رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

«اضربها.. اكسر دماغها عشان تتأدب».. اكسر للبنت ضلع يطلع لها أربعة وأربعين» مقولات عديدة توارثها مجتمعنا الحنون المحترم فى التعامل مع الأنثى، التى يعتبرها كثيرون حتى الآن «رغم التقدم والحضارة والمدنية والانفتاح» يعتبرونها عورة وعاراً، فيسيء الأب لابنته، والأخ لأخته.. ويكون التعامل معها بالعنف والإهانة، لا بالحب والحنان والاحتضان والتفاهم، ينسى الأب والأخ أن الأنثى كائن رقيق كورق الياسمين، إذا ما خدشته، يفقد رائحته، إذا ما أهنته، وأهدرت كرامته، انكسرت نفسه، وماتت فيه أشياء جميلة أهمها الحب والاحترام للذات أولاً ثم الحب والاحترام للرجل، ونشأ لديها شعور كريه بالنفور والتمرد والرغبة فى الانتقام، قد يصل بها إلى حد الانتقام من نفسها شخصياً لتسبب الإيذاء النفسى لوالدها أو شقيقها الذى أهانها وتضع رأسه فى «الطين».

وكارثة الكوارث أن تنتقل الفتاة المعنفة المدمرة نفسياً من بيت والدها، إلى بيت زوج ليس أكثر رحمة أو حباً وتفاهم، وغالباً ما تلجأ مثل هذه الفتيات إلى قبول أى زوج يدق بابها دون تفكير عميق أو تروى، لمجرد أن تهرب من العذاب والإهانة التى تجدها فى بيت والدها، ولتكمل معها المأساة إلى زوج أكثر عنفاً وايذاء نفسياً وجسدياً لها.. أو ننكر أن هناك أزواجاً «يغتصبون» زوجاتهم ويجبرنهن على العلاقة الزوجية مهما كانت متعبة أو مريضة أو غير ممهدة نفسياً، وينسون تعاليم الدين بضرورة الرفق بالزوجة، وأن يقدم الرجل لنفسه، ولا يكون كـ«البعير» مع زوجته.

ما أكثر الأيام والاحتفالات العالمية المصرية التى تقام من أجل حماية حقوق المرأة ومن أجل حمايتها من العنف، وحمايتها من التحرش وحمايتها من.. ومن، ولكن هل الأيام والاحتفالات هذه كافية بالفعل لإيقاظ مجتمعاتنا التى تربت ونشأت على التفرقة العنصرية فى المعاملة بين الولد والبنت، والتى ترسخت لديها مفاهيم ذهنية تراكمية على أن البنت إذا ضربناها أدبناها، وإذا قمنا بحبسها فى البيت كنا بذلك نحميها من الانحراف، لا تكفى الأيام الاحتفالات، بل نحتاج إلى إيقاظ للوعى، وتصويب للمفاهيم التى يختزنها الرجل الشرقى عامة المصرى خاصة تجاه المرأة، فلا يراها مجرد خادمة أو وعاء، بل كيان له احترامه، وشريك كامل فى الحياة، وسند، أن كسره، أن حاول تدميره، فقد السند وفقد السعادة، وتفكك المجتمع بفعل الكراهية ورغبات الانتقام.

ألم يوصينا رسولنا الكريم وكل تعاليم الأديان السماوية بالرفق بالأنثى، بالقوارير، أليس من الأفضل أن نعامل فتياتنا على الاحترام وعلى الثقة بالنفس والمصارحة التامة لا الخوف، أن نربيها على الضمير الواعى وليس الضمير الخائف، أن نعلمها الصح والخطأ ونمنحها الثقة فى نفسها، ونتركها تواجه الحياة مع المراقبة عن بعد والتوجيه الحنون، والتدخل للحماية وقت اللزوم أو الخطر، أليس هذا جديراً بأن ينشئ لدينا أجيالاً من فتيات وأمهات معتدة بنفسها، منطلقة للحياة والعمل، أجيال سليمة نفسية لا سيكوباتية ولا تعانى من أى عقد نقص فى حياتها، لأن هذه العقد تنعكس بالتالى على أسرتها الجديدة وعلى تربيتها لأبنائها، فتورث بدورها لأبنائها كل هذه الأحزان والعقد، فالأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق.

والاحصائيات صادمة تلك التى تسجلها أجهزتنا الرسمية والدراسات الاجتماعية فالنساء وأسرهن يتكبدن أكثر من 4 مليارات جنيه سنوياً بسبب العنف ضد النساء، وتفقد الدولة نحو نصف مليون يوم عمل للنساء المتزوجات الناجيات من العنف، وتوجد فى مصر أكثر من 7 ملايين و888 ألف امرأة تعانى من العنف بجميع أشكاله سنوياً سواء على يد الزوج أو الخطيب أو أقارب أو غرباء، وتصاب أكثر من 2 مليون امرأة بنوع واحد أو أكثر من الإصابات نتيجة لعنف الزوج أو الخطيب، وتعانى نحو 2 مليون و288 ألفاً نفسياً نتيجة للعنف بجميع أنواعه سنوياً، وأكثر من مليون امرأة تترك المنزل سنوياً بسبب هذا العنف... وللحديث بقية.

 

[email protected]