رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

فى الأسبوع الماضى، لم يكن هناك حديث يدور فى كل المنتديات غير حادثة مقتل الصحفى السعودى جمال خاشقجى. وقد علق أحد الأصدقاء على ذلك بالقول، إنَّ أحداثًا أخرى سوف تجد وتطغى الأحداث الجديدة عليها بحيث تتوارى إلى الصفحات الداخلية من الصحف، وتتنازل عن مقدمة النشرات الإخبارية فى الإذاعة والتليفزيون.

وقد وافقته الرأى، فهذه هى سُنة الحياة، وهذا هو ناموس الأخبار وشريعة العمل الإخبارى. ولكن ما لم يكن فى حسبانى ولا فى حسبان صديقى وهو يقول ذلك الرأى أن تتوارى الأخبار الجارية على المستوى المحلى، لكى تفسح مكان الصدارة لأخبار البطاطس.

نعم استولت على صدارة الأخبار حبة البطاطس بما أصابها من سُعار جعل سعرها ينافس الكثير من أسعار الفاكهة، إن لم يكن يتفوق عليها. وقد قيل الكثير فى أسباب ما حدث ومعظمه يرجع إلى عوامل زراعية، مثل ضعف التقاوى وارتفاع حرارة الجو. ولكن السبب الذى حظى بالشعبية الكاسحة هو جشع التجار الذين أرادوا تحقيق مكاسب ضخمة من وراء قلة المحصول، فتمادوا فى خفض المعروض.

ومن حسن الحظ أن كثيرًا من الجهات المعنية وغير المعنية تدخلت فى الأمر، وأمكن ردع البطاطس وهبط سعرها من ثمانية عشر جنيهاً إلى ستة جنيهات. والحمد لله على نعمائه وعلى أنه جعل البطاطس أكبر همنا.

ونظرة خارج الحدود تظهر أن أخبار مقتل «خاشقجى» قد تبعتها أخبار شديدة الوطأة وبعضها مأساوى. ففى الولايات المتحدة رُوِع الأمريكيون بموجة من رسائل المتفجرات التى أرسلت إلى العديد من الشخصيات المهمة، بدءًا من الملياردير سوروس، المعروف بتبرعاته السخية للحزب الديمقراطى الأمريكى، واثنين من رؤساء الولايات المتحدة هما الرئيس كلينتون، والرئيس أوباما ونائبه بيدن، والنجم السينمائى روبرت دى نيرو وغيرهم من الشخصيات المعروفة بمواقفها الانتقادية للرئيس ترامب.

وقد ذكَّرت هذه الحوادث الأمريكيين بحوادث مشابهة حدثت لهم فى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى على يد مجرم أطلقوا عليه آنذاك اسم «يونا بومر». ولكن الفارق كبير بين الأمس واليوم. فمجرم الأمس تمكن من ممارسة أعماله الإجرامية على مدى عقود قتل خلالها ثلاثة أشخاص وأصاب ثلاثة وعشرين آخرين. ولم يمكن القبض عليه إلا بمساعدة شقيقه الذى تعرف على أسلوبه فى الكتابة من خلال مقال نشرته له صحيفة «نيويورك تايمز»، على وعد منه بأن يتوقف عن إرسال الطرود إذا ما نشرت إحدى الصحف الكبرى مقالته. أما مجرم اليوم فلم يستمر فى عملياته سوى بضعة أيام وتم التعرف عليه سريعًا بفضل استخدام التقنيات العلمية الحديثة من البصمات والحمض النووى. وقد اتهمت وسائل الإعلام الأمريكى الرئيس ترامب بأنه تسبب فى هذه الأحداث؛ بسبب خطبه الشعبوية التى تستثير المؤيدين له.

 فى المقابل اتهم الرئيس ترامب، وسائل الإعلام المختلفة بأنها المتسببة فى ظهور مثل هذه الشخصيات المريضة؛ بسبب ما تنشروه وتذيعه من أخبار زائفة وملفقة.

ولم تقف طاحونة الأخبار فى الولايات المتحدة عند حد الطرود الملغمة والتى لحسن الحظ لم تؤد إلى أى إصابات، ولكن الحادثة التالية كانت مأساوية؛ حيث قتل أحد عشر شخصًا، وأصيب حوالى ستة آخرون، بينهم أربعة من رجال الشرطة فى حادث إطلاق نار فى معبد يهودى فى مدينة بيتسبرج بولاية بنسلفانيا.

وهكذا تدور عجلة الأخبار.. طاحونة لا تتوقف ما دامت هناك حياة.