رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

شخصيا أشعر بالتقدير والإعجاب لجهود الدكتور طارق شوقى وزير التعليم، وكلى أمل أن يكون الرجل البداية الحقيقية على طريق تطوير التعليم فى مصر، العملية التى ندور من حولها منذ عقود، دون أن نحقق تقدما يذكر.

فى تصورى، إن الدكتور طارق يعرف ما يريد وطرق تحقيق ما يصبو إليه، ولذلك أشعر بغصة كلما تابعت أو قرأت عن عقبات تواجه تنفيذ خططه من أناس أتصور أنهم لا يعلمون! وإن كنت أرى أن سلاحه القوى الذى سيجعله ينتصر فى المعركة هو تأييد القيادة السياسية له وإيمانها به وبخبراته. فى سعيه لتنفيذ خططه أرى أن معارضة البعض له بسبب التابلت أو البوكلت أو أشياء من هذا القبيل تفاهات أمام عملية كبرى يمكن أن تنقل البلد نقلة أخرى إلى مصاف الدول المتقدمة إن شاء الله.

وفى تقديرى، إنه لو نجح الدكتور طارق فى أهم قضيتين تصبان فى مسار تطوير التعليم لكفاه ذلك فخرا، وهما القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية وتغيير فكرة وثقافة الناس حول التنسيق والدرجات، ومتابعة تصريحاته تشير إلى أنه لديه الرؤية لتحقيق هذا الهدف، والمهم هو الأدوات.  

ومع ذلك القدر الكبير من التعاطف مع وزير التعليم وخططه، فإننى وجدت صعوبة كبيرة فى تقبل رؤيته بشأن آلية توفير الموارد لتطوير التعليم، وهى الآلية التى بدت لى غريبة وتتطلب قدرا من المناقشة والأخذ والرد، ولأننى لست خبيرا بالتعليم وقضاياه أكتب هنا بحذر، وعلى ذلك فهذه السطور ليست مناقشة لقضية تطوير التعليم وإنما هى تطوف حول فكرة تمويلها.

باختصار شديد، تقوم رؤية الوزير على الاعتماد على آليات غير رسمية لتوفير التمويل وقد عبر عن ذلك الأسبوع الماضى خلال مؤتمر الأسبوع الأول للتنمية المستدامة بقوله: «عايزين نحوش عشان نصلح التعليم». وقد قدم خلال مناسبات مختلفة تفصيلا لتلك الرؤية ومن بينها تأسيس وقف خيرى لتكملة مسيرة إصلاح وتغيير منظومة التعليم. والفكرة المبدئية أن يكون هذا الوقف ممثلا فى صندوق رأسماله 200 مليون جنيه يتم بشكل أساسى من خلال مشاركة المجتمع المدنى، فضلا عن حملة دعائية تستهدف المصريين فى الخارج للمساهمة فى الصندوق.

مع كل التقدير لهذا الطرح، فإن مصدر التحفظ عليه، هو أنه ينأى بتمويل العملية التعليمية عن مسارها الطبيعى وكونها تتم من خلال ميزانية الدولة، وهو ما يصب فى خانة تهميش دور الدولة، ويورد الشبهة على تفكيكها، لصالح مسار آخر، رغم حقيقة أن من يقوم على هذا المسار هو أجهزة الدولة بعينها. وإذا كان هناك قلق عام من أن هناك مخططات من قبل الخارج لتفكيك الدولة، فإن الفكرة التى يقدمها الدكتور وطارق ونظراؤه تمثل عودة لما قبل دور الدولة، على غرار المجتمع القبلى الذى تدور فيه الأمور وديا، دون إطار رسمى ينظم خطط هذا المجتمع. وما يزيد من القلق بهذا الشأن هو تحول هذا النوع من التفكير إلى حالة عامة يمكن ملاحظة وجودها فى أكثر من مجال ليس هنا موضع التفصيل بشأنها.

مؤدى ما سبق، إن خطط تطوير التعليم يجب أن تتم من خلال مصادر الدخل السيادية للدولة، ممثلة فى الضرائب وغيرها من رسوم على أنشطة تعليمية.. إلخ. صحيح أن هناك تجارب قام فيها المجتمع المدنى بدور مثل نشأة جامعة القاهرة، فضلا عن قيام بعض الجامعات فى الخارج على أساس وقف خيرى، إلا أن هذه أنشطة جزئية ما يصح معها لا يصح مع نشاط شامل مثل العملية التعليمية ككل. وإذا كان وزير المالية معيط أعرب عن أمنيته الإنفاق على نظام تعليمى يخفف عن أولياء الأمور، فإن ذلك البند – التعليم – يجب أن يحل فى مرتبة رابعة إلى جانب البنود الثلاثة الأخرى التى تمثل أولويات الدولة من وجهة نظره وتوجه لها مواردها وهى زيادة معدلات الإنتاج والتشغيل وتحسين حياة المواطنين.

وفى تصورى، إن الدكتور طارق ومن يشايعونه لن يجدوا مشقة كبيرة فى وضع ما يمكن اعتباره خارطة طريق لزيادة الموارد بشكل رسمى يصب فى خانة تلك التى يجب تخصيصها للتعليم، قد يكون ذلك هو الطريق الأصعب ولكنه الأكثر منطقية وعملية، فضلا عن كونه الأكثر مؤسسية!

[email protected]