رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

رغم أن فكرة إنشاء «جيش أوروبى» موحد لم تتحول بعد إلى إجراء على أرض الواقع، إلا أنها خففت من وطأة تخلى بريطانيا عن عضوية الاتحاد الأوروبى من ناحية وكشفت عن مواقف حقيقية لسياسات دول أخرى تجاه ما نسميه «أوروبا القوية» من ناحية أخرى ومن هذه الدول الولايات المتحدة التى سيطر عليها هاجس تمرد الحلفاء الأوروبيين على الوصاية الأمريكية ما جعل الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون صاحب المقترح يقول صراحة لنظيره الأمريكى دونالد ترامب: «نحن لسنا تابعين لكم» وهى عبارة كاشفة لنيات الطرفين كل منهما تجاه الآخر ترامب يرغب فى أن تكون له اليد الطولى على الأقل سياسياً وعسكرياً على الدول الأوروبية وحفاظاً على الهيمنة أحادية القطبية فى العلاقات السياسية الدولية بشكل عام.

فيما تسعى أوروبا إلى كسر قيد الطوق الأمريكى والانتقال إلى مزيد من الاستقلالية فى القرار الأوروبى بعيداً عن تأثير الإدارة الامريكية الحالية التى تتسم بالتهور أحياناً والمزاجية أحياناً أخرى والانفراد فى اتخاذ القرارات التى تمس الأمن والسلم الدوليين أحياناً ثالثة وفى الوقت نفسه يسعى الجانب الأوروبى إلى تخطى مرحلة القطب الأحادى إلى مرحلة التعددية القطبية ونلاحظ أن روسيا تميل للموقف الأوروبى أكثر من الموقف الأمريكى لأنه يتسق وأهداف سياستها الخارجية الحالية.

إن وجود كيان عسكرى موحد يمثل درعاً لحماية الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى ويضع حداً لمشكلات تمثل خطراً على أوروبا الموحدة منها الوقوف فى وجه النزعات القومية أو الشعوبية ما يطرحه اليمين الفرنسى المتطرف من أفكار عنصرية متمثلاً فى منافسة زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية مارى لوبان فى الانتخابات الرئاسية ووصول حزب البديل إلى البوندستاج الألمانى لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، وظهور نزعات انفصالية فى دول الاتحاد ذاتها، أسكتلندا وكاتالونيا، مضافاً إليها العديد من الأزمات الاقتصادية التى تضرب دول الاتحاد، مثال أزمة الديون اليونانية التى لم تنته بعد وتصاعد نسبة البطالة وانخفاض الدخل الفردى فى كثير من الدول الأوروبية.

فهل يمكن للجيش الموحد أن يحد من النزعات الانفصالية فى الدول الأوروبية؟

إن وجوده يخلق روحاً جامعة ومعضدة للقوة الأوروبية وهو الهاجس الذى يخشاه ترامب، ويبدو أن ترامب يعتبر أن استمرار هذه النزعات تصب فى المصلحة الأمريكية وليس العكس!

وطبيعى ألا نجد سياسة أوروبية موحدة تجاه العديد من الملفات الساخنة فى عالم اليوم لكن هناك حداً أدنى من الاتفاق يستند إلى الحفاظ على الأمن والسلم فى دول الاتحاد الأوروبى، الأمر الذى يجعل هذا الجيش ضرورة حيوية وليس استعراضاً للقوة فى مواجهة الولايات المتحدة كما يعتقد الرئيس الأمريكى بعبارة أخرى أن فكرة وجود جيش موحد يكرس مفهوم المصلحة الأوروبية التى يجب عليه حمايتها.

وفى مثال على ذلك، تورطت دول الاتحاد تورطت وتحديداً بريطانيا، فى صراعات كان الغرض منها مجرد التضامن مع الولايات المتحدة، فلماذا انضمت القوات البريطانية إلى الحرب بأفغانستان، وما هو السبب الذى دفعها للانضمام إلى الغزو الأمريكى للعراق؟.. ولهذا يعتقد ترامب أن الحليف الأوروبى فى حال عصيانه لن يكن تابعاً بعد الآن للسياسات الأمريكية وهى مغامرات غير محمودة العواقب لا علاقة لها بمصلحة الاتحاد الأوروبى.