رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

فى كل عام يجرى الاقتراع على القرار الذى يدعو إسرائيل لإعادة مرتفعات الجولان إلى سوريا، وهو اقتراع لا يسمن ولا يغنى، وكأنها عادة ذر الرماد فى العيون، ولكن هذا العام صوتت الولايات المتحدة الأمريكية، لأول مرة، ضد القرار، وبالتالى لا مناص الآن من القول إن الحديث يدور عن خطوة مهمة على طريق التقدم الأمريكى باتجاه تبنى الموقف الإسرائيلى، خاصة أمريكا تبرر ذلك بأنه لم يعد بإمكان الولايات المتحدة الأمريكية الامتناع عن التصويت فى الوقت تقوم فيه الأمم المتحدة بالتصويت غير المجدى حول مرتفعات الجولان بل وتجاوزت ذلك إلى ادعاء أن المصلحة الإسرائيلية تتطلب تقديم العون للأمريكيين لتنفيذ الخطوات التالية فى هذا الاتجاه حتى يتم الاعتراف الرسمى من جانبهم بإسرائيلية مرتفعات الجولان.

والجميع يعلم بالطبع أن وجهة النظر الإسرائيلية ترى أن مستقبل مرتفعات الجولان ليس موضع نقاش، ومنذ فرض السيادة من قبل حكومة مناحيم بيجن فى عام 1981 أصبح تحويل المرتفعات إلى جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل حقيقة واقعة، ولدى إسرائيل كل التبريرات الكاذبة لعدم تقديم التنازلات لسوريا فى الجولان، وعلى رأسها الادعاءات التاريخية بأن المنطقة أرض يهودية، ويساعد إسرائيل كل ما حدث فى سوريا من قبل الأطراف المتصارعة فى الحرب الأهلية وبالتالى سيتم استغلال ذلك لتحقيق الاعتراف بضم مرتفعات الجولان إلى إسرائيل، وبالطبع لم يجئ هذا الاعتراف بين ليلة وضحاها، بل إن إسرائيل وظفت الوجود الإيرانى فى سوريا من أجل تحقيق أغراضها وانتزاع اعتراف أمريكى بسيادتها على الجولان المحتلة، وهذا أمر له دلالة مهمة، ويعنى أن إسرائيل ليست معنية بخروج إيران من سوريا كما يتردد، بل تسعى فقط إلى تسليط الضوء على خطر ميليشيات إيران ومن ثم الحصول على تعهدات أمريكية وروسيا بلجم أى خطر قد ينجم عن الوجود الإيرانى فى سوريا.

وأعتقد أن خروج إيران من سوريا قبل تحقيق أهداف إسرائيل من هذا الوجود سيكون صادماً لتل أبيب، التى تحاول إطالة أمد هذا الوجود بموازاة الحد من خطره، حتى تتحين لها فرص الاستفادة الاستراتيجية منه إلى أقصى مدى، إلى جانب أن الولايات المتحدة اتخذت قرارين مهمين جداً، وهما نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، والانسحاب من الاتفاق حول برنامج إيران النووى، مما يغرى إسرائيل بالسعى لاستكمال مكاسبها الاستراتيجية عبر تحديد مصير هضبة الجولان المحتلة.

وفى الواقع أن إسرائيل تعتبر الجولان حيزاً استراتيجياً لن تتخلى عنه، بعدما سيطرت على معظم أراضى المنطقة فى حرب الأيام الستة وللأسف نجحت الضغوط الإسرائيلية فى الحصول على اعتراف أمريكى مباشر بضمها لإسرائيل، فى الوقت الذى أصبحت فيه سوريا تحت رحمة تقسيم محتمل بين القوى الدولية، فهناك روسيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، وأطماع تركيا وتغلغل النفوذ الإيرانى، ومن ثم فمن البديهى أن تفكر إسرائيل فى اقتناص هذه اللحظة لتحقيق حلم السيطرة على هضبة الجولان نهائياً، الأمر الذى يتطلب تحركاً عربياً لا يكتفى بإطلاق التصريحات الرافضة والمنددة وغير ذلك، ولكن عبر الضغط باتجاه انقاذ الجولان بأكملها من مخالب إسرائيل، ولن يحدث هذا إلا بالتزامن مع تحقيق الأمن والاستقرار وعودة اللاجئين والنازحين، بما يغلق الباب نهائياً أمام خطط التهام أراضى سوريا لمصلحة إسرائيل وبمساعدة الأمريكان كما يحدث دائماً.