رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

كم هى المبكيات المضحكات فى حياتنا المصرية وآخرها الجدل الدائر حول مساواة المرأة بالرجل فى الميراث.. والمثير للشجن والسخرية فى ذات الوقت أنه من المعروف بالضرورة فى مصرنا الحبيبة أن الكثير من الناس لا يعملون بالقاعدة القرآنية أن للرجل مثل حظ الانثيين ويطبقون من عندياتهم قواعد المصلحة الذكورية ويصبح للرجل مثل حظ أربع من الإناث وربما عشر وفى مجتمعات كالصعيد كثيرا ما تحرم الأنثى من الميراث حتى لا يذهب الطين الى عصب غريب.. وهنا فإن دعوة البعض للتفكير والحوار حول المساواة فى الميراث قفز على واقع مزرٍ تفقد فيه المرأة الكثير من حقوقها مثلما هو الحال عند الطلاق أو طلب الحضانة أو النفقة أو العمل أو حتى الحق فى أمنها الشخصى، كما أنها تجابه بثقافة تمييز سلطوية ذكورية بغيضة ومتخلفة تعتبر شرف العائلة علا شأنها أم صغر معلقا بعفة البنت أما الذكر شابا أو شيخا فإن انحرافه وفساده لا يمس شرف العائلة ولا يهز عرشها.. وهناك وجه آخر مضحك فى القضية وهو أن الداعين للمساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث ومعظمهم من الرجال يتجاهلون أو يجهلون أن هضم الحقوق ليس وقفا على النساء وفى حالات كثيرة يكابد الرجل ظروف القهر والكبت واحتقار انسانيته وحقه فى الحياة الكريمة وحقه فى العدالة وتكافؤ الفرص وحقه فى أن يتنفس بحرية دون رقيب.. يعنى الكل فى الهم سواء والقهر يولد القهر ويتحول المقهور الى قاهر لغيره كلما واتته الفرصة وساعدته الظروف.. الثقافة السلطوية متجذرة فى نفوسنا وكل واحد منا يمثل فى دائرة حياته دولة هو حاكمها وقاهرها وناهبها وطاغيها وربها الأعلى.. الأمر ينطبق على الرجل والمرأة والكل يتبادل الأدوار – المقهور بالصباح قاهر فى المساء: أخذتنى الدهشة حين انبرى أحد اساتذة الفقه المقارن المعروف عنه سباحته ضد التيار وقال فيما قال إن المساواة فى الميراث بين المرأة والرجل ليست عوارا فقهيا وإنما ضرورة عصرية.. والحقيقة أن مصدر دهشتى وحزنى أيضا أن أحدا من رجال الفقه سواء سابحا ضد التيار أو مندفعا معه لم يكلف نفسه يوما أن يقول ويكرر بأن المساواة بين الناس فى فرص العمل والحياة والحرية والعدالة تتقدم على المساواة فى الميراث وأن الناس اذا صلحت اخلاق دنياهم صلحت أمور دينهم.. لم يكلف فقيه أو مثقف من الداعين الى تجديد الخطاب الدينى والمساواة فى الميراث نفسه عناء الصدق مع الله والنفس ويقول إن العدل أساس الملك وإن الأمم الكسيحة لا يجدى معها تجديد خطاب أو توحيد خطب الجمعة.. أنا شخصيا لست ضد المساواة فى الميراث بين الرجل والمرأة ولكنها خطوة يجب أن تسبقها مشاوير من أجل نيل الحرية والكرامة والعدالة وعدم التمييز.. ويجب أن يسبقها ترسيخ حقيقى لقواعد دولة مدنية حقيقية لأن من يمنح الناس باسم الله يستطيع أن يمنع عنهم وباسم الله أيضا.. الحقوق لا تسترد بقرار لأن من بيده وحده أن يتخذ قرارا بيده أيضا أن يلغيه.. الحقوق تعود بالنضال المدنى السلمى الجاد والمنظم، وأتصور أن أى نظام سياسى على درجة من الوعى سيجد من مصلحة استقراره وتطور الأحوال فى عصره أن ينظر لهذا النضال المدنى السلمى على أنه ظهير له وليس عدوا.. قوة مضافة وليس خصما من رصيد.. واذا كنا قد جربنا لقرون ثقافة الرجل الواحد والسلطة المطلقة – وعايشنا لقرون النتائج الكارثية لهذا الأمر – أفلا يغرينا تجربة طريق آخر نشترك فيه جميعا.