عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حفنة كلام

لماذا الأقصر؟ بينى والأقصر علاقة حب وعشق، إنها طيبة التى قاوم أحمسُها إرهابَ الماضى،طيبة ذات الأبواب المائة، إنها أبواب العلم والأولياء، أبواب التوحيد والكبرياء، فهنا نبع التوحيد فى قُدس الأقداس، ونشأ سيدنا إدريس عليه السلام فى أرضها، وحكَم توت عنخ آمون الدنيا من حاضرتها ووقف الخلق ينظرون جميعا كيف بنت معابد الوحدانية وحدها، وكيف انحنى العالم إجلالا لخبيئتها،وكيف اختارها الملك تحتمس الأول عاصمة مُلكه الدنيوى وبوابة خلوده الأخروى، وهنا تقلدت فتاة الأقصر الأولى حتشبسوت مقاليد عرش مصر، وهنا ترقد فى جلال الموت جميلة جميلات الدنيا نفرتارى؛ قبورها مُدهشة، ومعابدها معجزة، وكيف تجوّل المؤرخ الإغريقى هوميروس فانبهر واصفًا جمالها «المدينة ذات المائة باب» ودُهش العرب بمبانيها الشاهقة ومعابدها الخالدة فأسموها «الأقصر»، هذه المدينة التى ملأَ التوحيد أرضها فصار قلبُها قابلا كل صورةٍ، فطريق الكباش جمعٌ بين الأسود والبشر والحجر، وأعمدة معابدها عجين حجرى يرسم زهرة اللوتس وقرص الشمس محتضنا كنيسة، وعلى رؤوس معبدها يرقد سيدى أبى الحجاج بمئذنته ذات الأعوام الثمانمائة، هنا مدينة الشمس الجنوبية التى احتضن نيلها معابد الحياة شرقًا ومعابد الخلود غربًا؛ هنا مدينة الصولجان تسير فى طريق الكباش فتلمع أسطرٌ يعيا بحل رموزها الأقوام، طيبة التسامح تقف فى وجه التعصب، فهى طيبة الكرنك والقديسين، طيبة الشيخ الطيب وأبى الحجاج وممنون ويحيى الطاهر وبهاء طاهر وأحمد شمس الدين الحجاجى وحشمت يوسف ومأمون الحجاجى ومحمد عبدالمولى وحسين القباحى وأدهم العبودى ومحمد إبراهيم حسان والحسانى عبدالله، فهنا وقف التاريخ لحضارتها منشدًا، وهنا بنى المصرى للحضارة معبدًا، ها هى طيبة التاريخ والمستقبل، لا يعيش أدباؤها فى الأبراج العالية لكنهم ينقلون ما يرون وما يحسون به؛ ألم يقل ابن رشيق «سُمى الشاعر شاعرًا لأنه يشعر بما لا يشعر به غيره» ،فليجتمع المثقفون المصريون ليفكروا فى أسباب الإرهاب وطرق الخروج من مخاطره، لينتصر التفكير على التكفير، وينتصر الرأي على القنبلة؛ نحن الأدباء لا نقف ضد رأى ولا نصادر فكرًا لكننا نقف ضد من يتاجر بالوطن ومن يتاجر بالدين ومن يدفع البلد إلى أن تدخل فى حرب أهلية؛ لنناقش تكوين الإرهاب فكريا وعقيدة، نتوقف حول دور المثقف الرائد الذى لا يكذب أهله، والمثقف الذى يواجه الفكر بالفكر، إننى أدعو إلى غربلة مناهجنا التعليمية فى المدارس والمعاهد والجامعات، وأدعو إلى تنشيط مراكزنا الثقافية وأنديتنا الرياضية ببرامج ثقافية تبحث عن الخلل وتجيب عن السؤال: من أين جاء هؤلاء؟

أود أن أرى المنادر التى لا تفتح إلا فى واجبات العزاء تفتح للشعراء والمفكرين والأدباء، أن يعود المسرح المدرسى وطنًا للفنون والتعلم، أود أن أرى المكتبات فى قرى مصر ونجوعها تنشر العلم، أود أن أشاهد جامعات الصعيد السبع وقد غدون سبعًا سمانًا بالعقل وتغيير المجتمع، ننتظر جامعة الأقصر لتكون واحة المعرفة والتقدم فى صعيد مصر، أن أرى الفنون والمراكز الثقافية قد فتحت فروعًا لها بالدلتا والصعيد، فالقاهرة لا ينبغى أن تكون كما قال المفكر الراحل جمال حمدان الرأس الكاسح لجسد كسيح.

نحن ندعو للتنوير الذى يدعو فى أبسط صوره إلى إعمال العقل، والإسلام يدعو من قبل لإعمال العقل، فمصر اليوم فى حاجة إلى عقل ثقافى يقود المواجهة ولا يتخلف عن الركب، ليعود المثقف رافعًا راية المواجهة الفكرية ومجيبًا عن السؤال : من أين جاء هؤلاء؟

أود من المستشار مصطفى محمد ألهم محافظ الأقصر أن يعيد للأقصر بهاءها وأن يدرس أبناؤها تاريخها ليكونوا كأجدادهم بناة حضارة.