عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

 

 

أزمة البطاطس وتدخل الدولة لتحجيمها بطريقة تقليدية أو ودية تجعلنا نتساءل عن هوية الاقتصاد المصري: هل هو اقتصاد حر يخضع لآليات العرض والطلب.. أم هو اقتصاد اشتراكي يسمح للدولة بالتدخل لتحديد الأسعار لحماية الطبقات الفقيرة من تقلبات السوق..؟

في السياسة نظامنا «برلماسي»، حيث تشترك الحكومة التي يوافق عليها البرلمان مع رئيس الجمهورية في وضع السياسة العامة للدولة، والإشراف علي تنفيذها، فهل الاقتصاد يجمع بين النظام الحر والنظام الاشتراكي أي بين الاثنين، أم حسب ظروف كل حالة؟

الهبة التي قامت بها أجهزة الدولة لمواجهة ارتفاع أسعار البطاطس والدور الكبير الذي قامت به وزارة الداخلية لتوفير السلعة من خلال شوادر كبيرة في التجمعات السكانية أشرف عليها ضباط من الوزارة، وحملات مباحث التموين علي ثلاجات تجار البطاطس لإجبارهم علي طرحها في الأسواق، وجهود أخري لوزارة التموين، كلها أدت إلي توفير البطاطس في السوق بأسعار وصلت إلي نصف ثمنها الذي كان يعرضه التجار، لكن هذا حل مؤقت لا يضمن أحد استمراره، وقد ترخص البطاطس وترتفع أسعار سلعة أخري بشكل يفوق الحد، ونظل ندور في نفس الحلقة من اتهامات للتجار الجشعين، وزيادة نمط الاستهلاك عند السكان إلي آخره، والذي جعلني أثير مشكلة هوية الاقتصاد هو خبر نشرته «الوفد» أمس، يقول إن محكمة القضاء الإداري حددت جلسة يوم 3 يناير لنظر دعوي تطالب بإلزام الحكومة بوضع تسعيرة جبرية علي السلع المتداولة بالسوق لحماية المواطنين من جشع التجار، وقالت الدعوي التي رفعها أشرف فرحات المحامي: إن غلاء الأسعار أصبح شيئاً يلازم المواطنين، وتحول إلي أحد الهموم اليومية، ووقع المواطنون تحت رحمة التجار وأصحاب رؤوس الأموال المتحكمين في السوق، وتضاعفت أسعار السلع الأساسية وقالت الدعوي: إن الأسعار التي ترتفع لا تنخفض حتي لو تلاشت أسباب الغلاء.

فعلاً هناك فوضي في السوق تحتاج إلي ضبط، فالأسعار تختلف من منطقة إلي أخري ومن شارع إلي آخر، ومن محل إلي محل آخر، وأصبح كل تاجر يبيع بمزاجه.

هذه الدعوي جعلتني أرجع إلي نصوص الدستور، حيث جاء في المادة «17» إن النظام الاقتصادي يهدف إلي تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، ورفع مستوي المعيشة، وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، والقضاء علي الفقر، ويلتزم النظام الاقتصادي بمعايير الشفافية والحوكمة، ودعم محاور التنافسية وتشجيع الاستثمار، والنمو المتوازن جغرافياً وقطاعياً وبينياً، ومنع الممارسات الاحتكارية، مع مراعاة الاتزان المالي والتجاري والنظام الضريبي العادل، وضبط آليات السوق، وكفالة الأنواع المختلفة للملكية والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، بما يحفظ حقوق العاملين ويحمي المستهلك، ويلتزم النظام الاقتصادي اجتماعياً بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدني للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة، وبحد أقصي في أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر.

إذن الدستور وضع آليات مهمة في يد الدولة لحماية المواطن من تقلبات الأسعار وضبط السوق، وآلياته بالقانون، وزيادة دخول المواطنين، وضمان حياة كريمة لهم تضمن لهم شراء السلع في حالة إذا ما طرأ ارتفاع في أسعارها.

الدستور منح تدخلاً قوياً من الدولة لضبط السوق والتوقف عن مواجهة أي محاولة لرفع الأسعار بالمسكنات، اقطع عرق وسيح دمه، وافرض الدستور والقانون للقضاء علي الاحتكار الذي يخرج لسانه لأنه ضامن انه سيعيده سالماً إلي حلقه بعد تحقيق أهدافه من جني الأرباح الطائلة علي حساب المواطنين البسطاء.