رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

مسكينة الفنانة حلا شيحة والله.. فى ظهورها التليفزيونى الأخير قالت وقد فاض بها الكيل: مش عايزة أتكلم فى موضوع الحجاب، وعندها ألف حق.! بعد كل هذه «الدوشة»، لم يتطرق أحد من بعيد أو قريب للمفاتيح التى تفض مغاليق قرارها بالمعنى الإنسانى والثقافى، وتم التركيز على التوظيف السياسى أو الدينى بتغطية إعلامية أقرب لصحافة التابلويد.

وكأن الفنانة حلا شيحة ليست إنسانة لها نشأة اجتماعية وتطور نفسى.. كأنها ليست لها جينات حملتها من الأب والأم.. وكأن حياتها مصمتة مسطحة مع أن حياتها التى عاشتها فى ثلاث قارات كانت تنبئ عن ذلك وأكثر.. ثم من بعد ذلك لم يتوقف أحد عند طبيعة العصر الذى نعيش فيه وتحديدا طبيعة الإعلام والاتصال وأثره على النفس البشرية.. كيف بالله عليكم تجاهل الإعلام كل ذلك؟!.. أول سبب هو: سيادة ثقافة الصورة وتدهور ثقافة القراءة.. وثانيها: هذا الخواء الرهيب فى أدمغة أغلب إعلامنا المرئى.

فعندما يكون حال الوطن كما ذكر مثقف كبير: «بدون حل جذرى وفورى وسريع وقوى لمشكلة السكان لا أمل حقيقيا فى أى مستقبل للوطن. لا الأرض تكفينا ولا الأكل ولا الماء ولا المدارس والمستشفيات ولا المواصلات، وسيظل أغلب سكان مصر من العاطلين يعيشون فى تلوث بيئى وسوف تنتشر الجريمة والفوضى مهما كان نظام الحكم عادلا ووطنيا وفاهما».. عندما يكون هذا هو الحال فإن قطعة القماش التى تغطى الرأس يصبح لها هذه الأهمية الجبارة.. ببساطة لأنها تعوض المظلمة دنياهم عن بؤس الحياة لحلم فى الآخرة..!

وسأركز فى مقالى هذا على ما فعلته وسائل التواصل الحديثة خاصة السوشيال ميديا فى النفس البشرية.. بمفهوم الذات فى عصر القلق والملل بسرعة.. عصر ثقافة الصورة.. عصر الفيرجنز أو نسخ التحديثات المستمرة.. المفكر الفرنسى الراحل جان بودريار يقول: (النفس البشرية فى عصر ما بعد الحداثة هى نفس مفككة متشظية تُسائل نفسها باستمرار).

بلغت حلا شيحة ذروة تشظى الذات وتفككها فى عامنا هذا 2018، ففى أقل من ستة أشهر وبالتركيز على الصورة تحديدا تقلبت من واحد: «اللى هينشر صور لى من أعمال سابقة هو اللى هياخد الذنب، ولا أتخيل أن تعود حياتى كالسابق»، اثنان: «دى صورة هنونا وهى صغيرة فى مدرستها الجميلة (جنى دان) ما شاء اللهم بارك، تعلمت فيها القرآن والأذكار، ودعيت لها تكون من أهل القرآن»، ثلاثة: «لا أحب نشر صور أولادى، معنديش مشكلة ينشروا شيء طيب عنى لعل فيه إفادة ولكن لا أحب أن يدخلوا أولادى فى الموضوع».. أربعة: «أنا راجعة أمثل بأفكار تنتصر للإنسانية»..!

لا أقول ذلك كى أوجه سهام اللوم لها.. فكلنا حلا شيحة فى لحظة تاريخية أو أخرى.. بالعكس هذه هى طبيعة العصر الذى نعيش فيه.

ولعلك عزيزى القارئ تعرف أنه مع وسائل التواصل الجديدة هناك ظاهرة التوق المستمر إلى تحسين صورة الذات لارتباط ذلك بإفراز هرمون الدوبامين فى المخ وهو هرمون السعادة وهو الأمر الذى يجعلنا ندمن وسائل التواصل الاجتماعى.

وتبعا لهذا التحليل لم تحقق صور الاثنتى عشرة سنة المنصرمة من عمر حلا شيحة لها هذا القدر من الدوبامين الذى تسعد به.. أدركت رويدا رويدا أنها مجرد ربة منزل «ميديكور» تدرس الدين الإسلامى والقرآن ما بين الإسكندرية وكندا تنشر صور أطفالها بالأساس.. فنانة معتزلة رأت فى فترة اعتزالها عشرات الصور لفنانين متحققين أو هكذا تصورت.. لماذا؟ لأن التحقق الذاتى لدى الفنان والمثقف يأتى بالخلق الفنى والثقافى.. وهو هدف حلا شيحة للوصول لجمهور أفضل.. أى لمجموعة من المعجبين أكثر تطورا وأرقى من معجبى صور الفيس بوك والإنستجرام، عندها سوف يفرز المخ - مخ حلا شيحة - قدرا أكبر من الدوبامين.

أستاذ الإعلام والدراسات الثقافية بكلية الإعلام جامعة القاهرة