رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

عرفت المستشار بهاءالدين أبوشقة رئيس حزب الوفد ورئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب، حدوتة مصرية بمعنى الكلمة، لأنه شخصية استثنائية، فهو موسوعة فكرية شاملة بما يمتلكه من سمات شخصية وثقافات متنوعة، ورؤى ثاقبة، اسم كبير فى عالم القانون، سياسى لا يشق له غبار، مؤلف مبدع، كاتب متمرس فى شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتاريخية، شخصية لامعة، يتميز بالحكمة والموضوعية.

وجاء فوزه برئاسة حزب الوفد وبأعلى الأصوات فى تاريخ الوفد الحديث (بعد عودته إلى الحياة السياسية) فنأى بالحزب العريق بعيدًا عن صراع القرناء، وما أدراك ما صراع القرناء؟ يشتت ويمزق أى مؤسسة ويعرقلها عن الانطلاق.

ثم ما أدراك ما رئاسة حزب ليبرالى قولًا وفعلًا مثل حزب الوفد؟ شديد التنوع شديد الثراء، بالرجال والرؤى والأفكار الجادة والجريئة والموضوعية الراسخة فى وجدان الشعب المصري، والبعيدة عن التطرف نحو اليمين أو اليسار، دائمًا وأبدًا له هيئة عليا فى منتهى القوة والصلابة والفعالية.. ذات يوم وصفها لى الدكتور نعمان جمعة رئيس الوفد الأسبق فى مؤتمر صحفى عالمى بأنها كالأسود، وكما يقول المثل هذا الشبل من ذاك الأسد، فهذه الأسود تُعلم وتُربى أشبال الوفد وتسلمهم رايته عالية خفاقة جيلاً بعد جيل.

تقاربت من سيادة المستشار بعد اختيارى مديرًا للمركز الإعلامى لحزب الوفد، وبحضورى لبعض الاجتماعات التى تتم تحت رئاسته، فوجدته يستمع جيدًا لكل الآراء، ويرد عليها بكل الشفافية والمصداقية والإقناع، يُصوب ويُعدل ويوجه ويُعلم ويُقنع المتحدث ويُطلعه بطريقته الخاصة، على حقيقة الاستفسار أو السؤال، فيقتنع المتحدث ويصبح وكأنه هو صاحب التعديل أو التصويب لما طُرح من أفكار.

وكثيرًا ما يؤكد «أبوشقة» على أن حزب الوفد منذ إنشائه 1919 هو حزب ديمقراطى، وأى قرار يصدر عنه لا يملك أى فرد مهما كان، أن ينفرد به لأن الحزب له مؤسسات كالهيئة العليا، والمكتب التنفيذى والجمعية العمومية، وأى قرار يطرح تتم مناقشته باستفاضة، والكل يبدى فيه رأيه بحرية تامة، وبعد الموافقة على القرار بالأغلبية الكل يقبل بالقرار ويتمسك به ويدافع عنه.. كنت عاهدت نفسى ألا أكتب فى سلسلة مقالاتى «حدوتة مصرية» عن أية شخصية تشغل أى منصب، لكن هذه القامة والقيمة جعلتنى أكسر هذه القاعدة، ولم لا؟ وأنا أراه يوميًا (متعه الله بالصحة والعافية) رئيساً حكيماً، قاضياً به صفات الجلال والوقار والهيبة، رجلاً صلباً ذا عزيمة، لا يتراجع ولا يهادن فى الحق، لا تلين له قناة، تأكدت أنه يريد أن يكون عهده فى الوفد هو عهد العدل والحق، يتعامل مع الجميع بأبوة صادقة ونية صافية.. يواجه الأزمات باحترافية عالية، حيث يستمع لمختلف الآراء، وبعد بحثها ودراستها، يُصدر قراره فى توقيت مناسب والذى ربما لو تأخر عنه سيحاسبه التاريخ كثيرًا، ولهذا قد يكون القرار فى دوى دانة المدفع، وفى سرعة طلقة الرصاص، ورغم هذا يكون مغلفاً بالمصلحة العامة لحزب الوفد ولجموع الوفديين.

كنت تحاورت معه منذ سنوات وعلمت أنه يؤمن «أن الحياة مبادئ وأبحث عن مبادئك تجدد حياتك» ولهذا رفض الدفاع عن «محمد مرسي» دون مزايدات، لأن قضيته تتعلق بدماء المصريين، وليس من طبعه أن يزايد على الواقع والحقيقة، وقد أعلن ذلك صراحة فى مؤتمر صحفى، بأنه يعتذر عن الحضور فى أى قضية من القضايا التى تمس مشاعر الشعب المصرى وخاصة القضايا التى تتعلق بدماء الشهداء أو المصابين، وقد التزم بهذا المبدأ دون مزايدة ودون تحديد أشخاص، رغم العروض المالية التى يسيل أمامها لعاب أى إنسان.

يرى الهدف الأساسى من ثورة 30 يونيه، هو تأصيل وترسيخ الاستقرار السياسى، والديمقراطية التى افتقدتها مصر منذ 1952، ولعل معظم المشكلات التى يعانى منها الشعب المصرى، كانت بسبب غياب الديمقراطية سواء مشكلات زراعية أو التعليم والصناعة والصحة والاقتصاد ومنظومة العدالة نفسها، وكان طبيعيًا ما حدث يوم «3 يوليو» من اجتماع الأحزاب والقوى السياسية والوطنية، لرسم خارطة طريق واضحة وصريحة ولا لبس فيها محددة بمواقيت معلومة وكانت الخطوة الأولى فى هذه الخارطة هى الإعداد لدستور توافقى يحقق آمال الشعب ويتناسب مع كفاحه المرير من أجل الديمقراطية، ولهذا خرجت الملايين رجالًا ونساء كما خرج الشيوخ والشباب للاستفتاء على الدستور الذى جاء بنعم بنسبة «98%» وكان هذا إصرارًا من الشعب على أن يحكم نفسه بنفسه، وبإرادته الحرة، وأيضًا الاستفتاء على ثورة 30 يونيه التى حماها الجيش والشرطة ما حال دون حدوث حرب أهلية فى مصر.

بعد أن وقف الشعب والجيش والشرطة على قلب وفكر رجل واحد، لأن صلابة هذا الشعب ووعيه وإرادته ليست ظاهرة جديدة، بل أثناء الحملة الفرنسية قام الشعب المصرى بثورتين على هذه الحملة، وكانت حالة مصر فى تلك الفترة تشبه حالة مصر قبل 30 يونيه عندما كان المماليك يعيثون فسادًا ولكن الشعب المصرى أنهى عليها، وعندما أتى الشعب بـ«محمد على» حاكمًا لمصر ظهر التقدم والحداثة، وهذا ما توقعه «أبوشقة» حينها لمصر لأنه قال فما أشبه اليوم بالبارحة.

وأكد أن جبهة الإنقاذ كان لها دور فعال قبل 30 يونيه، وأسهمت مساهمة إيجابية وفعالة فى إشعال الثورة، بالتضامن مع كافة القوى والحركات السياسية التى اتحدت وتجمعت على هدف واحد، وهو الثورة يوم 30 يونيه، وهذا الهدف تحقق، وعلى ذلك يرى أن الدور انتهى، بعد تحقيق الهدف الأسمى الذى تطلع اليه جميع المصريين بتحقيق أهداف الثورة والحفاظ عليها.

وبطبيعة الحال كرجل سياسى فى المقام الأول وفقيه قانونى فإنه يرفض دعوات التصالح مع جماعة الإخوان لأنه يراه لا يصلح سواء من الزاوية النفسية قبل المنطقية والقانونية أن يتم التصالح مع من تلوثت أيديهم بدماء المصريين، وقاموا بالاعتداء على الأموال الخاصة والعامة للدولة وإرهاب المواطنين، بقطع الطرق ودفع الأموال للمتظاهرين، والتهديد بالمفخخات والمفرقعات، وتفجير المساجد والكنائس، واغتيال رجال الجيش والشرطة والقضاء، ونشر الشائعات الكاذبة، والإضرار بالسياحة والاقتصاد المصري، للإضرار بمصر والمصريين الذين وقفوا ضدهم وضد أفكارهم المتطرفة والشاذة عن طبيعة المصريين المعتدلة والمتسامحة.

ويفخر رئيس حزب الوفد بأقباط مصر مؤكدًا أنهم جزء من النسيج الوطنى، وقد تجلى هذا واضحًا فى كافة المواقف التى غلب فيها الأقباط مصلحة مصر فوق أى مصلحة أخرى، وهذا ظهر منذ ثورة 1919 عندما تعانق المسلمون والمسيحيون فى ثورة غير مسبوقة أكدت منذ ذلك التاريخ الوحدة الوطنية، والكنيسة المصرية لها مواقف وطنية مشهودة وهذا ليس جديدًا عليها سواء برئاسة البابا تواضروس، أو ممن سبقوه فى النظام الكنسى وعلى رأسهم البابا شنودة وقد تفاخر بمواقفهم الوطنية، المسلمين قبل الأقباط، والموقف الذى اتخذته الكنيسة بعد 30 يونيه من إحراق كنائسهم أكد موقف الكنيسة ودورها الوطنى والقومى انه ثابت ومستمر بأنها تضع مصلحة مصر والمصريين فوق كل اعتبار.

وأكد دور الجيش الوطنى ووصف من ينكر هذا الدور بأنهم لا يقدرون الجيش المصرى ولا يعرفون حق قدره، لأن هذا الجيش الوطنى يتكون من أبناء الشعب الذين يشاركون الجيش أفراحه، كما يسهم الجيش فى حل مشكلاتهم، ومن العار أن يقال كلمة عسكر لأنها لا تنسب إلى هذا الجيش العظيم الذى أثبت فى التاريخ القديم والحديث أنه خير أجناد الأرض قولًا وفعلًا، وسيذكر التاريخ حقائق كثيرة مازالت حتى الآن مجهولة عن عظمة القوات المسلحة وترفعها حتى الآن عن إعلان هذه الأسرار التى تؤكد الدور العظيم الذى قامت به القوات المسلحة لحماية الشعب المصرى ومصر بعد 25 يناير، استمر هذا الدور العظيم حتى 30 يونيه، وسيثبت التاريخ بالحقائق المؤكدة والموثقة حماية مصر من مؤامرة كبرى كانت تحاك لها، بل وأصبحت على وشك التحقيق على غرار ما حدث فى سوريا والعراق ولكن بحكمة وحنكة وخبرة ووطنية رجال القوات المسلحة الشرفاء الوطنيين فوتوا هذا الغرض، وأنقذوا مصر من التردى فى براثن هذا المخطط الذى كان يهدف إلى تقسيم مصر إلى «4» دويلات لصالح المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلى.

ولهذا فإنه يُثمن ويُقدر دور القوات المسلحة فى إتمام دورها العظيم فى الوقوف إلى جوار الإرادة الشعبية ومطالب الثوار فى 25 يناير و30 يونيه، لأن القوات المسلحة بما لديها من إمكانيات ضخمة سواء فى المعدات أو الخبرات والموارد البشرية يراها المؤسسة الوحيدة التى تستطيع القيام بالمشروعات الكبرى التى لا يمكن أن يقوم بها رجال القطاع الخاص.

لإن مصر بعد استكمال البنيان السياسى والديمقراطى أصبحت أمام بناء اقتصادى، وفى احتياج إلى دوران عجلة الانتاج، ولهذا كان علينا ابتكار فكر ونظرة جديدة بعد ثورة 30 يونيه، للخروج من الوادى الضيق إذ لا يعقل أن عدد سكان مصر سنة 1805 كان «3» ملايين والآن وصل المائة مليون نسمة، ومازلنا نعيش نفس الرقعة الزراعية وهى «4%» من مساحة مصر، وبالفعل بدأنا فى تعمير سينا بتكثيف التواجد البشرى وبدء المشروعات العملاقة وبالطبع القوات المسلحة هى الأقدر على القيام بهذه المشروعات أو بنظام الـB.O.T، وكذلك بالنسبة لمنطقة قناة السويس كما يتم الآن إنشاء مناطق حرة كما هو الحال بالنسبة للبلاد التى سبقتنا.

حيث يرى أن التجارب الناجحة كثيرة ومتعددة ولكن بنظرة إلى تجارب الدول التى أصبحت نمورًا اقتصادية يمكن أن يتم تطبيقها فى مصر وخاصة تجربة ماليزيا، التى كانت قبل مجيء مهاتير محمد، مجرد أكشاك من الصفيح والخيام والآن أصبحت قوة اقتصادية كبرى لا يستهان بها.

ورغم إرادة الشعب المصرى القوية الواعية التى استطاعت على مر العصور أن تفرض نفسها على أعتى الحكام، إلا أن الشعب المصرى دائمًا يبحث عن زعامة، يلتف حولها ويسلمها دفة المسئولية، وإذا وجدت الإرادة بالإضافة إلى الزعامة الواعية الوطنية المخلصة ذات الخبرة تتحقق المعجزة الكاملة، وهذا ظهر فى الرئيس السيسى بأنه صاحب شخصية قادرة على تحقيق هذه المعادلة، ولقد استطاع الشعب المصرى فى السابق بزعامة محمد على وبالإرادة الشعبية تحقيق المعجزة، وحققت مصر الاستقرار السياسى بهذه المعادلة، وكأن التاريخ يعيد نفسه كما حدث فى مصر خلال عهد محمد على، حيث تتحقق المعادلة مع الرئيس السيسي، ومصر ستكون فى النمور الاقتصادية لأنها ليست أقل من ماليزيا.

لأن «السيسي» ترجم الإرادة القوية للشعب المصرى بالتحرر من أى قيد خارجى أو إملاءات أجنبية، وظهر فى السياسية الخارجية إشارات قوية للعالم بأن مصر وإرادة المصريين هى التى تفرض نفسها، وإنها ليست تابعة لأحد، سواء الولايات المتحدة أو روسيا أو غيرها من الدول، لأن ما ظهر على أرض الواقع والحقيقة، أن مصر فتحت آفاقًا وواقعًا جديدًا بأنها ستتعاون مع الجميع على نحو متوازن ومتساوٍ دون إملاءات أو أجندات وبمد يد الصداقة والندية لمصر سينعكس هذا على المصريين، وأن مصر ستتعاون مع جميع دول العالم شرقًا وغربًا شمالًا وجنوبًا، على مستوى من الصداقة الندية، وتلك هى الفلسفة الحقيقية فى السياسة الواعية بأننا لا نغلق الأبواب ولا نحصر أنفسنا فى ملعب واحد بعد إغلاق أبوابه.