رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

مسلسل سراى عابدين الذى عُرض عام 2014 على قناة خاصة عربية، ولم يعرض حتى الآن على أى قناة مصرية، بالرغم من أنه يحكى تاريخ مصر الحديثة بعد عصور الظلام والجهل التى عاشتها مصر فى حقبة حكم المماليك، وانتهت بالغزو الفرنسى أو ما يسمى تأدباً الحملة الفرنسية على مصر ثم ظهور محمد على باشا وما تبعه من حكام تلك الأسرة العلوية التى وإن كانت لا تنكر جذورها التركية العثمانية، إلا أنها أسرة تمسكت بالمحروسة، وأرادت لها أن تكون دولة ذات شأن تنافس دول الشرق والغرب، وتقف أمام الباب العالى، وهو ما لم يظهره أى عمل كتب عن حكام تلك الأسرة إلا مسلسل «الملك فاروق» والذى كتبته الدكتورة لميس جابر وما دون ذلك فإنَّ معظم إن لم يكن كل ما كتب عن تلك الفترة أظهر الجانب السلبى من الأسرة العلوية، وإن كان الكاتب الكبير الراحل محفوظ عبدالرحمن حاول فى «بوابة الحلوانى» أن يؤكد على وطنية الخديو إسماعيل بن إبراهيم باشا، حفيد محمد على، وأنه مع إسماعيل صدقى المفتش لم يخضعا لضغوط وابتزاز فرنسا وإنجلترا فى اتفاقية ديليسبس الخاصة بقناة السويس والامتيازات المجمعة التى حصلت عليها تلك الدول الاستعمارية.. ومع هذا فإن مسلسل «سراى عابدين» فى الجزء الأول من تأليف هبة مشارى حمادة، وإخراج عمرو عرفة وإنتاج ضخم ومتميز لتلك القناة العربية أم بى سى لم يربط بين ما يجرى على أرض المحروسة مصر من بناء للفرد وللمصريين على المستوى العلمى، ولا من بناء للدولة على المستوى اللوجستى والإدارى والزراعى؛ حيث شهدت تلك الفترة العديد من الإنجازات لكن العمل ركز على الحياة الخاصة للخديو إسماعيل كرجل تحكمه أمه وغرائزه ومشاعره ولم يوضح العمل أى جانب سياسى محلى أو دولى لتلك الفترة المليئة بالصراعات على حكم مصر من الباب العالى أو من دول أوروبا إنجلترا وفرنسا وكيف أن تلك الفترة من التاريخ المصرى كانت فترة تحول سياسى كبير أثرت على مجريات الأحداث، وحولت مصر إلى دولة ذات سيادة وذات موارد ودولة تتجه نحو الديمقراطية وفكرة تواجد مجالس نيابية وإن كان العمل الضخم لهذا المسلسل قد أغرق فى حياة النساء والخدم والجوارى وقضايا النسب والأبناء الشرعيين أو غير الشرعيين وكل ما يتعلق بتلك الأمور الخاصة جداً والتى تثير شهية جمهور بعينه وملتقٍ لا يفكر فى الحياة إلا من هذا المنظور، وأيضاً فى الجزء الثانى من المسلسل اعتمد على أسلوب الأفلام الهندية وحكايات الساحر الصغير وكل الخيال المقبول وغير المقبول؛ حيث المواقف والحكايات تستمد حبكتها من الصُدف والمفاجآت، وكأننا فى عالم ألف ليلة وليلة.. ومع أن الملابس والديكور والتصوير والإخراج كانت إحدى سمات وعناصر القوة والتميز فى المسلسل، لكن الممثل «قصى الخولى» والذى قام بدور الخديو كان له حضور قوى وكذلك الفنانة المبدعة يسرا فى دور «خوشيار» الوالدة باشا، وغادة عادل فى دور الجارية «شمس» وصفاء الطوخى فى دور «سرخانوم».. التاريخ لا يكتب فى غرف النوم أو غرف الخدم والجوارى، وإنما التاريخ يسطره الخالدون بأعمالهم وإنجازاتهم التى تتحدى الزمن، وتعبر العصر وهذا دور الدراما الحقيقى فى التنوير وفى التثقيف وفى المتعة الفنية التى لا تخل بالفن وأدبياته، ولا بالتاريخ وسلطته ووجوده الطاغى على الحاضر والمستقبل.