رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلمة عدل

ما زلنا فى صحبة الفيلسوف سقراط الذى رفض ممارسة السياسة التقليدية؛ وأقر بشكل متكرر أنه لا يستطيع النظر في شئون الآخرين أو إخبار الناس كيف يعيشون حياتهم في حين إنه لم يستطع حتى الآن فهم كيف يعيش حياته هو. لقد كان «سقراط» يؤمن بأنه فيلسوف همه الأكبر هو السعي وراء الحقيقة، ولم يدع أنه عرفها بشكل كامل. كما أن قبول «سقراط» لحكم الإعدام الذي صدر ضده بعد إدانته من مجلس الشيوخ اليوناني، يمكن أيضًا أن يدعم هذا الرأي. ومن المعتقد غالبًا أن معظم التعاليم المضادة للديمقراطية كانت من «أفلاطون»، الذي لم يتمكن يومًا من التغلب على سخطه عما حدث لمعلمه. على أية حال، من الواضح أن «سقراط» كان يعترض على حكم الطغاة الثلاثين تمامًا كاعتراضه على الديمقراطية؛ وعندما استدعي للمثول أمامهم للمساعدة في القبض على أحد المواطنين من «أثينا»، رفض «سقراط» أن يقوم بهذا وفر من الموت بأعجوبة، وكان هذا قبل أن يطيح الديمقراطيون بجماعة الطغاة. ومع ذلك، فقد تمكن «سقراط» من تأدية واجبه كعضو في مجلس الشيوخ الذي عقد محاكمة لمجموعة من الجنرالات الذين قادوا معركة بحرية مدمرة؛ وحتى عندئذ كان يحتفظ بتوجهه غير المرن؛ إذ كان أحد هؤلاء الذين رفضوا المواصلة بطريقة لا تدعمها القوانين، على الرغم من الضغط الشديد. ومن خلال تصرفاته وأفعاله، نستطيع القول إنه كان ينظر إلى حكم الطغاة الثلاثين بوصفه حكمًا أقل شرعية من مجلس الشيوخ الديمقراطي الذي حَكَم عليه بالإعدام.

 

التصوف

في حوارات «أفلاطون»، يبدو أن «سقراط» كان دائمًا ما يدعم الجانب المتصوف، إذ يناقش مسألة التقمص والأديان الغامضة؛ إلا أن هذا كان ينسب بشكل عام لـ «أفلاطون». وبغض النظر عن ذلك، فإننا لا نستطيع تجاهل هذا الموضوع، لأنه ليس في وسعنا التأكد من الاختلافات بين وجهات نظر «أفلاطون» و«سقراط»؛ بالإضافة إلى أنه يبدو أن هناك بعض النتائج الطبيعية في أعمال «زينوفون». ففي ذروة الطريق الفلسفي كما هو موضح في حواري «المأدبة» و«الجمهورية» لـ«أفلاطون»، يصل المرء إلى بحر الجمال (وهي مرحلة الوصول إلى أعلى مراتب الحقيقة عند الصوفيين ومن يزعم أنه يصل إلى هذه المرحلة غالبًا ما يقول إن الحقيقة تنصهر في بوتقة واحدة أو بحر واسع تذوب فيه كل الاختلافات وهي مصدر كل جمال) أو يصل إلى رؤية شكل الخير في تجربة أشبه بالكشف الصوفي؛ وعندها فقط يمكن أن يصبح المرء حكيمًا. (في حوار «المأدبة»، يعزي «سقراط» خطابه بخصوص الطريق الفلسفي إلى أستاذته الكاهنة «ديوتيما»، التي لم تكن واثقة حتى من أن «سقراط» يستطيع الوصول إلى الألغاز الكبرى أم لا). أما في حوار «مينون»، فقد أشار «أفلاطون» إلى احتفالات «أثينا» بطقوس عبادة الإلهين «ديميتر» و«بيرسيفون»، مخبرًا «مينون» إنه سيفهم أجوبة «سقراط» بشكل أفضل إذا ما بقى حتى ميعاد هذه المراسم في الأسبوع القادم. وثمة ارتباك ينتج عن طبيعة هذه المصادر، لدرجة أن هناك جدلاً حول ما إذا كانت الحوارات الأفلاطونية هي أحد أعمال فيلسوف فنان، ولا يستطيع القارئ العادي أو حتى المثقف فهم المعنى بسهولة. وقد كان «أفلاطون» نفسه مؤلفًا للمسرحيات قبل أن يتجه إلى دراسة الفلسفة. وتعتبر أعماله، بالفعل، حوارات؛ واختيار «أفلاطون» لهذه الحوارات إلى جانب أعمال «سوفوكليس» و«إيريبيدوس» وأدب المسرح، ربما يعكس الطبيعة التأويلية لأعماله. والأكثر من ذلك هو أن الكلمة الأولى في معظم أعمال «أفلاطون» هي مصطلح وثيق الصلة بهذه الدراسة بعينها، وهي تتوافق مع التعريف المتفق عليه بالإجماع. وأخيرًا، فإن حواري «فايدروس» و«المأدبة» يشيران إلى توصيل «سقراط» للحقائق الفلسفية في المحادثات بشكل غامض؛ ويتضح أيضًا في حوار «فايدروس» أن «سقراط» يتصف بالغموض في كل الكتابات. والتصوف الذي نجده غالبًا في «أفلاطون» والذي يظهر في أكثر من مكان ويتخفى وراء الرمز والسخرية، غالبًا ما يكون مختلفًا مع التصوف الذي يقدمه «سقراط» في كتابات «أفلاطون» في بعض الحوارات الأخرى. إذا ما استعنا بالحلول التصوفية التي أوردها سقراط في الإجابة عن التساؤلات والتحليلات في وقتنا الحالي، فإنها ستفشل في الإجابة عنها وستفشل في إرضاء القراء المتعطشين لمعرفة إجابات عن هذه التساؤلات. ولكن سواء ستفشل هذه الحلول التصوفية في إرضاء القراء الواعيين والمدركين لهذه الحلول أم لا تعد مسألة أخرى، ولكن من المحتمل أنها ستفشل أيضًا. ربما كان من أكثر الأشياء الممتعة في هذا الموضوع هو اعتماد «سقراط» على ما كان يطلق عليه اليونانيون جني سقراط أو «وحي دلفي» ،وهو صوت يهتف به جني متلبس بسقراط كي يمنعه من ارتكاب خطأ ما وفي اليونانية،  وكان هذا هو صوت الجني الذي يمنع «سقراط» من الدخول في السياسة. وفي حوار «فايدروس»، قيل لنا إن «سقراط» كان يعتبر هذا شكلاً من أشكال «الجنون المقدس»، نوعاً من الجنون الذي يعتبر هبة من الآلهة والذي يمنحنا الشعر والتصوف والحب وحتى الفلسفة. أو يمكننا القول إن هذا الصوت الداخلي غالبًا ما ينظر إليه بوصفه «الحدس».

وللحديث بقية.

 

رئيس حزب الوفد