رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم وطن

اليوم أعيد نشر مقالى بـ«الوفد» الذى نشر منذ ثمانية أشهر وكان تحت عنوان «شهادة أمان للفلاح» والذى يتضمن الأسباب التى قفزت بأسعار البطاطس من نصف جنيه إلى 12 جنيهاً.

حسنا ما فعلته الحكومة لتأمين مستقبل الفئات التى لا تتمتع بدخول ثابتة وليس لهم غطاء تأمينى، ومن هذه الفئات وضعت المزارع وكنا نتمنى أن تكون شهادة الأمان للفلاح بطريقة أخرى خلاف شهادة الأمان التى لن يستفيد منها المزارع إلا بعد بلوغه سن المعاش أو وفاته، ولكن شهادة الأمان التى نتحدث عنها هى مجموعة إجراءات تقوم بها الدولة تجاهه تغنيه عن الانتظار عشرات السنين وتجعله يجنى ثمار جهده وعرقه وهو فى مرحلة الشباب وسيرفض بنفسه شهادة الأمان التى ستؤتى ثمارها له وهو فى مراحله الأخيرة أو فى الآخرة.

ولكى يكون الأمر أكثر وضوحاً فإن الغالبية العظمى من المزارعين غارقون فى الديون سواء كانت لدى بنوك التسليف أو لأصحاب الوكالات ومحلات الأسمدة والمبيدات، وهذه المديونيات لم تأت هباء أو أن المزارع ينفقها على اللهو أو الفنجرة، ولكن معظمها خسائر تكبدها بسبب جشع التجار وأصحاب الوكالات والسماسرة وغياب دور الدولة وعدم وجود رؤية واضحة فى تسويق المحاصيل والخضراوات والفاكهة وترك المزارع فريسة بين أيديهم فى مسلسل طويل حلقاته لا تنتهى، تبدأ بقيام المزارع بالاستدانة من طوب الأرض لزراعة أرضه بعد أن تخلت عنه الحكومة منذ سنوات بعيدة ورفعت أى نوع من الدعم كان يحصل عليه سابقاً. وسلمت أمره للشركات والأفراد لمص دمائه وبيع مستلزمات الزراعة بأسعار باهظة ومنها ما هو غير مطابق ومنها ما جاء إلى مصر بالتهريب بعد اختفاء الدور الرقابى وترك الأمور للمصادفة ليجد المزارع نفسه مديناً بمبالغ خيالية تفوق التكلفة بمراحل ويبدأ المزارع فى تسويق منتجاته فى سوق يفتقد كل أنواع العدل والرحمة، ويزيد عليها عدم الاعتراف بقواعد العرض والطلب والتكلفة والمصروفات الخاصة بكل سلعة على حدة والشىء الوحيد الذى يحتكم إليه الفلاح هو علاقة العبودية بينه وبين صاحب الوكالة الذى يقرضه الآلاف للإنفاق على الزراعة مقابل التحكم فى المحصول وشرائه بالبخس، أو انتظار السماسرة الذين يروجون أسعاراً لا تتناسب مع التكلفة ويفرضون أسعارهم بالاتفاق على ذلك، وما نراه فى محصول البطاطس هذا العام خير دليل على ما نقوله، فمجرد ما توقف تصدير البطاطس للخارج فوجئنا بانهيار أسعارها بطريقة غير مسبوقة لدرجة أن ثمن المحصول لا يساوى أجور العمالة التى تقوم بتقليع البطاطس وتعبئتها وانخفض سعر الكيلو ليصل إلى نصف جنيه للكيلو، والمحظوظون من وراء هذه الكوارث أصحاب مصانع الشيبسى والثلاجات الذين يقومون بتخزينها لأوقات معينة وبيعها بأسعار تزيد على ثمنها عدة مرات، والسؤال هنا أين دور الدولة مما يحدث؟ وكيف تنظر الدولة إلى عصب الدخل القومى من الزراعة وهو يترنح ويترك المهنة وكأن الأمر لا يعنيه ولا تسعى لتعويض خسائره أو تقليلها أو التصدى لجشع التجار أو التدخل السريع لوقف قرارات الدول التى أوقفت التصدير ومعاملتهم بالمثل؟ الحكومة لا تتخيل موقفها إذا تقاعست عن دعم ومساندة المزارع المصرى، سوف تضطر تحت ضغوط الحاجة دعم المزارع الأجنبى ووقتها سندفع دم (قلبنا) لتوفير العملة الصعبة، وسترتفع الأسعار بطريقة جنونية كما يحدث حاليا فى الفول المدمس والعدس والسكر وغيرها من المحاصيل التى كنا نصدرها لجميع دول العالم، والآن أصبحنا على قمة هرم المستوردين، وسوف أكرر ما قلته وأقوله مرارا وتكرارا: حافظوا على المزارع الذى بشبه الدجاجة التى تبيض لنا ذهبا وذبحه لن يفيد إلا المزارع الأجنبى.