عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وقف وزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلي أمام محكمة جنايات القاهرة، ليدلي بشهادته في قضية اقتحام الحدود الشرقية، إبان نكسة 25 يناير 2011.


تكلم العادلي طويلاً، ولكن الفقرة الأهم، والأخطر، من وجهة نظري، تلخصت في جملة واحدة وهي: "25 يناير لم تكن وليدة اللحظة، بل كان التخطيط لها قائماً منذ عام 2004".


لم يكذب العادلي، وقال صدقاً، ولو كره أنصار "مجيدة".

 

في عام 2004، كانت الحرب على العراق قد وضعت أوزارها، انتهى الغزو، وتم تدمير العراق كلية، وانهارت الدولة، وكانت تكلفة الحرب كبيرة ومروعة على جميع دول الغزو، وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، وبالتالي كان المخطط اللاحق هو كيفية تدمير الدول العربية دون غزو أو إطلاق رصاصة واحدة.


بدأ تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، قائد غزو العراق، أو كما قالت وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس في مصطلحها الشهير "الفوضى الخلاقة"، وبدأ زرع العملاء في الداخل كي يتم تنفيذ هذا المخطط الشيطاني بكل دقة.. وقد كان.

 

بدأت مراكز حقوق الإنسان ودعم الديمقراطية في الانتشار خاصة في مصر، التي قال عنها ديك تشيني، نائب الرئيس الأمريكي الأسبق، إنها "الجائزة الكبرى"، وبدأت الحركات الحقوقية والديمقراطية في "نشر السموم"، تحت شعارات براقة، وفي نفس الوقت كانت الخريطة الإعلامية في مصر تشهد تغيرات ملموسة، مع بدء المواقع الاليكترونية الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها فيسبوك في ركوب الموجة، موجة ما قبل النكسة.


في هذا الوقت تحديداً، بدأت العناصر التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية دخول السوق الإعلامي، منهم من كان يعمل بالفعل في المؤسسات الصحفية والإعلامية، ومنهم من تم زرعه داخل تلك المؤسسات، وتصادف ذلك مع إغلاق الموقع الشهير إسلام أون لاين، الذي كان يموله داعية الإرهاب يوسف القرضاوي، فانتشرت عناصر الإخوان عن عمد في باقي المواقع الإخبارية، كان هذا قبل 25 يناير بعام أو يزيد قليلاً.

 

اكتملت المؤامرة، ولكن العنصر الفاعل الذي ساعد تلك المؤامرة على الاكتمال هو الغياب التام للإعلام الموازي أو الوسائل الإعلامية التي تستطيع التصدي بقدر من المصداقية والواقعية لهذا المد التآمري، فانطلق الشعب يبحث عن الحقيقة عبر الجزيرة وأخواتها، إلا أن سارت الأمور في الاتجاه الذي يبغيه المتآمرون وحلفاؤهم، حتى وصلت النكسة إلى ذروتها باعتلاء محمد مرسي سدّة الحكم في مصر، إلى أن سقط المخطط في 30 يونيو، ولكنه لا يزال قائماً.

 

الشاهد فيما سبق أن الإعلام لعب دوراً محورياً في تحقيق هذا الهدف، لأن تشكيل الوعي عبر الميديا أصبح وسيلة لا يمكن إغفالها، وهي أشياء لا تخضع للأوامر التي تُقال فتُطاع، ولكنها تعود إلى عوامل أخرى، فكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية، وهي عوامل ليست جامدة، بل تتغير باستمرار.


وفي الوقت الراهن يجب أن نعي جميعاً ساعة الحقيقة، وأقصد بجميعاً هنا من يعملون في المجال الإعلامي، إلى رأس الدولة، الرئيس عبدالفتاح السيسي وحكومته.
 

شهادة الحق، أن السيسي عندما يتحدث فإنه يخرج عن أطر الدبلوماسية، ويتكلم بصدر مفتوح، وبصراحة يُحسد عليها، ولكن "الخلايا النائمة" الموجودة في وسائل الإعلام حالياً، لا تلتقط سوى الأمور الجدلية التي تصلح للإثارة على صفحات التواصل الاجتماعي.

في كلمته أمام الندوة التثقيفية بمناسبة ذكرى انتصارات السادس من أكتوبر، قال السيسي كلمات من ذهب، ولكنها لم تلق صدى، بالطبع عن عمد من فلول التآمر، وعن غباء من القائمين على الإعلام.

قال الرئيس بالحرف الواحد: "المعركة لم تنته. في السابق كان العدو أمامنا، نراه ويرانا، أما الآن فإنه يعيش بيننا، وينتظر اللحظة المناسبة حتى يقضي علينا". كلمات لم يقف أمامها أحد، والتقطوا فقط المقارنة فيما يتعلق بالسباق بين "مرسيدس" إٍسرائيل و"سيات" مصر، خلال الحرب، وكيف انتصرت "السيات" في السباق، لتبدأ موجة السخرية الموجهة.

 

تكرر نفس الأمر في رسائل منتدى الشباب في شرم الشيخ، ترك معظم الناس الرسائل المهمة التي وجهها السيسي، وبدأ التركيز على تصريح: "هل تريدون أن تصبح مصر دولة عظمى أم تريدون الاستمرار في الحديث عن أسعار البطاطس".


وفي نهاية المطاف، فإن "الخلايا النائمة" التابعة للخونة، التي لا تزال متواجدة في وسائل الإعلام، لا ولن تنتصر إلا إذا كانت هناك عوامل أخرى مساعدة، وأبرز تلك العوامل ما يمكن أن نطلق عليه "الدببة"، أو بالأسطورة القديمة "الدبة التي حاولت هش الذبابة عن وجه صاحبها، فضربتها بحجر، طارت الذبابة ومات الرجل".

لا يمكن أبداً الاستمرار في النهج القائم على المدى الطويل في وسائل الإعلام، ويجب أن تكون هناك مصداقية قائمة على المعلومات الواقعية في المواجهة، ويتعين الذكاء والدهاء معاً في التعامل مع الأزمات الحالية، حتى لا تأتي "لحظة الغباء" التي يمكن أن تمنح الخونة فرصة ذهبية، لاعتلاء المشهد على جثة وطن.