رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجرد كلام

 

 

 

على مسئولية القناة العاشرة بالتليفزيون الإسرائيلى، فإن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يستعد للقيام بزيارة رسمية للسودان خلال الأسابيع المقبلة يلتقى خلالها مع الرئيس عمر البشير لبحث فرص تطبيع العلاقات بين البلدين، وذلك عقب مباحثات سرية بين مسئولين سودانيين وإسرائيليين جرت فى مكتب أحد رجال الأعمال الأتراك فى مدينة اسطنبول لوضع اللمسات الأخيرة لهذه الزيارة والاتفاق على جدول أعمالها.

أما الرئيس التشادى، إدريس ديبى، فقد قال منذ عدة أيام خلال زيارته لإسرائيل إنه على استعداد للتوسط بين الخرطوم وتل أبيب لإقامة علاقات دبلوماسية بينهما، وهو ما اعتبره البعض تلميحاً واضحاً يؤكد صحة ما أذاعته القناة الإسرائيلية، رغم أن أحد القادة البارزين فى حزب المؤتمر الوطنى الحاكم فى السودان يدعى عبدالسخى عباس  نفى بشدة نية السودان استقبال أى مسئول إسرائيلى قبل أن تحل القضية الفلسطينية، ويحصل الشعب الفلسطينى على دولته المستقلة.

صحيح أن السخى نفى أنباء زيارة نتنياهو للخرطوم، لكنه لم ينف وجود اتصالات سرية مع إسرائيل وهو ما يعيد إلى الذاكرة قضية اليهود الإثيوبيين«الفلاشا» الذين هاجروا لإسرائيل عبر مطارات سودانية خلال فترة حكم الرئيس الأسبق جعفر نميرى، الذى نفى تماماً مساعدته فى هجرتهم، ثم تبين فيما بعد أنه شخصياً أجرى لقاءات سرية مع مسئولين إسرائيليين فى العاصمة الكينية «نيروبى»، تم خلالها الاتفاق على كل الخطوط العريضة للعملية!

بعض السودانيين المعارضين للرئيس عمر البشير يرون أن الخرطوم تراهن على زيارة «نتنياهو» لفك عزلتها الدولية، وعلى قدرة إسرائيل على إقناع إدارة الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، بمساندة «البشير» وتقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية لبلاده، فى نفس الوقت الذى يوجد فيه قطاع من النخبة السودانية يرحب بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، لأنه يرى أن السودان ليس بلداً عربياً، وأن انتماءه الإفريقى هو الغالب عليه عرقياً وثقافياً، وهؤلاء هم الذين يؤمنون بشعارات «الإفريقانية» فى مواجهة التيارات العروبية التى تسيطر من وجهة نظرهم على القرار السياسى فى السودان بدون وجه حق، كما يرون أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل مكسب لهم فى صراعاتهم مع هذه التيارات!

فى تقديرى الخاص أن زيارة «نتنياهو» للسودان- لو تمت فعلاً- ستكون كالقنبلة الموقوتة التى ستهز كل أرجاء السودان بمجرد انفجارها، فكوادر تيارات الإسلام السياسى التى تقف خلف نظام «البشير» ستتجه للتخلى عنه، لأنها لن تستطيع ابتلاع هذه الزيارة من الناحية الدينية خاصة مع تعقد قضية المسجد الأقصى بعد قرار حكومة «نتنياهو» باعتبار «القدس»عاصمة لإسرائيل، أما التيارات الليبرالية واليسارية التى تطالب بإصلاحات سياسية واسعة ستعتبر هذه الزيارة فرصة لتحريك الشارع ضد الحكم، وفى خلفية كل هذه السيناريوهات تبدو فرص اشتعال صراعات الهوية  بين «الإفريقانية» و«العروبة» كبيرة وواسعة، بما يهدد بعودة شبح تقسيم السودان إلى عدة دويلات إلى الواجهة من جديد، سوف يصاحبها بالتأكيد حروب أهلية واقتتال قبلى.

أقصى ما يمكن أن تقوم به«الخرطوم» هو الاستمرار فى اللقاءات السرية مع مسئولين إسرائيليين، وحتى لو اضطرت لاستقبال «نتنياهو» فإنها ستفكر ألف مرة قبل إقامة علاقات دبلوماسية مع حكومته.