عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

كان أول من التقيت بهم من الأهل هو الخال عبدالرحمن شوقى، الذى بدأ نجمه فى الصعود بعد كتابة مسلسل «عماشة»، وهو المسلسل الذى لعب بطولته الفنان الكبير محمد رضا وشهد انطلاقة الفنان الجميل سيد زيان فى دور «قفة».. واكب عرض هذا العمل حرب أكتوبر المجيدة واستطاع الخال عبدالرحمن أن يتناول الإنجاز العبقرى للجيش المصرى فى إحدى حلقات المسلسل عندما غنى الجميع «محمد أفندى رفعنا العلم»، وكان الرئيس السادات يرحمه الله قد شاهد هذه الحلقة وأثناء مقابلة مع الكاتب الصحفى الكبير أحمد بهاء الدين أمسك السادات بالبايب وهو يدخنه بشراهة، وسأل الأستاذ بهاء وعلامات البشر ترتسم على ملامحه: شفت عماشة عكاشة يا بهاء؟! واندهش الأستاذ بهاء من السؤال ورد عليه بسؤال قائلاً: عماشة عكاشة مين يا أفندم؟.. فأجابه السادات: المسلسل اللى بيتعرض اليومين دول.. ورد الأستاذ بهاء بالإيجاب.. فقال السادات وهو يكاد يستلقى على ظهره من شدة الضحك: وشفت محمد أفندى رفعنا العلم.. ويضحك الأستاذ بهاء ضحكته الصافية وهو يهز رأسه أيضًا بالإيجاب.. فيسأله السادات: مين اللى كاتب الكلام ده يا بهاء؟ ويرد الأستاذ: ده مؤلف اسمه عبدالرحمن شوقى.. ويندهش السادات قائلاً: أنا ما سمعتش عنه قبل كده.. فيقول الأستاذ: ده يبقى نسيب محمود السعدنى يا أفندم.. فيضحك السادات ضحكته المجلجلة، وهو يقول: والله العظيم.. دى عيلة هزؤ كلها!!

واستطاع الخال عبدالرحمن شوقى أن يحقق نجاحات فى المسرح والتليفزيون والإذاعة.. والسينما شهدت له عملًا يتيمًا هو «عماشة فى الأدغال» واستطاع أن يحقق مع سمير غانم فتحًا فى عالم الفوازير عندما قدما معًا الأعجوبة المسماة فطوطة.. عندما وقعت عينى على الخال عبدالرحمن خدعتنى دموعى، فهو من أقرب الناس إلى قلبى، وعلى رأى المثل الخال والد.. فقد كان الخال حنونًا إلى أقصى درجة ممكنة، وبمجرد أن جلسنا إلى بعضنا البعض كان حريصًا على أن يستعرض التغييرات التى حدثت فى البلد والعلاقات بين الناس، وكيف أنها اتجهت إلى الأسوأ.. ومضيت مع الخال نلف كعب داير على مسارح البلد لعلنا نلتقى بالعم صلاح بعد أن تعذر على الخال العثور على تليفون أو عنوان لصلاح، وكنا نسهر فى مسرح العمال مع سيد زيان وعبدالله فرغلى ونبيلة السيد، أو مع محمد عوض وفؤاد المهندس فى مسرح الزمالك، ولكن مر أسبوع ونحن محلك سر، ولذلك اتجهنا إلى العم إبراهيم نافع الصديق الصدوق للسعدنى وعنده وجدنا كما جهينة الخبر اليقين، وكان صلاح قد سكن فى منطقة بشارع السودان وأصبح له من الأولاد بنت هى ميرين وولده سمّاه أحمد، ونحن فى طريقنا إلى منزل صلاح كنت أمنّى النفس بلقاء العم الذى كان صاحب أكبر تأثير على شخصيتنا إخوتى وأنا، وكنت أنتظر بفارغ الصبر برؤية أولاد العم أحمد وميريت.. خصوصًا أحمد الذى كان أمل سيتى أم محمود أن تكتحل عيناها برؤياه ولكنها ودعت الحياة قبل أن يأتى إليها أحمد بزمان طويل ولسان حالها يقول ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. طرقنا الباب وإذا بعقب بنى آدم زى عقب السيجارة يفتح الباب ثم ينطلق هربًا إلى الداخل وتأتى ميريت وتفعل الشىء نفسه، ثم يظهر فى الصورة العم صلاح، ونستغرق فى عناق طويل وسط دهشة الأولاد، ولكن الحاج إبراهيم نافع ترتسم عليه علامات الأسى ويبدو أن شيئًا ما يؤرقه ويود أن يبوح به.. بعد المراحب وكرم الضيافة والذى منه.. يرفض العم إبراهيم أن يشرب شيئًا سوى الماء ثم يبدأ فى الكلام فيقول لصلاح: منذ يومين اخترقت حوارى الجيزة ست سيارات محملة بضباط وجنود تسببوا فى إحداث الرعب فى نفوس الناس ووقفوا أمام بيتى وطلبونى وأمرنى الكبير بتاعهم أن أحضر لهم أكرم فى أسرع فرصة وأسلمه اليهم، ويستكمل الحاج إبراهيم فيقول: أنا قلت لهم.. ما أعرفش إذا كان أكرم وصل مصر ولا لأ.. ولو كان هنا أنا مش ح أقدر ألبى الطلب بتاعكم.. عندكم خالد ابنى الكبير قدامكم أهو ممكن أسلمه هو.. لكن أكرم ابن عمى محمود السعدنى ما أقدرش أسلمه لأى مخلوق فى الدنيا، ولكن لهجة الضابط أمام منطق العم إبراهيم تبدلت إلى الأفضل وسايسوا العم إبراهيم فقال أحدهم: إحنا عاوزين نستكمل معاه التحقيق وهيمشى على طول المسألة مش زى ما أنتم فاهم يا حاج إبراهيم.. ويصمت العم ابراهيم وهو يقول لصالح لازم تتصرف بسرعة يا عم صلاح علشان أكرم ممكن يتقبض عليه فى أى مكان وفى أى وقت!! وهنا ظهر فى الصورة أحد لواءات أمن الدولة أثبتت الأحداث بعد مرض الولد الشقى أنه حتى لا يستحق منا أن نذكر اسمه على الرغم من حسن الجميل الذى صنعه معه السعدنى الكبير وهو ليس جميلًا واحدًا ولكن جمايل السعدنى طوقت عنق هذا الرجل.. ودعانا الرجل إلى مكتبه.. وكان نفوذه رهيبًا فى وزارة الداخلية واكتشفنا أن وجود اللواء النبوى إسماعيل على رأس الوزارة هو سبب كل المشاكل التى أواجهها وأن بقاء النبوى فى الحكم يعنى استمرار هذه المشكلات، ولكن لقاء اللواء إياه كان مثيرًا للغاية فالرجل ودود إلى حد بعيد ومتفهم وابن بلد أو هكذا بدا لنا فى بداية الأمر.. ويعلم قدر السعدنى ووعدنا بتسوية أى مشاكل قد تواجهنا ولم تمض عدة أيام حتى تم شلح النبوى إسماعيل من الوزارة، ولكن التحقيقات مع شخصى الضعيف كانت لا تزال سارية المفعول.. فقد قابلنى أحد العمداء واسمه «محمد ع» وطلب منى جواز السفر وذهبت إليه فى نفس اليوم الذى غادر فيه العم صلاح مصر إلى دبى لتصوير مسلسل تليفزيونى، ويبدو أن هذا الضابط كان من محبى اللواء النبوى اسماعيل، لأنه حقق معى بشكل يدل ويثبت أننى متهم بزعزعة أمن الوطن والمواطنين.. تحقيق استغرق عدة ساعات فى أحد المبانى الخاصة بوزارة الداخلية، وبالطبع فى الغرف المجاورة استمعت إلى طحن ورزع وصويت ونحيب قد يكون مفبركًا وقد يكون حقيقيًا ولكن الهدف منه واحد وهو تحطيم حالتى المعنوية، وفى تلك الأيام كان لى من العمر 21 عامًا وكان العميد إياه يكتب كل كلمة أقولها بقلم رصاص على ورق مسطر وكبير الحجم وكان يظهر أحيانًا تسامحًا فى أول لقاء، حيث صحبنى نسيب العم صلاح المهندس شريف كمال، وهو رجل طيب واجه مآسى الحياة وصعوباتها بابتسامة دائمة، فقد كانت له مقدرة على إضحاك طوب الأرض وهو فى الدراسة الثانوية كان زميلًا لعادل إمام اقترب الاثنان من بعضهما بفضل خفة الدم التى تميزهما معاً.. فى البداية سأل العميد المهندس شريف عن اسمه وصفته، فقدم نفسه للرجل قائلاً: شريف كمال مهندس زراعى.. ولكن العميد أشار بيده مستوقفًا شريف وأخرج من درج المكتب أجندة وفتحها وأمسك بالورقة والقلم وعاد ليسأل: الاسم بالكامل إيه بقى؟ هنا أحمر وجه العم شريف وأصفر وكادت الكلمات تختنق فى حلقه، وهو يقول: يا عمنا أنا مجرد موصّلاتى.. أصل عمه صلاح السعدنى وصانى أجيبه هنا.. أنا مليش دعوة بأى حاجة.. ساعتها عرف الرعب طريقه إلى قلبى وأنا أتابع الموقف والضابط يحاول أن يهدئ العم شريف ويقول: الحكاية مجرد تعارف مش أكتر ولا أقل.. الاسم بالكامل إيه بقى.. فعاد شريف ليقول: يا عمنا أصل أنا.. هنا انقلب الوجه السمح للعميد ليسفر عن النقيض وبجدة قال: يا أستاذ إنت فى أمن الدولة.. اسم حضرتك بالكامل إيه.. وانصاع العم شريف وأخذ يدلى بمعلومات عن اسمه ووظيفته.. وبعد ان انتهى قال: ممكن أروح أنا بقى.. هنا وقفت واعترضت بشدة على مرواح العم شريف.. ولكن الضابط رمقنى بنظرة فهم معناها العم شريف دون أن يتكلم أومأ له برأسه أن ينصرف.. وخرج العم شريف من الغرفة وكأنه سجين زندا، فتحوا له الزنزانة فجأة فانطلق كما الحمام الزغاليل.. أحزننى خروج عم شريف، وبدأت أستعد لما هو قادم من تعذيب بعد أن استفرد بى هذا الضابط وبدأ التحقيق.. توجه أولًا إلى مكان قرب باب المكتب عليه شماعة علق عليها الجاكت واقترب ليجلس على سرير أمام المكتب وخلع حذاءه وارتدى «شبشب» ثم توجه إلى الحوض وخلع ساعته وغسل يديه وشمر أكمامه وكأنه يؤدى دورًا فى فيلم سينمائى يتناول مشهد تعذيب فى معتقل الستينيات أيام صلاح نصر، وبعد أن غسل وجهه جلس على مكتبه ووضع ساعته فى مواجهته ونظر إليها وهو يقول: فى إيديك نخلص شغلنا بسرعة وبضره فى إيديك العطلة!! ثم مد يده طالبًا جواز السفر، وقام بتصفح الجواز من الجلدة إلى الجلدة وهو يقول كل دى بلاد زرتها.. لم أرد على سؤال ولكنه مد يده بالجواز وهو يقول: نبدأ بقى من أول يوم خرجنا فيه من مصر.. روحنا على فين وهكذا.. وبدأت أسرد له رحلتى مع المنفى الاختيارى الذى أجبرنا عليه الرئيس السادات رحمه الله وركز كثيرًا حول مسألة البعثيين المصريين وأكد أنهم جميعًا بمجرد وصول احد منهم إلى مصر فانه يقوم بالاعتراف بكل شىء.. واكتشفت بالفعل أن اسماء التنظيم البعثى الذى يشمل الطلبة المصريين معروف بالكامل لدى أجهزة الأمن.. وهذا شىء أثلج صدرى لسبب بسيط للغاية، وهو أن هؤلاء المغرورين ظنوا وكان كل ظنهم إثم أنهم سيعودون لا لكى يعودوا إلى أرض الوطن ولكن لكى يحكموا البلد لصالح البعث العراقى ولم أكره حزبًا أو متحزبين مثلما كرهت البعث والبعثيين.. ولكننى لم أجزم بمعرفتى التامة بأعضاء التنظيم ولكن معلوماتى كانت متواضعة بما هو متوفر لدى أجهزة أمن الدولة، ويبقى لهذا بالرجل أنه لم يحاول ان يأخذ منى اعترافًا بالالتحاق بأى حزب أو بادانة الولد الشقى.. وبعد ساعات من التحقيقات طلب إلى أن أقول بالإمضاء على الكلام الذى كتبه وهو عبارة عن الأسئلة التى طرحها والأجوبة التى قلتها، ووجدت أن الورقة التى سأمضى عليها ورقة بيضاء وعضها تحت الورقة المكتوبة فبدت كأنها جزء منها ولكننى اكتشفت الأمر ورفضت أن أضع إمضائى على ورقة بيضاء، فقال لى إنه قصد هذا الأمر لأنه هيحط شوية كلام بقرشين -على حد تعبيره- حتى ينفى عنى أى تهم.. ولأن الشك أصبح هو هاجسى الأوحد فقد رفضت، فقام الضابط بكتابة ما يلى: تبين لنا ان المتهم لم يسبق له الإنماء إلى أى من الأحزاب أو التنظيمات خارج البلاد وأنه قضى الفترة بالخارج من أجل الدراسة فى مدارس وجامعات عربية مرافقًا لوالده!! وهنا فقط بدأت أستريح لهذا الرجل وقبلت أن أوقع على نهاية هذه الورقة وعند آخر سطر فيها بالتمام والكمال وكان الضابط قد وعدنى بأنه سيأمر بتوصيلى إلى المنزل بسيارة من سيارات الداخلية ولكنه أمرنى بالخروج على أن أتوجه فى اليوم الفلانى إلى مقر مباحث أمن الدولة فى جابر بن حيان، وقلت بينى وبين نفسى يبدو أن المأساة لا تزال تشهد فصولًا جديدة، بصراحة لعنت اليوم الذى ركبت فيه الطائرة إلى مصر، فما حدث معى غير معقول، وقلت: ماذا لو أن السعدنى الكبير هو الذى جاء بنفسه تُرى ماذا كان سيحدث معه.. وتصورت أن نظام السادات لايزال باقيًا رغم الرصاصات التى أنهت حياة الرئيس.. والغريب أننى لم أكن على خلاف مع الرئيس حتى لخلافى معه أى وزن من أى نوع ولكنه سلو بلدنا إذا غضب الرئيس عليك فإن غضبه سوف يسرى على أولادك وإخوتك وأجواز عماتك وخالات، ولأن السعدنى على خلاف مع السادات فكان على جميع أفراد القبيلة السعدنية أن يدفعوا الثمن، فكان صلاح ممنوعاً من التمثيل، والخال عبدالرحيم شوقى ممنوعًا من الكتابة لوقت ما، وأنا قد وقعت فريسة فى أيدى أجهزة النبوى إسماعيل أصابنى من الحب جانب ونصيب عظيم!!

وبصراحة لم أذهب إلى أمن الدولة فى شارع ابن حيان بمفردى ولكننى انتظرت عودة العم صلاح وحكينا له، شريف كمال نسيبه وأنا، ما حدث لنا فيالداخلية، ووعدنى بأن يذهب معى إلى جابر بن حيان.. وهناك قابلنا ضابطا برتبة مقدم كان ثقيلًا إلى أبعد الحدود متجهماً وكأنه يمثل شخصية موليير كاره البشر.. أخرج ملفاً.. فقلت فى نفسى «يا داهية دقى.. لحقوا عملوا لى ملف».. فإذا لى اختلس النظر إلى ما فى داخله من أوراق لمحت العمر 24 سنة ولم يكن لى من العمر أيامها الـ 24 عامًا لذلك أمعنت النظر ودققت فإذا بالاسم: صلاح الدين عثمان محمد السعدنى.. هنا هدأت دقات قلبى، ولكن المقدم إياه سألنا عدة أسئلة وطلب جواز السفر وقام بتصويره وأخذ جميع عناوين الأقارب والأهل والأصدقاء والمعارف، وطلب منى عدم التوجه إلى أى مكان إلا بعد أخذ الإذن خصوصًا السفر إلى الداخل أو بالطبع الخارج، وخرجنا من عند الأخ إياه بعد المعاملة الجافة الناشفة وأنا أضرب كفًا بكف واتصلت هاتفيًا بالولد الشقى فى الشارقة ورويت له كل ما حدث لى مع الضابط فى الداخلية وفى جابر بن حيان.. فما كان من السعدنى إلا أن اتصل بالداخلية فرد عليه اللواء فؤاد علام ووعده خيراً، وما هى إلا عدة أيام ووجدنا الرئيس مبارك وقد منح اللواء النبوى إسماعيل وسامًا وأخرجه من الوزارة ليحل محله الرجل الفاضل الفاهم فى السياسة حسن أبوباشا.. وتتبدل الأمور من النقيض إلى النقيض، ولكن بقيت أمامى مشكلة عويصة وهى الحصول على شهادة الإعفاء من الجيش.. وهو أمر بات مستحيلًا عندما أصر شيخ الحارة ومعه رئيس مباحث قسم الجيزة واسمه عمر الفرماوى والذى اتهم بعد ذلك فى الأحداث التى أعقبت ثورة 25 يناير فى ذلك الوقت على أن هناك اسم حنان محمود عثمان السعدنى غير مسجل فى كشف العيلة.. وعندما سألتهم وما الضرر فى ذلك؟ أجابنى كل منهما ومن بدرى إذا كانت حنان ولداً أم بنتاً.. هنا كادت تخرج منى حركة إسكندرانى لولا العيبة والظروف المهيبة هى التى منعتها فى اللحظة الاخيرة، ولكن ولد شهم ومجدع وابن بلد اسمه علاء علام وهو معاون المباحث وكان على النقيض من رئيس المباحث.. وقد ساعدنى حتى أنهيت كل أوراقى بسلام، وأذكر أن الذى ساعدنى بالفعل على إنهاء أوراق الجيش كان رجلًا برتبة صول هدانى إلى طريقة العم شعراوى جمع عليه رحمة الله، هذا الرجل أنا دوخت قبل أن أعرفه دوخة الأرملة، وذهبت إلى لواءات وعمداء وعقداء ولكن واسطة الصول كانت أكثر نفعاً، فهو الذى عرف كيف يكون الحل، وظل معى فى كل الخطوات حتى انتهينا منها جميعاً وحصلت على شهادة الإعفاء.. ساعتها أحسست بأننى حصلت على شهادة الأيزو الشهيرة هذه الايام بعد أن اثبت لشيخ الحارة ورئيس المباحث أن حنان أنثى وأنها شقيقتى الصغرى، وبصراحة أنا لم أعرف فى حياتى ولدًا اسمه حنان ولكنها التعقيدات التى تواجهك إذا ما عرف السيد المسئول أنك مغضوب عليك من الكبار ساعتها تتحول أختك إلى ولد وتتحول حياتك إلى جحيم وقد تفقد عملك ومستقبلك وتدوخ دوخة الأرملة أنت والذين معك!!

ولكن والحمد لله بعد أن انزاح النبوى إسماعيل من على صدر وزارة الداخلية أصبح لفؤاد علام نفوذ رهيب باعتباره أحد أفضل ضباط مباحث أمن الدولة واستطاع العم فؤاد أن يسهل لشخصى الضعيف كل العقبات وأن يحل كل المعضلات التى حاول رجال النبوى زراعتها على الطريق.. وكانت السنة الدراسية أو نصف العام قد انتهت بالفعل وضاعت منى السنة الثالثة بكلية الإدارة والاقتصاد وطلب منى السعدنى بعد أن انتهيت من أوراقى كاملة أن أسافر إليه إلى الشارقة حيث إن طارق عزيز وطه ياسين رمضان شنا حملة جديدة عليه وأوغرا صدر الرئيس العراقى صدام حسين ضده، وقال السعدنى أن العراق ليست مثل مصر فالغضب العراقى يعنى إنهاء حياة المغضوب عليه، ولذلك فقد قطعت تذكرة على الطائرة المتجهة إلى الشارقة وهناك كان الولد الشقى فى انتظارنا.. العم شريف كمال المهندس الزراعى الذى أصر على الذهاب معى إلى الشارقة وتركنى فى مباحث أمن الدولة.. وهناك قابل السعدنى الشيخ سلطان القاسمى حاكم الشارقة وهو يقول له:

ده المهندس شريف كمال.. تهمة باعتها لى صلاح السعدنى عاوز يشتغل فى الزراعة عندكم علشان يعمل عمران ونماء فى الشارقة.. وبالفعل التحق العم شريف بالبلدية كمهندس وأصبح مسئولاً عن الحضرة فى شوارع الإمارة وميادينها وقد شعر بسعادة غامرة لكون واسطته كانت هى الشيخ سلطان نفسه وشعر بأن أحدًا لن يستطيع المساس به وكيف يحدث ذلك وهو تحت حماية الشيخ سلطان.. أما السعدنى فلم يعد يستطيع العودة إلى القاهرة أو الذهاب إلى العراق فى انتظار مكالمات هاتفية، سواء من بغداد أو من مصر لتحل هذا المشكل الذى بدا عويصًا عميقًا وتسبب لى فى أحزان ما بعدها أحزان.. فها هى سنة دراسية أخرى تضيع من حياتى بلا معنى على الإطلاق!!