رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

زمان كان هناك عبارة تتردد تقول «احنا اللي عبينا الهواء في قزايز وبعناه» وكانت هذه الجملة تدل علي الفهلوة والسرعة في النصب والاحتيال علي الناس، ولم أكن أتخيل أن يأتي اليوم الذين نجدها أصبحت حقيقة ويتم بيع الهواء للناس يوميا.

 

نعم تحققت العبارة فعشرات القنوات الفضائية تقوم ببيع الهواء لأشخاص كل موهبتهم أنهم يملكون الأموال لشراء البث ويخرجون علي الناس يروجون لأفكارهم أو للسلع التي يقومون ببيعها أو الهجوم علي شخص أو هيئة أو الدفاع عن شخص أو هيئة.

والغريب أن هذا الأمر يتم بمعرفة المجلس الأعلي للإعلام وشركة النايل سات وهيئة الاستثمار التي منحت لهذه القنوات رخصة شراء القناة ونقابة الاعلاميين، ولم يتحرك المجلس لوقف هذه الظاهرة التي تفرض علينا مقدمي برامج غير مؤهلين وغير موهوبين وغير مثقفين، كل مؤهلاتهم إما أنهم لديهم المال أو وجدوا من يمولهم في إطار الصراع المنتشر بين الشخصيات العامة ورجال الأعمال في مختلف المجالات الصناعية أو التجارية أو الرياضية أو الفنية...الخ.

وظاهرة بيع الهواء كانت موجودة في قناة أو اثنتين منذ سنوات لكن، الآن تمتد إلي أغلب القنوات الموجودة علي النايل سات، ويتراوح سعر ساعة الهواء ما بين 5 آلاف جنيه وعشرة حسب ساعة الذروة للبث، ولا عجب أن تجد برنامجاً يمتد إلى 3 أو 4 ساعات كل شيء بحسابه، ولا تستغرب أن تجد مقدم البرنامج يشتم المخرج أو طقم الإعداد أو يتبادل العطور مع ضيوفه أو يهاجم ضيفه لأنه قال رأي يخالف ما يقوله ولا يعرف يرد عليه لأنه جاهل.

وظاهرة بيع الهواء جعلت جميع قرارات المجلس الأعلي للإعلام حبراً علي ورق، لا تطبق، ولا ينظر إليها، بل تعتبر مزحة للعاملين في هذه القنوات ولا تستغرب أن تجد في قناة واحدة برنامجاً يهاجم مؤسسة أو شخصاً وبرنامجاً آخر يدافع عنها أو عنه، مما يؤكد غياب سياسة تحريرية لها ولكن إدارتها مع من يدفع.

وللأسف الشديد الأجهزة الحكومية تعلم هذا، بل تسمح بتمريره وهناك من يستغل حالة الجهل وعدم الوعي عند مقدمي البرامج المدفوعة مقدماً للهجوم علي الإعلام الجاد الذي يريد كشف الحقيقة وتوعية الناس وكشف العيوب والدفاع عن مدنية الدولة والديمقراطية الحقيقية، وأعداء الحرية يستغلون مثل هذه التصرفات للهجوم علي الإعلاميين والصحفيين رغم علمهم أن هؤلاء جهلة وغير مؤهلين للوقوف أمام الكاميرات كضيوف وليسوا مقدمي برامج.

وللأسف فنقابة الإعلاميين تقف عاجزة عن ضبط المشهد الإعلامى بسبب الصراعات الداخلية أو عدم فهم القائمين عليها، لأسس العمل النقابى وتضارب اختصاصاتهم مع المجلس الأعلي للإعلام والهيئة الوطنية للإعلام، وكنت أعتقد أن الخطوة الأولي لمجلس التسيير هي أن تلزم النقابة بالاتفاق مع المجلس ألا يعمل في التقديم إلا من يكون عضواً في النقابة أسوة بباقي النقابات المهنية الأخرى التي تملك حق منح رخصة العمل للعضو المنضم إليها.

فالقانون الذي تم تمريره لتنظيم الإعلام أعطى مجلس الإعلام الحق في مراجعة ميزانيات هذه القنوات بعد توفيق أوضاعها وكان عليه أن يبدأ بتقنين أوضاع القنوات الفضائية قبل تقنين أوضاع المواقع الإلكترونية وعليه أن يراجع مؤهلات ومهارات مقدمي البرامج علي هذه القنوات واستبعاد الجهلة منهم الذين يروجون للشعوذة والجهل وتشويه الناس من شخصيات وطنية والدفاع عن شخصيات فاسدة فقط لأنها تمول عملية شراء الهواء.

فظاهرة شراء الهواء لا تقل في أضرارها عن عمليات النصب والاحتيال والفهلوة بالعكس فهي أكثر، فالنصاب يضر شخصاً أو أشخاصاً محدودين لكن بيع الهواء في القنوات الفضائية يضر الملايين من المشاهدين خاصة الذين لا يجيدون القراءة والكتابة فهم الأكثر عرضة لتصديق ما يقوله هؤلاء علي الشاشات بلا حسيب أو رقيب فهل يتحرك المجلس الأعلي للإعلام ونقابة الإعلاميين للتصدي لهذه الظاهرة أم هناك من يرغب في استمرارها حتي يجدها فرصة للانقضاض علي الإعلام الجاد.