رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

منذ بدء انتشار مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يعرف بـ«السوشيال ميديا» على نطاق واسع جدًا بين الأفراد، وتجاوز عدد مستخدميها ثلاثة مليارات إنسان، بعد ظهور يوتيوب في 2005 وفيس بوك وتويتر عام 2006.. وغيرهما، لم يعد بالإمكان السيطرة على جموح هذا العالم المخيف.

بالطبع لا يمكننا حصر الكثير من فوائد ومزايا تلك المواقع، خصوصًا ما يتعلق بتداول المعلومات وتبادل الأفكار وتقديم الخدمات في كافة المجالات، الأمر الذي أثَّر إيجابيًا على مستوى معرفة وثقافة الأفراد، وكسر كافة الحواجز الجغرافية والمكانية.

لكن، مع هذا التطور الهائل أصبح الكثيرون من مستخدمي تلك المواقع يعانون من فوبيا «الشهرة»، تحت شعار «مد علشان نلحق التريند»، بعد أن أُسيئ استخدام تلك الوسائط بشكل فاق حدود اللامعقول!

لقد أصبحت مواقع التواصل عالمًا من الـ«فوتو شوب» لشخصيات مشوهة نفسيًا.. يتحدث كثير من مستخدميها عن الأخلاق والفضيلة، في حين أنهم لا يعرفون شيئًا عن الفضيلة سوى «أبلة فضيلة وحواديتها» ومع ذلك لم يتأثروا بها!

يحدثونك عن الإنسانية والوطنية، فتتعايش مع كتاباتهم وتصدقها، وتكاد تبكي من فرط مثاليتهم، وعندما تهبط إلى أرض الواقع وتصطدم بحقيقتهم، تتفاجأ بأنهم ليسوا سوى «تجار نفاق ولايكات»، وأن تلك الصفات لا تتجاوز حائط فيس بوك!

إن خالفتَ «أصحاب الفضيلة» الرأي، سحبوا منك «صكوك الإنسانية والوطنية» ومارسوا ضدك أبشع أنواع الإرهاب الفكري، والأذى النفسي، ولا ضير في أن يصيبك السباب بأقذع الألفاظ، والخوض في عرضك وإلقاء التهم عليك جزافًا.

مع الأسف، وصلنا إلى درجة من إدمان مواقع التواصل، حتى أصبحنا في حالة مزرية من الإحباط واليأس، فقدنا على إثرها قيمة الرضا، والخوض في الأعراض وإساءة السمعة وانتهاك الخصوصية وفبركة الشائعات.. ولا مانع من الاستدلال بآية قرآنية، أو حديث نبوي، أو دعاء، أو منشور.. عن الفضيلة!

الواقع والشواهد تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت الآن مصدرًا قويًا للطاقة السلبية من أصحاب النفوس المظلمة والمريضة.. حيث زاد النفاق والرياء، من دون مراعاة مشاعر أو ظروف الآخرين، كما أنها أفقدتنا التواصل الحقيقي مع العائلة والأصدقاء.

ما يدعو للأسى أن مواقع التواصل أصبحت تنضح باستعراض مثاليات كاذبة وبطولات وهمية، لمرضى نفسيين ومعقدين، شغلهم الشاغل الشهرة والانتشار، ولو على حساب أي قيم أو مُثُل أو تقاليد راسخة.

إننا نتحدث تحديدًا عن استخدامات السوشيال ميديا في بلادنا العربية، التي تحتاج إلى سنوات ضوئية طويلة للحاق بسكان غرب الكرة الأرضية، الذين يستخدمونها بحسب وظيفتها الأساسية، وهي التواصل، وليس الانفصال أو الهدم الاجتماعي.

الغرب ليس لديهم وقت لتشكيل لجان مدفوعة، أو ذباب إلكتروني، لاستهداف بلدان وأوطان أو مؤسسات أو سمعة أشخاص، كما أنهم لا يمتلكون رفاهية الوقت الكافي للترويج للشائعات.. إنهم ببساطة يتميزون بامتلاكهم «الوعي والمعرفة».

أخبار كاذبة وفيديوهات مفبركة وإسقاطات مبتذلة وإساءة للسمعة وتجريس وفضائح، بدءًا من نشر أكاذيب ونسج خيالات وهمية، وإبراز جرائم جنائية بشعة، مرورًا بترويج بالتعاطف مع أحداث إرهابية دامية، وليس انتهاء بالتدني والسقوط في مستنقع التشهير والفضائح لبعض الجرائم الأخلاقية.. سواء أكان ذلك بسوء قصد، أو بـ«حسن نية»!

أخيرًا.. رغم أن مواقع التواصل أصبحت جزءًا أساسيًا في حياتنا واستخداماتنا الإنسانية، لكننا لا نتصور أن تكون محورًا لحياتنا واهتماماتنا، أو منصة فضائح وتشهير، أو أن تصبح معولًا هدامًا في ضرب القيم والأخلاق وثوابت الدين، وأداة رخيصة لضرب ما هو معلوم من الفضيلة والإنسانية بـ«كبسة زر».

[email protected]