عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

هل ضاقت أرض الله بما رحبت، أو ألم تعد أرض الله واسعة حتى تحتوي بني البشر المنتشرين في ربوعها، واقع الأمر أنها ضاقت في أجزاء، ومازالت رحبة ومليئة بالخيرات في أجزاء أخرى. أما وإن أحوال الدنيا هكذا فإن قوانين الطبيعة تأخذ مجراها مع بني البشر الذين تضيق بهم دنياهم، وتضن عليهم أرضهم بما يكفي لسد الأفواه الجائعة، وتحقيق الطموحات المتواضعة. أولى أبجديات هذه القوانين وأيسرها وأقربها إلى التفكير هي النزوح. أي نزوح الإنسان من المكان الذي قلّ فيه الكلأ والماء الى مكان آخر يتوفر فيه ما يحتاجه الإنسان من طعام وشراب. وقد شاهدنا في السنوات الأخيرة الكثير من موجات النزوح البشري بأعداد هائلة سواء نتيجة للحروب مثلما حدث في رواندا وجنوب السودان وسوريا والعراق وغيرها من مناطق العالم التي ابتليت بالحروب أو نتيجة لأوضاع اقتصادية بائسة نشأت عن كوارث طبيعية أو سياسات فاشلة.

وتجري عمليات النزوح غالبًا تحت ظروف غاية في القسوة. إذ تضيع أعداد كبيرة في ظلمات الصحاري المقفرة، كما تبتلع مياه البحار والمحيطات آلافًا أخرى، ومن ينجو منهم من قوى الطبيعة يقابل بالرفض من جانب مضيفيه الذين ينظرون إليه بعين الريبة والشك باعتبار أنه جاء ليقتسم معهم لقمة العيش أو الاستيلاء على نصيبهم منها. وهذا هو الوضع الذي نشاهده الآن على شاشات التلفزيون وهي تتابع نزوح الآلاف الحاشدة من دول وسط أمريكا إلى الولايات المتحدة الأمريكية واستقبال السلطات الأمريكية لهم بإطلاق الغاز المسيل للدموع والتهديد بإعادتهم بالقوة إلى الدول التي زحفوا منها. أوضاع إنسانية ضاغطة ومن يدري ماذا يخبئ الغد. بالأمس القريب كان كثير من هؤلاء المشردين ينعمون بقسط وافر من الاستقرار والسكينة في أوطان لم يكونوا يرضون باستبدالها بثروات الأرض. ولنا فيما جرى لأشقائنا في العراق الدولة البترولية الثرية،العظة والعبرة. بل إن لنا  فيما جرى في الولايات المتحدة ذاتها من حرائق في ضواحي مدينة لوس أنجيلوس بولاية كاليفورنيا، وهي منطقة سكنى الأثرياء، ما أسفر عن قتل العشرات وفقد ونزوح الآلاف خير دليل على أن نوائب الأيام ليست حكرًا على شعوب دون غيرها وأن دوام الحال من المحال. فخير لنا جميعا ألا نضيق بمن جار عليه الزمن واضطره إلى النزوح طلبًا للأمن أو سعيًا وراء لقمة العيش، بل على العكس ينبغي علينا وضع أنفسنا في مكانه ومد يد العون والمساعدة علّها تخفف من معاناته.

ويبدو أن مصاعب العيش لم تعد وقفًا على منطقة جغرافية معينة. فها هي فرنسا تشهد اضطرابات بدأت سلمية وتطورت إلى أعمال عنف احتجاجًا على زيادة ضرائب المحروقات. ويبدو أن بريطانيا العظمى في طريقها إلى سنوات من المعاناة نتيجة تطبيق قرار الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. وأولى بشائر المتاعب وردت من الأصدقاء حيث أدلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريح مفاده أن الولايات المتحدة قد لا تتمكن من إجراء صفقات تجارية مع بريطانيا بعد البركسيت.

ورغم متاعبها فإن القارة الأوروبية تظل الأكثر بعدًا عن المشاكل الكبيرة التي تحفل بها قارتنا الإفريقية وأمريكا اللاتينية. وقد أكدت مجلة الايكونوميست البريطانية أن إفريقيا ستضم ثلث سكان العالم بحلول عام ٢١٠٠. ولنا أن نتخيل تأثير ذلك على مجرى الأحداث. وربما كان هذا ما دفع وكالة ناسا للفضاء إلى التركيز على استكشاف كوكب المريخ علّه يوفر مكانًا رحبًا لسكان الأرض.