عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ونحن نستشرف مئوية الوفد بعد أيام قليلة، نتوقف مع لمحات سريعة لمواقف الوفد التى أدت إلى تحولات جذرية فى المجتمع المصرى والمجتمعات العربية، خاصة بعد الثورة المصرية الكبرى عام 1919، والآثار التى ترتبت عليها بعد انصهار المصريين فى وعاء وطنى واحد.. وقد توقفنا فى المقال السابق أمام دور الوفد فى تحرير المرأة المصرية، وحصولها على حقوقها السياسية والاجتماعية، وكذا حقوق العمال ومساندتهم فى مواجهة أصحاب العمل الأجانب وإصدار التشريعات والقوانين التى رسخت هذه الحقوق.

وفى هذا السياق ومع انتقال الشعب المصرى من ولاءات مختلفة إلى القومية المصرية، لم يغفل قادة وتيار الحركة الوطنية أهمية الجانب الاقتصادى، خاصة أن نسبة الأموال الأجنبية العاملة فى مصر كانت تسيطر على حوالى 90٪ من الأنشطة وحركة التجارة.

وهنا ربط محمد طلعت حرب بين التحرر السياسى والاقتصادى، وكان يروج بشكل دائم لشعار «مصر للمصريين»، منذ تأسيسه جريدة «الجريدة».

وفى مارس 1920، وبعد الثورة الكبرى بعام واحد حقق حلم الثورة بتأسيس شركة مصرية مساهمة تحت عنوان «بنك مصر» وبعبقريته أدرك سعد زغلول أن سلطات الاحتلال سوف توجه ضربات إلى الوفد وقياداته الوطنية فى شتى المجالات لوأد هذا الحلم الاقتصادى. فطلب من أثرياء مصر مقاطعة البنوك الإنجليزية وتشجيع بنك مصر بشراء أسهمه، وكان أول من لبى الطلب حمد الباسل وچورچ خياط وعلوى الجزار وويصا واصف وغيرهم، حتى بات بنك مصر قوة اقتصادية مصرية أحسن استخدامها وتوجيهها طلعت حرب، وكان أول شركة يؤسسها البنك عام 1922، هى مطبعة مصر بشارع نوبار إدراكاً منه بأهمية الكلمة.. ثم أسس شركة مصر للتمثيل والسينما عام 1925 وتوالت شركات بنك مصر لتمصير المشروعات المهمة، ونجحت الثورة فى توجيه ضربات اقتصادية لسلطة الاحتلال، وأسست لاقتصاد وطنى قوى فاق كل التوقعات، إلى حد أن مصر احتلت صدارة العالم من الغطاء الذهبى حتى عام 1941، وكان الجنيه المصرى الواحد يزيد على 8 دولارات أمريكية، واستدانت بريطانيا وأمريكا من مصر فى حقبة الأربعينيات بسبب الحرب العالمية الثانية.

هنا تجدر الإشارة إلى أن التحولات الجذرية فى المجتمع المصرى، جعلت قادة الحركة الوطنية المصرية، ينظرون إلى خارج حدود القطر المصرى لترسيخ فكرة القومية العربية بعد أن ترسخت فكرة مصر للمصريين، فكانت المساعدات العينية والفنية للأشقاء، ودعم حركات التحرر فى العالم العربى.. ورغم انشغال حكومة الوفد بجلاء القوات البريطانية من مدن القناة بعد حصول مصر على استقلالها عام 1922، إلا أنها لم تنس القضية الفلسطينية وسعت بقوة لإنهاء الانتداب البريطانى على فلسطين، وفى سبيل تحقيق هذه الغاية ساند الوفد الوطنيين الفلسطينيين وعلى رأسهم فى هذا الوقت محمد أمين الحسينى مفتى فلسطين، كما ساند الوفد الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، لإيقاف الهجرة اليهودية إلى فلسطين برعاية بريطانية، وزار النحاس باشا فلسطين عام 1943، للقاء قادة المقاومة الشعبية ومدهم بالدعم المالى والسلاح لمجابهة الدعم الدولى للعصابات الصهيونية.

هنا أدركت حكومة الوفد أهمية وجود كيان لتوثيق التعاون بين البلدان العربية، ودعا مصطفى النحاس، رئيس وزراء مصر عام 1944، كلاً من جميل مردم رئيس الوزراء السورى وبشارة الخورى رئيس الكتلة الوطنية اللبنانية إلى القاهرة لطرح هذه الفكرة بهدف تعزيز الروابط بين الدول العربية سياسياً واقتصادياً، وصياغة مناهج تعليمية مشتركة والحفاظ على التراث الثقافى العربى، وتحرير المرأة العربية، والنهوض بدورها، وأثنى على الفكرة الأمير عبدالله حاكم الأردن.. وانضم إلى المشاورات ممثلو العراق والسعودية واليمن وبدأت لجنة فى أكتوبر 1944، لصياغة بنود تأسيس هذا التحالف.. واستقر الأمر بقرار تأسيس جامعة الدول العربية فى 22 مارس 1945، وقبل تأسيس منظمة الأمم المتحدة بشهور، ما جعلها أقدم منظمة دولية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبدأت بسبع دول تتمتع بالاستقلال السياسى فى هذا الوقت، وتم اختيار عبدالرحمن عزام أول أمين عام للجامعة لمدة عامين..

وللحديث بقية الأسبوع القادم إن شاء الله