رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

أصبح «تجديد الخطاب الديني» عنوانًا «مستهلكًا» يتصدر كافة وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة، من دون وجود أي ممارسات، أو نتائج ملموسة على أرض الواقع، ليصبح الأمر «عادة شكلية» وردِّ فعل «تلقائي» للخطابات التكفيرية.

بين حين وآخر، يحتفي رسميون وإعلاميون بـ«هوجة» ما يسمى «تجديد الخطاب الديني»، الذي أصبح محصورًا في شكل بروتوكولي خلال بعض «المهرجانات والمناسبات الخطابية»، التي تنتهي سريعًا.. اعتمادًا على ذاكرة المتلقي «المتآكلة».

خلال عقود طويلة متعاقبة، لم يقترب أحد من الخطاب الديني «المتكلس»، في ظل وجود إشكاليات تعوق عملية التجديد، بدءًا بمفهوم الخطاب الدعوي، مرورًا بضعف منهجية الاختيار وطريقة العرض، وليس انتهاء بقصوره في التواصل مع التراث.

هذا القصور يمكن رصد أهم معالمه في التعميم، أو الانتقاء، كما سنكتشف أن الخطاب الديني الرسمي المعاصر في عالمنا الإسلامي يتعدد ويتنوع تبعًا لمؤسسات الحكم، أو الجماعات والشخصيات التي يصدر عنها.

ويمكننا ملاحظة أن موقف التجديد من بعض القضايا الشائكة قد يتأثر بعلاقته بالسلطة السياسية، أو النخبة الحاكمة، التي تهمش بعض القضايا، أو تمحوها من دائرة خطابها الديني الرسمي، بينما تجعل من البعض الآخر مُركزًا وموجَّهًا.

«تجديد، سمات، نقد، آليات الخطاب الديني».. كلها عناوين متقاربة في غاياتها، إلا أنها لم تستطع وضع يدها على موضع الجرح، ولذلك لابد من وضوح ماهية الدين، أو مرجعيات هذا الخطاب ومنابعه.

نتصور أن تجديد الخطاب الديني يعتمد على تحديد إشكالية إعمال العقل.. أو حاكمية الجهل، وقداسة النصّ أم نصّ القداسة، وكذلك آليات فهم النصّ، ومَن وضعها.. ومَن هم أهل الدين، وما سماتهم، ومَن حدد هذه السمات، وهل اتفق المسلمون عليهم؟

إن عناصر ومكونات الخطاب الديني كان لها دور فاعل ومؤثر في تغيير البنية الفكرية للمجتمع الإسلامي منذ القرن الأول الهجري وحتى يومنا هذا، الذي يشهد تطرفًا وانحرافًا عن تلك القيم والمبادئ والنتائج التي أفضت إلى القتل والذبح والسبي.. ورفض الآخر.

ويبقى تساؤل مهم: أين القرآن وبيانه، والسُّنة الصحيحة وهديها، والصحابة وإيمانهم، و«التابعون» وسلوكهم.. وهل كانت فترة الإسلام الأولى فاقدة لسمات الخطاب الديني الذي ينادي به «الخلف»، أم أن دعوات التجديد يراد بها تحقيق ما عجز عنه بعض «السلف»؟

أسئلة كثيرة لا تجد إجابات واضحة، ولذلك هناك حاجة لتصحيح الفكر الإسلامي من الصور المشوهة التي رسَّختها الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وكرَّسها المتطرفون والجهلاء على حدٍّ سواء، من خلال المؤسسات الدينية المعتبرة لنقد التفسيرات المغلوطة، أو الفهم الخاطئ.

ولهؤلاء الباحثين عن صيغة جديدة لتجديد الخطاب الديني نقول إن هناك بعض القضايا التي تجاوزها الزمن، ولم تعد صالحة لتوجيه السلوك الإنساني في حياتنا المعاصرة، لأن لكل أمة خطابًا يعبر عن واقعها الحضاري.

وإذا كان الخطاب الديني يشكل جوهر الخطاب الإنساني بين البشر، فلابد أن يكون رافضًا لسلبية الجمود، متفهمًا في الوقت ذاته ضرورة السعي للتجديد فيه، مع مراعاة الثوابت وعدم المساس بها.

إن المقصود بالتجديد هو تجديد الفهم والوعي الديني، الذي أنتجه العقل الإنساني في علاقته مع الدين «تاريخيًا»، فهمًا وتأويلًا وتفسيرًا، وليس المقصود تجديد النص نفسه من خلال الحذف، أو التغيير، أو الإضافة.

نتصور أن التجديد يعني تحديث الرؤية الإنسانية للإسلام، التي تستهدف إعادة النظر النقدي لمجمل التراث الإسلامي، بتناولها المتغيرات والثوابت، وتتوافق مع مجمل التطورات الإنسانية الراهنة.

[email protected]