عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

أعترف بأن الموقف بدا لي مستفزًا على نحو لا يجب أن يمر دون الإشارة إليه، ويستحق أن أزعج القارئ به وأشركه معي في الاطلاع عليه، خاصة أننا في عصر نسابق فيه الزمن ولا تمر دقيقة إلا ويكون الخبر في عقل وقلب المشاهد والمستمع. فما بالك أن تقدم له أخبارًا مضى على حدوثها أكثر من 48 ساعة!! فقد قادتني الظروف لمتابعة غير مخططة لقناة «إم بي سي مصر» صباح أمس الأحد في الثالثة والنصف قبل الفجر بقليل. ولأن ما تقدمه المذيعة يدخل في نطاق ما أود متابعته وهو منتدى الشباب في شرم الشيخ، حيث كنت قد تابعت جانبًا من الافتتاح مساء اليوم السابق، فقد رحت أصغي وكلي آذان مصغية لما تقوله المذيعة، وسرعان ما خاب أملي ليس في سماع جديد وإنما فيما تقدمه المذيعة ككل، فهو أشبه أو أقرب إلى «الطبيخ البايت».

ولأني لم أصدق عيني بسبب أنني في حالة أقرب إلى النوم ، فقد رحت أتأمل الشاشة جيدا فلاحظت كلمة «إعادة» على يمينها وعلى يسارها اسم البرنامج «الجمعة في مصر». سألت نفسي أي جمعة ونحن في يوم الأحد. صبرت على نفسي ولأن الظرف لم يكن يتيح لي سوى أن أقتل الوقت بمتابعة أي شيء، فقد واصلت المتابعة لأجد المذيعة تعلن عن قرار النائب العام بتشكيل فريق من النيابة العامة بالمنيا للتحقيق في حادث أتوبيس المنيا رغم أن الضحايا تم دفنهم وتشييع جثامينهم والجناة يتم مطاردتهم وربما يتم القبض عليهم قبل أن يحل موعد اللقاء الجديد للبرنامج.

ثم راحت المذيعة تتناول فعاليات منتدى شرم الشيخ، وتتحدث عن قرب الافتتاح رغم أنه كان قد تم افتتاحه بالفعل، ومما بدا مثيرًا للدهشة أن خلفية المشهد فيديو قصير لورشة عمل خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة تكرر عرضه على خلفية صوت المذيعة أكثر من أربع مرات.. تخيل.. رغم أن شرم الشيخ قريبة وقد كان يمكن لطاقم التصوير الحصول على كم غزير من الفيديوهات التي تقدم صورة شاملة ومنوعة لما يحدث في المنتدى! حدث الأمر ذاته حينما تطرقت المذيعة لافتتاح الرئيس للمؤتمر واستعانت بفيديو للرئيس خلال جولته بالدراجة في شرم الشيخ، حيث تم عرض فيديو جولة الدراجة أكثر من مرة. وحينما راحت المذيعة تستعين بزميل صحفي يتابع المؤتمر راح يتحدث عن أحداث وترتيبات يوم الجمعة ما قبل الافتتاح! دون أن أعيد ذكر أن المؤتمر بدأ ويوشك أن يختتم أعماله!

وعلى غرار البرامج التي تجعلك تعيش حالة «حكايات من زمن فات»، فقد واصل البرنامج بثه بفقرة عن مباراة الأهلي والترجي التونسي تجعل أعصابك مشدودة من القلق على مصير المباراة رغم أن الأهلي فاز على خصمه ويستعد لمباراة العودة في تونس الجمعة المقبلة. وإمعانًا في إصابة المشاهد بالغيظ، رغم أن ذلك، بشكل جزئي ليس ذنب المذيعة أو حتى طاقم الإعداد، كانت هناك فقرة عن محمد صلاح وما ينتظر منه في مباراته مع فريقه ليفربول وهي المباراة التي تمت ويستعد صلاح لما بعدها.

لم أتمالك نفسي بعدها وقررت البحث عن قتل الوقت في أي شيء آخر أكثر فائدة، غير هذا الأكل الذي مر على إعداده أيام وأصابه التلف، ورحت أسأل نفسي : إلى هذا الحد تبحث الفضائيات عن أي طريقة لشغل ساعات البث الخاصة بها؟ من قال إن الفضائيات يجب أن تستمر ويتواصل بثها طوال 24 ساعة؟ وهل يعني ذلك بث أي شيء والسلام حتى لو برامج أصبحت مادتها قديمة وتجاوزها الزمن؟ فضلا عما يمكن أن تسهم به في تضليل وخداع المشاهد العادي الذي قد لا يكون يقرأ أو يكتب حيث سيصعب عليه معرفة أن ذلك البرنامج إعادة بشكل قد يتصور معه أن الأحداث التي يتناولها لم تتم رغم أنها تمت وأوشكت أن تنتهي؟

وإذا كان هذا حال قناة يرى الكثيرون أنها تتمتع بالريادة في مصر، فما بالنا بقنوات أخرى من الأقل تمويلا وطاقم عمل؟ أو قنوات «بير السلم» . صحيح أن ذلك يتم في قنوات أخرى بما فيها قنوات تابعة للمجموعة مثل «إم بي سي 2» حيث يتكرر الفيلم على مدار ثلاثة أيام كاملة ما بين الصباح والمساء، غير أن الأمر يتعلق في النهاية بأفلام وليست أحداثًا، بما يعني أنه ممكن عرضها بلا قيود زمنية، وفي أي وقت لمن فاته مشاهدتها.

 وإذا كان بند الإعلانات هو المتحكم باعتبار أن البث مرتبط بزيادة الإعلانات، فهل تصل سطوته إلى حد الحرص على عرض أي مادة والسلام؟ وهل في سهر المواطن المصري أمام برنامج معاد ومكرر أي فائدة؟ ألا يعني ذلك أن الفضائيات المصرية في حاجة لأن تعيد النظر في أسلوب عملها؟ هل من المحرمات أن تغلق أبوابها وتنهي برامجها مع حلول منتصف الليل مثلا؟ ألا يعني ذلك أننا نعيش حالة إفلاس فضائي، وأن زمن القناتين الأولى والثانية زمان ربما كان أفضل بكثير من التشوه الذي نعيشه؟ أسئلة كثيرة أظن أن إجابتها لدى القائمين على هذه القنوات!  

[email protected]