رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

كثيرة هى المؤشرات الدالة على أن الأوضاع فى تونس ليست ذاهبة نحو الاستقرار، وربما لن يكون آخرها الحادث الإرهابى لامرأة داعشية  تبلغ من  العمر ثلاثين عاما  فجرت نفسها  فى قلب العاصمة، وتسببت فى جرح 20 من الجنود،  وتبنى تنظيم داعش الإرهابى عملها والكشف عن اسمها، وتوعده بمواصلة عمله فى مدن أخرى، وإقراره أن المرأة المنتحرة تم تجنيدها عبر وسائل التواصل الاجتماعى. بهذا يدخل الإرهاب الجهادى طرفا فى السجال السياسى الملتهب فى الساحة التونسية، التى تستعد فى نوفمبر من العام القادم لإجراء الانتخابات الرئاسية ولا تستبعد قوى سياسية تورط حركة النهضة فى هذا التفجير.

وقبل أيام كشفت السلطات التونسية عن تنظيم سرى لحركة النهضة الإخوانية، بمناسبة إعادة التحقيق فى اغتيال  المعارضين التقدميين «شكرى بالعيد» ومحمد البراهيمى، والتى تتهم حركة النهضة بقتلهما للدور الذى قاما به فى كشف  أساليب الحركة فى استخدام الاغتيال السياسى لإرهاب خصومها، وإخضاع المجتمع بالعنف لتحقيق مصالحها. وكانت هيئة الدفاع عن بالعيد والبراهيمى  قد كشفت عن أن قيادات من جماعة الإخوان المسلمين المصرية، هى من دربت حركة النهضة على إنشاء التنظيم السرى، ليكون نظيرا للتنظيم الخاص الذى أسسته الجماعة فى مصر لتنفيذ العمليات السرية لخدمة أهدافها وكان فى القلب منها عمليات الاغتيال للقضاة والخصوم السياسيين. وكشفت الوثائق التى بحوزة التنظيم السرى للنهضة، عن وجود كشوف بأسماء ضباط فى الجيش والشرطة وشخصيات عامة، وعناوين إقامتهم، وخطط معدة للتنسيق مع الأجهزة الأمنية لتأمين قيادات الحركة، وتدريب أعضائها، وجمع المعلومات المتعلقة  بصناعة القرار السياسى. ولم يكن مفاجئا أن يكشف النقاب عن أن المسئول المباشر عن التنظيم السرى، هو زعيم الحركة «راشد الغنوشى».

قبل شهر أعلن الرئيس التونسى «قائد السبسى» فض التحالف بينه وبين حركة النهضة، التى باتت جزءا من التحالف التركى -القطرى   الداعم الإقليمى لجماعة الإخوان، وهو محور لا يخفى مساعيه لدعم طموح أردوغان، لقيادة العالم الإسلامى  بعودة الخلافة الإسلامية بزعامته، وهو طموح عصى على التحقيق بدون إدماج جماعة الإخوان فى النظم الحاكمة فى دول المنطقة، بعد أن وضعتها مصر والسعودية ودولة الإمارات فى عداد المنظمات الإرهابية.

سبعة أعوام مضت على ثورة الياسمين التونسية، التى أتاحت لتيار الإسلام السياسى  الوجود فى الحياة السياسية، ومنحت الفرصة لحركة النهضة التونسية للمشاركة فى الحكم، وكان عائدها مخيبا للآمال: زيادة مساحة العنف والإرهاب فى المجتمع، وفشل الائتلافات الحكومية فى تقديم حلول للأزمة الاقتصادية المتفاقمة بعيدا عن  سياسة القروض وإملاءات مؤسسات المال الدولية التى تصعب حياة الفئات الفقيرة. وقبل هذا وذاك لعبت  المراوغات والابتزازات  والحيل التى تقوم بها حركة النهضة للبقاء فى المشهد السياسي مهما كان الثمن، دورا فى إفقاد التونسيين الثقة فى أن الديمقراطية هى الوسيلة المثلى لخروج بلدهم من أزماتها، بعد  أن بدت لهم  خالية من أية أبعاد اجتماعية واقتصادية، وجلبت لهم عنفا وإرهابا من كل ناحية، وعجزت عن ضمان الاستقرار الأمنى والسياسى لوطنهم، وأشاعت الفوضى وحالات  من اليأس فى قدرتها على الأخذ بالبلاد نحو المستقبل.

إذا كان من درس يستخلص من ذلك، فهو أن ما يجرى فى تونس، كما كان الحال فى مصر، هو سعى حركة الإخوان التونسية لهدم أركان الدولة الوطنية، لصالح مشروعها الأممى فى قيام دولة الخلافة. لكن وعى القوى السياسة المدنية بهذا الخطر، هو من ساهم فى إعادة المحاكمات فى قضايا الاغتيال السياسى، وشجع السلطات التنفيذية على إحالة قضية التنظيم السرى لحركة النهضة، إلى المجلس الأعلى للأمن القومى، بما قد ينتهى بحلها، وينهى الاحتقان الذى سببه مشاركة تنظيمات دينية فى السلطة، عبر التلاعب بالأدوات الديمقراطية.