رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

كلمة عدل

 

استكمالاً للحديث الذي بدأته أمس، عن العظماء الذين غيروا وجه التاريخ علي الأرض، أستكمل اليوم الكلام عن الفيلسوف أفلاطون الذي كان من أهم أعماله الدفاع عن سقراط ولاخيس "حوار حول الشجاعة" وخارمنيدس "حوار حول المثابرة" وأيتيفرون "حول التدين" وبروتاجوراس "حول الفضيلة"   و جورجياس "في نقد الأنانية"و "كراتيل " حول اللغة، والهيرواقليطية والاسمية، ومينون "حول إمكانية تعلم الفضيلة"، وفايدروس "توضيح العلاقة بين الروح والفكرة" وتياتيت "حول المعرفة ،والقانون "يعرض فيه إضافات لنظريته حول الدولة المثالية".

أما المأدبة"حول الحب": يبين هذا الحوار، كيف أن ولوج الحقيقة يمكن أن يتم بطرق أخري غير العقل وليس فقط عن طريقه: لأن هناك أيضاً وظيفة للقلب تسمح بالانتقال من مفهوم الجمال الحسي إلي مفهوم الجمال الكامل للمثال الجلي، والقصة هي قصة الشاعر أغاثون الذي أقام في منزله مأدبة للاحتفال بنجاح أول عمل مسرحي له، وفي هذه المأدبة طلب من كل المدعوين، ومن بينهم سقراط، أن يلقوا كلمة تمجد إله الحب- وخاصة أريستوفان الذي طور أسطورة الخنثي البدئية، ويقوم سقراط من تقريظ الجمال، بمحاولة لتحديد طبيعة الحب، متجنباً الوقوع في شرك الجدال، أخيراً إلي حب العلم لأنه وبسبب كونه رغبة في الخلود وتطلعاً إلي الجمال في ذاته يقودنا الحب الأرضي إلي الحب السماوي، وهذا هو معني ndel- الذي هو أحد أجمل الحوارات- لم تتدن خلال تاريخ الفلسفة كله، حيث نجد صداه، مثلاً في العقيدة المسيحية للقديس أوغسطين الذي كان يعتقد بأن كل فعل محبة هو في النهاية حب للإله.

أما الجمهورية:  يشكل هذا الحوار المجموع في عشر كتيبات تمت خلال عدة سنوات (ما بين العمل الرئيسي لأفلاطون المتعلق بالفلسفة السياسية، يبدأ سقراط بمحاولة تعريف العدالة استناداً إلي ما قاله عنها سيمونيدس، أي «قول الحقيقة وإعطاء كل شخص حقه، هذا التعريف مشكوك في ملاءمته لأنه يجعلنا نلحق الضرر بأعدائنا مما يعني جعلهم بالتالي أسوأ وأظلم، كذلك أيضاً يستبعد تعريف السفسطائي ثراسيماخوس الذي قال بأن العدل "هو ما ينفع الأقوي".

ونصل مع أفلاطون إلي التمعن في مفهوم الدولة العادلة- تلك التي تعني "الانسان مكبراً"القائمة علي مشاعية الأملاك والنساء اللواتي لا يكون التزاوج معهن انطلاقاً من الرغبات الشخصية، إنما استناداً لاعتبارات النسل- تلك المشاعية الخاضعة لمفهوم التقشف الصحي أي المعادي للبذخ، تلك الدولة القائمة علي التناغم والمستندة إلي فصل صارم بين طبقاتها الأساسية الثلاث التي هي: طبقة الفلاسفة أو القادة وطبقة الجنود وطبقة الصناع- والتي هي علي صورة التوازن القائم بين المكونات الثلاث للنفس الفردية، ونلاحظ هنا من خلال العرض أن الطبقة الدنيا(أو طبقة الصناع لا تخضع لمتطلبات الملكية الجماعية لأنها لن تفهمها انطلاقاً من مستوي إدراكها.

ذلك لأن الظلم يشوه بشكل أو بآخر كافة الأشكال الأخري من الدول التي يعددها أفلاطون كما يلي: الدولة التيموقراطية التي يسود فيها الظلم والعنف) الدولة الأوليغارخية (حيث الطمع الدائم واشتهاء الثروات المادية) الدولة الديموقراطية (حيث تنفلت الغرائز وتسود ديكتاتورية العوام) وأخيراً دولة الاستبداد، حيث يكون الطاغية بنفسه عبداً لغرائزه وبالتالي غير عادل.

وأخيراً فإن هذا المفهوم نسبي، حيث إن العدالة لن تتحقق بالكامل، كما تصف ذلك أسطورة إر إلا في حياة مستقبلية أخري:  حيث النفوس وقد حازت علي ما تستحقه من ثواب أو عقاب تعود لتتجسد من جديد ناسية ذكري حياتها الماضية.