عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

فتح الرئيس السيسي الباب على مصراعيه لسؤال كبير لم يجب عنه أحد، منذ اندلاع الصراع العربى الإسرائيلى ونشوء دولة إسرائيل، التى تم وصفها فى أدبيات السياسة العربية  منذئذ بالمزعومة. كان الرئيس يتحدث للمؤتمر الدولى للشباب  عن الحرية الدينية حين قال: إن الدولة معنية بأن تبنى الكنائس لمواطنيها فى كل مجتمع جديد، لأن لهم الحق فى العبادة كما يعبد الجميع، ولو عندنا يهود حنبنى لهم، ولو عندنا فى مصر ديانات أخرى، سنبنى دور عبادة خاصة بهم.

والسؤال الذى استحضره كلام الرئيس هو: هل خدم خروج اليهود العرب قسرا أو بإرادتهم من الدول العربية القضية الفلسطينية؟ هل كان داعما للصراع العربى مع إسرائيل، أم أنه عضد مكاسب الطرف الآخر؟

كانت مصر منذ نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين أكثر الدول العربية جذبا للطوائف اليهودية، وملاذا  أمنا لمن تعرض منهم لاضطهاد  فى موطنه الأصلى فى الدول الأوروبية. وتراوح عددهم فى العقدين الأولين من القرن الماضى بين 80 ألفا و400 ألف  يهودى، تجنس بعضهم بالجنسية المصرية، فيما اختار  البعض الآخر الاحتفاظ بجنسيتهم الأوروبية، لكن المؤكد أن القسم الأكبر منهم قد شارك بفعالية  فى مختلف الأنشطة التجارية والبنكية والثقافية والفنية، وبرعوا فيها، بل احتكر عدد منهم بعض الحرف والمهن.

فى كتاب  سيرتها «المولودة» تروى مارى روزنتال التى أصبحت فيما بعد الكاتبة المصرية نائلة كامل، الظروف المعقدة التى أحاطت بنشأتها فى مصر داخل أسرة أوروبية لأب يهودى مصرى وأم إيطالية مسيحية، والنظرة الاجتماعية المتسامحة  التى كانت سائدة تجاه الجاليات الأوروبية داخل مصر بشكل عام واليهود على وجه الخصوص، وكيف شهدت هذه النظرة انقلابا جذريا إلى النقيض فى أعقاب الهزيمة العربية أمام إسرائيل فى حرب 1948. فقد أجبرت حكومات العهد الملكى سجينات يهوديات يحملن الجنسية المصرية على مغادرة البلاد عنوة برغم اعتزازهن بمصريتهن، فخرجن بتذاكر سفر دون عودة، ولم تجد بعضهن ملاذا سوى الذهاب إلى إسرائيل، بينما تم إجبار قادة اليسار المصرى اليهود على المغادرة دون عودة، ورفض أغلبهم الذهاب إلى إسرائيل، وعاشوا فى فرنسا. هذا فضلا عن استجابة كثيرين من اليهود العرب  بشكل طوعى إلى  دعوات المنظمات الدولية الصهيونية  التى كانت تحتفظ بمقرات لها  فى عدد من العواصم العربية للهجرة إلى فلسطين، بالإضافة إلى الذعر الذى انتابهم، من المظاهرت التى نظمتها جماعة الإخوان المسلمين مع بدية حرب 1948وهى تهتف فى أرجاء القطر المصرى «اليوم يوم الصهيونية، وغدا يوم النصرانية» وهو ما جعل عدد اليهود الذين خرجوا من مصر والدول العربية  حتى العقد الأول من ستينيات القرن الماضى، ولا سيما بعد العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، يصل لنحو  65%من سكان الدولة الإسرائيلية!

 ولعل مناخ الحرية الدينية الذى يشيعه  خطاب رئيس الدولة  آناء  الليل وأطراف النهار، وتعرقله التيارات السلفية داخل مؤسسات الدولة وفى الحياة، هو ما استدعى طرح السؤال عن الفائدة التى عادت علينا، من هجرة اليهود العرب من بلداننا؟

كما لعله يعود إلى متابعة حركة اليهود الليبراليين  فى الولايات المتحدة الأمريكية، الذين شاركوا العام الماضى فى مظاهرات عارمة فى المدن الأمريكية ضد نقل السفارة إلى القدس المحتلة، واعتراضهم  على سياسات الحكومة الإسرائيلية الوحشية ضد الشعب الفلسطينى. وقبل أيام شكلت مظاهرتهم ضد سياسة الرئيس الأمريكى ترامب الخاصة بالهجرة وفصل أطفال المهاجرين  عن أسرهم  وضد الأقليات بشكل عام التى بنيت على  أكتافهم الدولة الأمريكية، تحديا قويا  لإدارته.

هل ترانى عزيزى القارئ قد أجبت عن السؤال المطروح، فإذا لم أكن قد فعلت، فأعد قراءة  المقال وقدم  أنت الإجابة عنه بنفسك .