رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكاية وطن

 

أن تصل متأخراً خير من ألا تصل، الظروف التى حلت بنا فى العقود الماضية جعلتنا نتخلف عن ركب التقدم، ففى الوقت الذى يركب فيه العالم صاروخاً للبحث عن الجديد، نحن نتجول على ظهر سلحفاة عرجاء نلم فتافيت التكنولوجيا بعد أن تصبح موضة قديمة.

الموضة الجديدة القديمة التى نحتفل بها هذه الأيام تزفها إلينا وزارة المالية بأنها تواصلت مع احدى الشركات الدولية المتخصصة لتوريد ماكينات الكترونية لاستخراج تذاكر المترو للجمهور لمواجهة التكدس والتزاحم على شبابيك التذاكر، وتسمح الماكينات برد الفكة للمواطنين فى حال ادخال مبلغ أكبر من قيمة التذكرة. مشكورة وزارة المالية انها فكرت فى راحة المواطنين بتقديم خدمة بدلا من فرض ضريبة، وأخشي قيام الدكتور  محمد معيط  وزير المالية بفرض ضريبة «بدل طابور» بعد تطبيق هذه التكنولوجيا التى ترحم ركاب المترو من التكدس داخل المحطات فى طوابير لا تنتهى للحصول على التذكرة ما يعطل الموظفين والعاملين عن الذهاب الى أعمالهم  أو العودة إلى منازلهم، بخلاف المظهر غير الحضارى الذى يحول صالات المترو الى ما يشبه السوق.

وربما تكون فكرة تركيب ماكينات حجز التذاكر  داخل محطات المترو أو فى الشوارع القريبة منها دعوة مستجابة لى شخصياً تأخرت أكثر من 20 عاماً، فعندما كنت فى زيارة الى ايطاليا، وقررت التجول فى أحياء روما، توجهت الى محطة المترو باعتباره أسرع وأسهل وسيلة مواصلات، واكتشفت أن حجز التذاكر ليس داخل محطة المترو، ولكن تستطيع أن تحصل على التذكرة فى أماكن  محددة بالشوارع بالقرب من المحطة، وبالفعل اتجهت الى أقرب ماكينة تذاكر، ودفست ورقة فئة خمسمائة ليرة داخل  الماكينة، فأعادتها لى مرة أخري، وكررت المحاولة عدة مرات، وكانت الماكينة تعيد لى الورقة المالية مرة أخري، واعتقدت اننى قد حرمت من رحلة لذيذة بمترو الأنفاق، ولكن اقترب منى أحد الأشخاص وأخبرنى أن الماكينة ليست بها فكة لتعيد لك باقى المبلغ، وتطوع هو بسحب تذكرة على حسابه، وتبين أنه مصرى يعمل بايطاليا وأخبرنى أن هذه التكنولوجيا المطبقة فى حجز التذاكر تصلح لجميع وسائل النقل هنا وتم الاستغناء عن المحصلين تماماً، قلت له لو الراكب استقل الأتوبيس بدون تذكرة قال لى ممكن لكن أحياناً يطلع المفتشون ولو ضبطوا راكبا بدون تذكرة يبقى يا ويله وسواد ليله، وهنا كل واحد يحترم المال العام ولا يتهرب من سداد ما عليه والضرائب التى يدفعها المواطن تعود عليه فى شكل خدمات أخري.

استمتعت بأيام فى روما وكنت مستمتعا بالتكنولوجيا، وقلت يارب متى نرى مثل ذلك فى مصر، ونترحم من الطوابير التى يسب فيها بعضنا بعضا ونحول الطابور الى عدة طوابير عشوائية، والراكب فينا لا يقف خلف الواقف أمامه بل يعمل فيها من بنها ويذهب الى الشباك مباشرة بدون احترام للطابور، تأخرت تلبية الدعوة حوالى 20 عاماً، ولكنها تحققت وأكدت وزارة المالية إن ماكينات حجز التذاكر سيتم تركيبها قريبا فى المحطات الرئيسية للمترو  بعد تجربة أنواع التذاكر على الماكينة الالكترونية في الشركة التي تم التعاقد معها في الخارج  وتمت العملية بنجاح.