رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

مصادفة غريبة جدا، عندما أذاعت الفضائيات خبر الحادث الإرهابي المؤسف فى المنيا، والذى راح ضحيته سبعة مصريين، كانوا فى زيارة لدير الأنبا صموئيل، كنت أقرأ تفاصيل واقعة جرت فى سنة 714 هجرية، بطلها أحد الحمقى المتطرفين فكريا، اسمه الشيخ نور الدين على البكرى(ت 724هـ)، الواقعة ذكرها بشكل مفصل النويرى(ت 733هـ)، والمقريزى(ت 845هـ)، واشار إليها دون ذكر ابن كثير(ت 774هـ).

الواقعة جرت قبل 726 سنة، فى شهر المحرم سنة 714هـ، كان على رأس النظام السلطان الناصر قلاوون(ت 741هـ)، حكم مصر حوالى 43 سنة على ثلاث فترات، التفاصيل تبدأ من سماحة ومحبة المصريين، اخوتنا فى الوطن كانوا يعدون لاحتفال داخل الكنيسة، مال القسس على خطيب المسجد العمرى المجاور لهم، استسمحوه أن يعيرهم بعض قناديل المسجد لزيادة الإنارة داخل الكنيسة، الخطيب اعارهم ببساطة شديدة ما احتاجوه، الأحمق نور الدين البكرى علم بخبر القناديل، وكان ينتحل صفة المحتسب، يقوم على رأس جماعة بالأمر بالمعروف، جمع بعض أعوانه، هجم على الكنيسة، انتزع القناديل، وأطفأ الشموع، وأفسد بجهله وتطرفه الاحتفال، ثم ذهب إلى الجامع وأهان الخطيب اهانة بالغة.

البكرى الأحمق لم يكتف بهذا، صعد إلى القلعة وقابل الأمراء وطالب العون، فقد سمع بوصول فعلته إلى السلطان، وكان أمير الجيش قد أخبر الناصر قلاوون وغضب غضبا شديدا، كيف يجرؤ هذا الأحمق ويقتحم الكنيسة ويفسد على المحتفلين احتفالهم، قرب العصر سمح السلطان للبكرى بالدخول عليه، ذكر البكري من الآيات والأحاديث التي تتضمن معاداة النصارى، وأخذ يحط عليهم، ثم أشار إلى السلطان بكلام فيه جفاء، فقال السلطان له: ويلك! أنا جائر؟، فقال: نعم! أنت سلطت الأقباط على المسلمين، وقويت دينهم. فلم يتملك السلطان نفسه عند ذلك، وأخذ السيف وهم بضربه. فأمسك الأمير طغاى يده، وما زالوا به حتى أمسك عنه، وأمر بقطع لسانه، فأخرج البكري إلى الرحبة، وطرح إلى الأرض، والأمير طغاي يشير إليه أن يستغيث، فصرخ البكري وقال: انا في جيرة رسول الله، وكررها مراراً حتى رق له الأمراء، فأشار إليهم طغاي بالشفاعة فيه، فنهضوا بأجمعهم وما زالوا بالسلطان حتى رسم باطلاقه ونفيه خارج مصر».

الذى يجب أن نتوقف أمامه فى هذه القصة، ليس حماقة وتطرف البكرى، لأنه مثل النغمة النشاز، حادثة وتنتهى بانتهاء فاعلها،  بل يجب أن نتوقف ونتأمل السماحة والإخوة التى كانت سائدة بين المصريين، والتى اتضحت من العلاقة بين رجال الدين، ومن غضب واستنكار من شاهدوا وسمعوا بالواقعة، وغضب السلطان ومعاقبته للمتطرف الأحمق.

هذه الجرائم لا تمثل سوى فاعلها، ولا تؤثر أبدأ على العلاقة بين المصريين، المصريون زمان أدانوا واستنكروا وغضبوا، واليوم أيضا يغضبوا ويدينوا وينتظروا الثأر، وعندما يؤخذ نفرح ونشعر بالاطمئنان، رحم الله الشهداء، وأعاننا على تطهير البلاد من الحمقى المتطرفين.

[email protected]