عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نظرة للمستقبل

 

الوطن هو المكان الذى يولد الإنسان فيه وينشأ على أرضه منذ نعومة أظفاره حيث يكبر ويترعرع فى أكنافه، ويحمل هويته التى تميزه عن غيره، وهو أثمن ما فى الوجود، الوطن لا يعبر عن الحيز الجغرافى الذى يشغله بل هو المكان الذى لاقى فيه الإنسان عائلته وأصدقاءه، وتعلق برائحة ترابه، ونسمات هوائه، وإذا قام بمغادرته أحسّ بالنقص والحنين للعودة إليه. إن حب الوطن أمر مرتبط بالانتماء إليه، فالإنسان بطبيعته يتأثر بالمكان الذى ولد فيه ونشأ وعاش على ترابه، ومن هنا يقع على الأهل عاتق تنشئة أبنائهم تنشئة اجتماعية صحيحة تزرع فيهم الانتماء للوطن، وتلبية مصالحه واحتياجاته وتعزيز وطنيتهم. ومن هنا تأتى الرغبة فى أن تسود المحبة والمودة بين أبناء الوطن، وأن يكون هناك جو من التعاون ليكونوا متماسكين فى مواجهة المصاعب والظروف المختلفة، وأن يعيش جميع أبناء الوطن حياةً كريمة، من خلال معرفة الحقوق والواجبات والقيام بها، ومن هنا أيضًا يجب على الأهل أن يغرسوا قيم المساهمة فى بناء الوطن بالعلم، والدراسة، والتنفيذ، والنجاح وأن يتعلموا شعور المسئولية تجاهه لتحقيق سيادته والارتقاء به. وليحقق معنى الإبداع الوطنى وهو التفاف الجميع حول وطنهم لتحقيق مبتغاهم الوطنى الذى يعلو قيمة وشأن بلدهم وإن أحببت وطنك، فاحرص على ألا تنظر إليه بنظرات العداء والسخط، فرزقك فى السماء، وأمنك فى ديارك، ولقمتك يسوقها إليك المولى سوقاً. وإن أحببت وطنك، فكن أمينًا مخلصًا له فى عملك، فإخلاصك لوطنك هى نية خالصة لله تعالى. فتؤدى عملك بأمانة وجد وعزم، وتبتعد عن ظلم البشر وإن أحببت وطنك، فكن داعية للخير، تزرع الخير هنا وهناك، ولو بكلمة طيبة، أو صدقة تتصدق بها على محتاج لتحقق معانى «التكافل» على أرضه، كن داعية تنشر مفاهيم العطاء، وتجد فى السير لتصلح كل طريق معوج، ولو بكلمة ناصحة. وإن أحببت وطنك، فلا تكتف بأن تلبس «الوشاح الأحمر» وتصفق فرحًا بمناسباته، فالوطنية والحب تتمثل باكتحال عينك بحبه بأن تكون عنصرًا بناء فاعلًا فى المجتمع، لا عنصر هدم وتخريب وفوضى، فيشار إليك بإشارات تؤدى إلى سقوطك من أعين الناس، فكن بذلك القلب الرحيم الذى يجمع قلوب الناس فى مساحات وطنه على حب الوطن واجتماع الكلمة والبعد عن مصالح النفس الفئوية. عذراً، فوطنى أكبر من أن أكتب عنه هذه الكلمات المعدودات، إنه وطن يسكن فينا ونسكن فيه، ودعاؤنا دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام: «رب اجعل هذا بلدا آمنًا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر»، فالدعاء أفضل رسالة حب للوطن، ونحن نعلم يقيناً إن وطننا الغالى على الرغم ما مررنا به من ظروف قاسية كادت أن تجعل من أى بلد آخر تغيرات جذرية إلا أن مصر دائماً تبهرنا فى أصعب الظروف بأن تخرج لنا شباباً يستطيعون أن يغيروا وأن يبهروا العالم، فتجد العلماء النوابغ يزيدون لحظة تلو الأخرى وقلبهم متعلق حباً وشوقاً بأن يقدموا خيراً لبلدهم، وهذا ليس بجديد على الساحة المصرية ولا على خير أولادها فنجد علماء يقدمون الخير فى مجال الطب والهندسة وأيضاً على المجال العسكرى وأيضاً لا ننسى باقى المجالات التى لها تأثير جوهرى مثل ما سبق فهذا إن دل يدل على الحب المزروع داخل كل شخص على أرض مصر لم يأت هباء منثوراً إنما هو عن تراكمات ورسائل محفوظة بل ومحفورة داخل هؤلاء الناس أى إبداع وحب وجمال يصل إلى قلب هذا الشعب تجاه وطنهم وأدرك مفكرونا النهضويون هذه الحقيقة، فأشار رائد التنوير العربى الشيخ رفاعة الطهطاوى إلى حديث «حب الوطن من الإيمان»، ورأى أن الوطنية رابطة أساسية ودافعًا للتضحية، وأن الأخوة الوطنية موازية للأخوة الدينية، وجميع ما يجب على المؤمن لأخيه المؤمن يجب على أعضاء الوطن من حقوق، بصرف النظر عن معتقدهم الدينى. إن للوطن منزلة عزيزةً فى أى نفس، ولحبِّه بقعة من الفؤاد ليست لشىء آخر مهما غلى وعزَّ، ولأحداثه وذكراه ثبات لا تطاله يد النسيان، ومن أجل هذا فهو من صور الإيمان؛ ولهذا هو أغلى من كل الأثمان، ولهذا فإن الوطن يعنى الإنسان.