عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

 

صحيح أن «اللورد كرومر» القنصل البريطانى العام فى زمن الاحتلال، قال إنه لا يميز المواطن المصرى المسلم عن المواطن المصرى المسيحى، إلا عند دخول الأول المسجد للصلاة والثانى الكنيسة، ولكن يبدو من باب المبالغات والتندر ما قد شاع فى الأوساط المسيحية أن المواطن المسيحى يبدو على ملامحه وسلوكياته ما يميزه مثل التهذيب المبالغ فى درجته والخجل الشديد إلى حد وصفه أنه يسير دومًا جنب الحائط وصاحب انحناءة ما للكتف وحرص دائم على التدفئة بملابس ثقيلة، والأهم تفضيله الهروب من اتخاذ مواقف لو كان الأمر يتعلق بنزاعات أو خلافات بين الناس على طريقة الفلكلور المصرى «ابعد عن الشر وغني له» أو «الباب اللى يجيلك منه الريح سده واستريح».. وبالطبع لا يمكن القبول بمثل تلك المبالغات بشكل كامل وعام وفى كل الأحوال والبيئات، كما لا يليق ولا يوافق ما يوصف به المواطن الصعيدى أو الدمياطى بمواصفات ما.. فى حالة المواطن القبطى أعتقد أن الدراما الإذاعية والسينمائية منذ زمن الأبيض وأسود قد ساهمت بمبالغاتها بنية طيبة فى نشر تلك الصور الكاريكاتورية، فالمصرى اليهودى أخنف الصوت (أصابه ضيق فى تجويف الأنف فينطق الأصوات الأنفيَّة كالمزكوم يغلب على نُطقه الخَنَف) وهو البخيل المقطر، والمصرى المسيحى هو الطيب المتسامح الأمين، وعليه كان دومًا هو الصراف والجواهرجى وموظف الحسابات والصيدلى، وكلها مهن محجوزة فى الدراما للمواطن المسيحى وهو ما انعكس إلى حد ما فى الواقع، ولعل العكس أيضاً.

ولعل المؤسسة الدينية المسيحية (الكنيسة) قد ساهمت فى دعم حالة المبالغة فى تشكيل تلك السمات السلبية فى الذهنية المصرية عندما تصور رجال الدين (الأكليروس) أن تكثيف الأنشطة الروحية والاجتماعية وتقديم الخدمات الإنسانية داخل الحرم الكنسى والمبانى الملحقة بها فى شكل مجتمعات مغلقة، وأيضًا الإصرار من جانب الدولة والكنيسة معًا فى اتفاق أزلى، لأن تمثل الكنيسة المواطن المسيحى فى كل الأحوال وفى كل الظروف، قد ساهم أيضًا فى حالة الانسحاب المرضية من جانب المواطن المسيحى من المشاركة الاجتماعية والسياسية الجادة مثل الدخول فى الأحزاب والتقدم للترشح فى الانتخابات فى مجالس النقابات والنوادى والأحزاب والجمعيات الأهلية وغيرها.

لقد كنت من بين هؤلاء الذين كتبوا ونبهوا لأهمية دور المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية بشكل عام فى دعم الروح الإيجابية لدى مواطنينا للمشاركة والتفاعل الجاد والوطنى عندما يتطلب الأمر المشاركة وتلبية نداء الوطن على كل الأصعدة السياسية والاجتماعية والإنسانية.

وبرغم ذلك، وبشكل خاص بعد ثورة 25 يناير فقد تبدلت الصورة، لقد كان للمشاركة الوطنية الرائعة للمواطن المسيحى فى إحداث التغيير، ودفع الثمن الأكبر على أبواب الكنائس (شهداء ومصابين وحرق كنائس وسلب محتوياتها ومنع للصلاة وتكفير) ما سيخلده التاريخ له ولكنيستنا الوطنية العتيدة.. حول إشارات المسيحية الداعية للانتماء الوطنى يقول الكتاب المقدس فى تتبع مسيرة السيد المسيح «وَخَرَجَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى وَطَنِهِ وَتَبِعَهُ تَلاَمِيذُه»، وما تعنيه كلمة «وطن» ينتمى إليه السيد المسيح الراعى الصالح وينتسب بوجوده إليه.

[email protected]