رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

من حسن الحظ أننا تعرفنا على دولة الإمارات العربية ونحن فى مرحلة مبكرة من حياتنا.. عندما ضاقت الأرض بما رحبت بالولد الشقى السعدنى الكبير بعد خروجه من سجن الرئيس السادات ورفض الأخير القاطع بعودة السعدنى للعمل بالصحافة بعد أن اتهم بمحاولة قلب نظام حكم الرئيس أنور السادات وسخر السعدنى من محققيه وهو يقول.. أقلب نظام الحكم بإيه.. أنا أسلحتي لسانى وقلمى.. فقال له أحدهم ساخرًا أنت لسانك يقلب الدنيا نفسها يا عم محمود، وبناء عليه قرر الولد الشقى السفر إلى بلاد الله لخلق الله وانتهى به المطاف إلى لندن بعد رحلة بدأت بالأراضى المقدسة فى مكة والمدينة ومنها إلى بيروت حيث اندلعت شرارة الحرب عام 1974، ومنها انطلق إلى عاصمة الضباب لندن وهناك التقى بأحد النبهاء والافذاذ على المستوى الانسانى والمهنى استاذنا الكبير أحمد بهاءالدين وقال للسعدنى إلى أين المسير يا محمود فأجابه السعدنى بأنه أصبح صايع عام على وزن مدير عام.. ولكن ما هى إلا عشرة أيام واستطاع أحمد بهاءالدين أن يرتب لقاء للسعدنى مع السيد أحمد خليفة السويدى وهو زميل دراسات دولية للأستاذ بهاء فى مرحلة صباهم المبكر ويسأل الشيخ أحمد خليفة السويدى الذى شغل منصب أول وزير خارجية لدولة الامارات العربية السعدنى عن أحواله.. فيقول السعدنى أنا أعيش فى بلهنية العيش حيث تقوم أمى ببيع بعض ممتلكاتها وتبعث لى بالفلوس وأنفق الوقت كله فى الصرمحة ولعب القمار ويضحك الأستاذ بهاء.. ولكن أحمد خليفة السويدى.. وبعد أن استأذن السعدنى فى الرحيل.. قال للعم بهاء.. إن أحواله عال العال ولا يدرى كيف ينفق ثروات والدته.. فضحك الأستاذ وقال دى طريقة السعدنى فى عرض المأساة التى يعيشها.. إنه لا يملك فى جيبه مليمًا واحدًا وأولاده فى مصر وهو فى أقسى لحظات حياته تعاسة.. ومرت أيام وتم توجيه الدعوة للسعدنى للاقامة والعمل فى امارة أبوظبى التى هى عاصمة الدولة وبالفعل تولى إدارة تحرير جريدة «الفجر» وهى جريدة كانت تصدر اسبوعيًا واستطاع السعدنى أن يحول الفجر إلى المطبوعة الأكثر انتشارًا فى الامارات والخليج ولأول مرة تشهد الامارات ظاهرة بائع الجرائد المنتشر فى الميادين والشوارع.. والتقى السعدنى برئيس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وكان هذا هو اللقاء الثانى بينهما.. وفى اللقاء الأول فى عام 1969.. بعد أن فاز فريق النادى الإسماعيلى ببطولة افريقيا اقترح السعدنى على صديق عمره عثمان أحمد عثمان أن يقوم الاسماعيلى بجولة فى دول الخليج تمامًا مثلما فعلت أم كلثوم وعبدالحليم من أجل جمع المال مساهمة فى إزالة آثار العدوان وعندما ذهب الإسماعيلى إلى أبوظبى استقبل الشيخ زايد البعثة وعندما سمع اسم «محمود السعدنى» ضحك كثيرًا.. واندهش أكثر.. وقال انت السعدنى كاتب مسلسل الشيخ لعبوط وهنا أسقط فى يد السعدنى وقال بين نفسه ربما أغضب هذا المسلسل الشيخ زايد.. فنفى تمامًا أن يكون هو.. وقال للشيخ زايد.. أبدًا ده أبويا أفندم الله يرحمه.. وهنا وجد السعدنى الشيخ يترحم على الوالد ويدعو له بالمغفرة وهو يقول.. والله هذا المسلسل ساعدنا كثيرًا فى أن أهل الامارات يتهيئون للخلاص من الشيخ شخبوط وهذا فضل أذكره للوالد الكريم.. ويتطوع عثمان أحمد عثمان ليكشف الحقيقة للشيخ زايد ويقول يا سمو الشيخ السعدنى ده هو اللى كتب المسلسل.. بس هو خاف يكون العمل ترك ذكرى سيئة لديكم ويضحك الشيخ زايد ويقول مازلت أحفظ أغنية المقدمة.. الشيخ لعبوط قلع الزعبوط.. ونزل بريطانيا يلم نقوط.. وكانت مساهمة الشيخ زايد لبعثة الإسماعيلى فى جمع أموال لإزالة آثار العدوان هى الأكبر والأضخم فقد كان عاشقًا لمصر وللعروبة ويعتبرها هى رمانة الميزان التى لو انعدلت أحوالها أصبحت أحوال الأمة بأسرها بخير، أما فى المرة الثانية فقد كان هناك رجل يعمل مديراً للرئاسة فى ديوان الشيخ زايد اسمه السيد على الشرفا وهو من أبناء دولة الإمارات و لكنه مصرى الهوى.. يعشق أهل مصر وأرض مصر وكل ما يمتلكه فى الحياة من فائض أرسله الى المحروسة ليشترى لنفسه منزلاً ومزرعة وكل العاملين لديه كانوا مصريين وكان أكثر المدافعين عن مصر فى توقيت تخلى عنا فيه كل العرب.. وبالطبع كان الشيخ زايد أحد عشاق مصر العظام حتى فى وقت القطيعة الكبرى التى قررها العرب لإخراجها نهائياً من أى شأن عربى وأى تجمع عربي بعد الإعلان عن زيارة السادات لكامب ديفيد.. كان الشيخ  زايد يلعب دوره الخالد والأبدى والذى ينبغى على الحكماء وحدهم أن يقوموا به.. لإصلاح ذات البين.. رغم شراسة الحملة من قبل نظام بغداد ودمشق والجزائر وليبيا.. وفى شهادته للتاريخ يقول السيد على الشرفا إن الزعيم الكبير زايد بن سلطان يستحق عن حق وجدارة لقب حكيم العرب.. ويستدعى  من الذاكرة تلك الاحداث الخطيرة التى مرت بالأمة ومنها اجتماع وزراء الخارجية العرب عام 1973 ويسأله الشيخ زايد عما جرى بالمؤتمر ويقول إنهم قرروا خفض الانتاج تضامناً مع دول المواجهة بنسبة «5٪» وهنا اكفهر وجه الشيخ زايد وطلب منى أن أتصل بوزير البترول الاماراتى الدكتور مانع سعيد العتيبة وأمر الشيخ زايد بعقد مؤتمر صحفي على وجه السرعة يعلن فيه قيام دولة الإمارات العربية بقطع إمدادات البترول بالكامل عن الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية التى تساند اسرائيل.. وفى هذه الأيام أطلق زايد مقولته التى حفظها الزمن.

ان البترول العربى.. ليس أغلى من الدم العربى وكان هذا هو شعار جريدة الفجر التى أصدرها السعدنى، أما عن أنبل مواقف الشيخ زايد تجاه معشوقة الكبرى مصر فيتحدث مدير شئون الرئاسة الشيخ على الشرفا ويقول... عندما قرر العرب فى مؤتمر بغداد عام 1977 مقاطعة مصر هنا اقترح الشيخ زايد عدم اتخاذ أى مواقف ضارة بمصر وشعب مصر ورئيس مصر إلا بعد قيام ثلاثة من رؤساء الدول العربية بزيارة القاهرة واقترح سموه أيامها أسماء الملك حسين والامير فهد والشيخ  زايد.. ولكن قوى خفية داخل المؤتمر لم تكن تريد لمصر الخير ولا  تكون لها الريادة فى عالمنا العربى فتقرر تخفيض مستوى الوفد لتكون من وزير خارجية دولة الامارات أحمد خليفة السويدى وعدد آخر من مسئولين عرب وحملوا رسالة للسادات وأثناء ذهاب وزير خارجية الامارات لمقابلة السادات كانت كل الإذاعات ووسائل الاعلام العربية تذيع نص الرسالة التى يحملها الوفد من أجل إفشال مساعى الوفد  العربى ولذلك عندما  وصل الوفد الى القاهرة لم يجد أحدا في استقباله.

ولا ننسى على الاطلاق أن هذا الزعيم العروبي استدان 15 مليون جنيه استرليني لكى يوفر لنا قطع غيار الطائرات وكان له مائة مليون دولار حصة الامارات فى هيئة التصنيع العربية... تنازل عنها للبنك المركزى المصرى واعترف الرئيس السادات بأن مضخات المياه التى استعملت لهدم خط بارلين كان الشيخ زايد هو من تكفل بدفع ثمنها وتوصيلها الى المصر.

لقد قضينا فى دولة الامارات العربية سنة دراسية كاملة كنت فى الصف الأول الثانوى وكانت الثانوية هى أعلى مرحلة طلابية فى الامارات فى ذلك الوقت زارنا الشيخ قبل نهاية العام الدراسى وتحدث الينا عن أحلامه فى بناء دولة حديثة تأخذ بكل أسباب التطور وشاهدت برنامجاً على الهواء جمعه مع أحد المسئولين فى الامارات والشيخ زايد يطمئن على أحوال التلاميذ الصغار والخدمات المقدمة إليهم وما تم صرفه لتحديث المناهج وجلب أفضل مدرسين من خارج الدولة يكون لمصر الأولوية القصوى.. واذا بالمسئول الصغير يقترح على سمو الشيخ زايد بتوفير وجبة غداء الى جانب مكرمة الشيخ زايد بمنح كل تلميذ وكل طالب راتبًا شهريًا سخيًا على أن يتميز بتلك المكرمة أبناء المواطنين فقط لا غير.. هنا نظر الشيخ زايد تجاه المسئول الصغير وهو يقول تريد الطفل الوطنى يأكل ويشرب والطفل العربى زميله يكتفى بمشاهدته والله هذا عيب وهذا أمر غير إنسانى ولا عروبى ولا معقول، وأمر العملاق زايد بأن تشمل مكرمته كل العرب.

مائة عام على رحيل الرجل صاحب الفضل فى بزوغ دولة الإمارات العربية المتحدة إلى النور.. ألف رحمة ونور.