عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدجل والشعوذة، الملف الشائك، هو ظاهرة تفشّت بلا شك، ليس فقط في مصر، بل في الدول العربية قاطبة، ففي 2015 خلصت دراسة أكاديمية متخصصة معتبرة، إلى أن العرب ينفقون سنويًا أكثر من 5 مليارات دولار على أعمال السحر والدجل والشعوذة.

صدق أو لا تصدق، دول تُصنف على أنها فقيرة، تنفق كل هذه المليارات على أعمال الدجل.

وقبل الدخول في تفاصيل الموضوع، لابد وأن نوضح للجميع شيئًا هامًا، ألا وهو، أن ظاهرة الدجل ليس المُدان فيها فقط الدجال؛ المُتصف بالنصاب، أو المنعوت بالمُحتال، أبدًا.

فهذه الظاهرة السلبية المدمرة للوعي المجتمعي يشترك فيها أطراف ثلاثة، وهم: الحكومات والأفراد، والسحرة المخادعون.

نعم، هُم الثلاثة، شركاءٌ في نفس الجُرم، مُشتركون في تحصيل الإثم، مُتحدون على تعميم لغة الجهل والاستهزاء بالعلم.

وللأسف هذه الظاهرة غير مرتبطة فقط بالنساء أو الفقراء أو الجهلاء أو الجماهير العادية، بل تمتد أيضًا لتشمل الرجال والأغنياء والمثقفين والمشاهير.

أما أسباب هذه الظاهرة فمتنوعة، وتختلف باختلاف أطرافها، وأستعرضها لكم هنا مقسمة على كل طرف.

نبدأ بالحكومات؛ أول أسباب هذه الظاهرة هو تَدَنِي مستوى الخدمات الطبية المقدمة للأفراد، فارتفاع تكاليف العلاج، مع التحمل والصبر على قوائم الانتظار الطويلة، مع أيضًا تفحل وانتشار الأخطاء الطبية الجسيمة أو عدم التشخيص السليم لبعض الأمراض المستعصية، وعدم توفر الخبراء المتخصصين كل في مجاله الطبي، كل ذلك وأكثر أدى إلى لجوء المرضى إلى المشعوذين والعرافين والطب الشعبي كعلاج بديل ورخيص.

أما ثاني أسباب الظاهرة بالنسبة للحكومات، فيتمثل أيضًا في السماح للدجالين بالإعلان عن أنفسهم وعرض إعلاناتهم في بعض القنوات التليفزيونية المتدنية المستوى أو عن طريق نشرها في وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بهدف الوصول لأكبر عدد من الناس.

وثالث الأسباب هو سكوت المؤسسات الدينية المعتبرة في الدولة عن ادعاءات السحرة باستخدامهم الدين كوسيلة للعلاج لجذب أنظار الناس والتأثير عليهم.

أما رابعها، فهو وجود خلل جسيم، اخترق ميزان العدالة، وأحدث به ثقوباً، سمحت بمرور الوجه القبيح للظلم، مما سبّب خللّاً في الميزان، فمالت إحدى كفتيه واختل توازنهما، وذلك حينما تأخر قصاص المظلوم من الظالم، أو عندما لم يُفرض الجزاء على الجاني، ولم يُنصف المجني عليه.

فزادت وتيرة الانتقام في نفس المظلوم بعد أن يئس من انتظار القصاص العادل وضياع حقه المهدور مع الانتظار لسنوات كي يثبت حقه أو يموت قبل إصدار الحكم.

فذهب للدجال مُفرغًا شحنته الغاضبة، لكى ينتقم وبمنتهى السذاجة ممّن ظلمه، بعد أن يوعده الساحر بأن لديه من الحيل الجهنمية السريعة القادرة على أن تشفي غليله، وترد عليه حقه، وينتقم ممن ظلمه.

أما بالنسبة للأفراد، فالأسباب كثيرة، فإما أن تكون ناتجة عن توغل عدد كبير من الأمراض البشرية في نفوس الكثير من الناس، كعدم الرضا بالأقدار، والتطلع للأفضل دومًا، والرغبة في حصد الأموال والثروات، والوصول للمناصب العليا، أو الرغبة في اعتلاء سلم الشهرة وبلوغ قمته، أو مثلا انتشار الكراهية والحقد والحسد بالنفوس والتي تجعله يتمنى زوال نعمة الآخرين أو الطمع فيما يمتلكونه، وأخيرًا الخوف من الغيب والرغبة في معرفة المستقبل.

أما الطرف الثالث «الدجال»، فهو إنسان محتال طماع، استغل تقصير الحكومات وحاجات الأفراد، ولعب على أمراضهم البشرية، لكي يُسوق لنفسه، ويفرض سيطرته، فيجني أموالًا من وراء كذبه.

[email protected]

وفي النهاية يبقى السؤال: هل تشديد العقوبات على الدجالين هو الحل الوحيد للقضاء على ظاهرة الدجل والشعوذة؟