مترامى الأطراف ما بين سوريا والعرق وليبيا يؤكد أننا أمام دولة متوحشة ليس لها حدود جغرافيا، ولكن حدود استعمارية استيطانية سارقة للثروات.