رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

شعرت بفرحة وسعادة غامرة حينما كانت بداية يومى مع قراءة هذا الخبر فى أهرام الجمعة الماضى، ولم لا وهو يشير إلى أننا شعب محظوظ وربما لنا من الاهتمام الربانى النصيب الأكبر من بين شعوب العالم. قلت فى نفسى لقد ظللنا لسنوات إن لم يكن لعقود نحسد غيرنا من الشعوب وخاصة اليابانيين على ما هم فيه دون أن ندرى أننا أحسن حالا منهم وربما نتمتع بوفرة عنهم فى السعادة والهناء.

مضمون الخبر يفيد أن شركة يابانية قررت منح موظفيها كوبون مشتريات بقيمة 64 ألف ين ما يوازى 570 دولارا سنويا من كافتيريا الشركة إذا حصلوا على 6 ساعات أو أكثر من النوم لمدة 5 أيام على الأقل أسبوعيا. وإذا أردت أن تعرف كيف ستحدد الشركة ساعات النوم تلك فإن الخبر يشير إلى أن ذلك سيتم من خلال تطبيق ابتكرته شركة لصناعة مراتب السرير.

أما السبب فى هذا الأمر، وهذا هو ما يهمنا فهو ما يشير إلىه الخبر من أن الشركة لجأت إلى هذا النظام بعد أن شهدت اليابان مؤخرا ظاهرة الموت بسبب إرهاق العمل. الأكثر إثارة للدهشة أن الأمر يكشف عن جانب يبدو من خلاله بؤس اليابانيين فى هذا الخصوص حيث أشار مسح أجرته إحدى الشركات اليابانية المصنعة للمنتجات الصحية إلى أن أكثر من 92% من المواطنين اليابانيين ممن تزيد أعمارهم على 20 عامًا، لا ينامون بقدر كاف، وهو ما يعود فى جزء منه إلى نقص العمالة، فضلا عن تفاقم ظاهرة «الموت من كثرة الإفراط فى العمل» فى اليابان.

بعد أن فرغت من قراءة الخبر رحت أؤكد بينى وبين نفسى أن العامل المصرى يجب أن يحمد الله ويقبل يديه من الجانبين على ما يتمتع به من رغبة وقدرة على عدم العمل، وأن المصريين يجب أن يشعروا بالفخر على أنهم ينامون أكثر من أى شعب فى العالم. قلت فى نفسى إننا يجب أن نتوقف عن جلد الذات فى أننا دوما فى مؤخرة الشعوب، حيث تشير هذه الظاهرة إلى أننا قد يقدر لنا أحيانا أن نحتل مرتبة متقدمة ولو بمفهوم سلبى فى منظور البعض، فإذا كان المواطن اليابانى، وفقا للخبر المشار إليه يحتل مرتبة متأخرة بين شعوب العالم فى عدم العمل قياسا على إفراطه فيه، فإننا ربما نحتل المرتبة الأولى بين الشعوب التى لا تعمل وبالتالى قد تقل بيننا ظاهرة الموت الناتج عن هذا السبب.. كثرة العمل.

أتصور أننا لو أمعنا قراءة الخبر وتحليل نتائجه والبناء عليها لانتهينا إلى تصورات بالغة الإيجابية أقلها أن هناك سوقا جديدا يمكن أن يتم فتحه لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين مصر واليابان محورها الأساسى تبادل العمالة بين البلدين، وهو ما يتجاوز ما يتم مع دول الخليج، فإذا كانت صيغة العلاقة مع هذه الدول تقوم على تصدير العمالة إليها، فإن الأمر مع اليابان سيتخذ مسارا مزدوجا، حيث يمكن أن يتم تصدير ذلك النوع من العمالة المصرية الماهرة فى عدم العمل، وهى نسبة كبيرة، بحيث تحدث قدرا من التوازن فى سوق العمل اليابانى، إن لم تقلب أساس هذا السوق، إن لم يكن بالعدد الكبير الذى سيتم تصديره، فعلى الأقل بفكرة «العدوى» حيث قد ينجح العامل المصرى فى نقل سلوكه إلى العامل اليابانى، وقد ننجح فى النهاية إلى تحويل اليابان إلى دولة شبيهة بمصر بل وتنافسها فى ساعات النوم الكثيرة وساعات العمل القليلة.

يعزز ذلك حقيقة أن عدد ساعات نوم العامل المصرى لا تقل عن نصف ساعات اليوم، إذا أدخلنا فى الاعتبار ساعات النوم المرادفة للكسل، دون أن نقصر تصورنا على النوم البيولوجى، وهو ما يعنى أن العامل المصرى ينام الجزء الأكبر من حياته، ورغم ذلك فإن متوسط عمره للأسف يوازى أيضا نظيره اليابانى الذى يموت مقصوف العمر بسبب قلة النوم، ولكن موت المصرى إنما يأتى لأسباب أخرى مثل الأمراض والهموم التى تحيق به بسبب قلة العمل وتراكم الهموم على قلبه نتيجة ذلك وما يرتبط به من قلة رزق ومشاكل عائلية تسبب له مشاكل الضغط والسكر وكل أمراض الدنيا.

لا تقتصر المزايا على ما سبق فقط حيث سنجنى الكثير من المزايا جراء تحول مصر إلى دولة مستقبلة لتدريب العمالة اليابانية على عدم العمل وكثرة النوم، وفى هذه الحالة سيقوم خبراء العمل المصريون بتعليم اليابانيين الوافدين فنون التزويغ وكيفية تمرير يوم العمل بأقل قدر من الجهد. وقد يكون ذلك بمثابة رافد جديد للعملة الصعبة للبلد فى وقت هى أحوج ما تكون إليها فيه، للدرجة التى قد يصل فيها الأمر لتوفير دخل يوازى ويعوض المفقود من السياحة، وإذا سمحنا لأحلامنا بأن تشطح قليلا فقد يمثل السائح اليابانى بديلا للروسى الذى رحل ولم يعد بعد حادث سقوط طائرة شرم الشيخ رغم كل الجهود المبذولة والمخلصة من مصر لإعادته.

قد يكون من غير الواجب الإمعان فى تبكيت النفس، ولكن شر البلية ما يضحك، وأظنك حتى لو لم تتفق معى فى كل ما ذكرته، ستوافقنى على أن حالنا فيه من البلايا التى تضحك الكثير!!

Mosta[email protected]