رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

رحم الله والد «إسراء» وأسكنه فسيح جناته وألهم أسرته الصبر والسلوان، لو كنت مكان الدكتور «أمير» المدرس بكلية التجارة جامعة بنى سويف لقدمت واجب التعازى للطالبة إسراء التى تلقت خبر وفاة والدها أثناء المحاضرة، وأضفيت على الخبر الفاجع لمسة إنسانية، وهى إلغاء المحاضرة، وطلبت من رئيس الجامعة الإذن بتكليف سيارة بتوصيل الابنة إسراء إلى منزل أسرتها فى الفيوم، وشكّلت مجموعة من زملاء وزميلات إسراء واتحاد طلاب الكلية واستقلال أتوبيس آخر لتأدية واجب العزاء فى منزل الطالبة.. هذا هو الواجب والإنسانية والمروءة والإحساس بلوعة ابنة من بنات مصر فقدت والدها وعلمت بخبر وفاته وهى فى قاعة المحاضرات، وربما لم تكن قد التقته منذ بداية الدراسة لأنها من الفيوم والجامعة فى بنى سويف، حط نفسك مكانها يا دكتور أمير، وأنت تشخط ، وتنطر فيها، وتؤنبها، وهى غارقة فى دموعها، وتسألها كيف عرفتِ الخبر وأنت فى قاعة المحاضرات، فترد عليك تلقيت تليفونًا من شقيقى، فلم تجزع، ولم تحزن، ولكن ترد عليها فى تأنيب: كيف تفتحين التليفون أثناء المحاضرة؟

عندك كل الحق يا دكتور «أمير»، الانضباط مطلوب وأؤيدك فى منع دخول الطالب إلى قاعة المحاضرات بعد دخول الأستاذ، وعدم خروج الطالب قبل انتهاء المحاضرة، وأرفض استخدام التليفون المحمول أثناء المحاضرة، لكن الضرورات يا دكتور تبيح المحظورات، والرحمة فوق اللوائح، الطالبة على اتصال دائم بأسرتها للاطمئنان على والدها المريض قبل دخول المحاضرة، ولاحظت رقم شقيقها يظهر على التليفون وردت عليه فسمعت هذا الخبر الذى نزل على نافوخها كالصاعقة، وتوجهت إليك مع ثلاثة من زميلاتها لاستئذانك فى السماح لها بمغادرة المحاضرة.. بابا توفى يا دكتور أمير، عمود الخيمة فقدته إحدى طالباتك من غير ما تسمع منه كلمة وداع وهى فى الغربة من أجل العلم، البنت الدموع تغرق وجنيتها وأنت تحاسبها على فتح التليفون فى المحاضرة بدلاً من أن تواسيها فى لحظة انهيار.

بالتأكيد الدكتور أمير لا يقصد لكنه أساء التصرف أمام موقف إنسانى يستحق التعامل معه بطريقة إنسانية، وليس بأسلوب التعنيف الذى تسبب فى عملية اغتيال نفسى لطالبة فى لحظة ضعف إنسانى تنتظر كلمة مواساة فى فقد الغالى، الخلاف يا دكتور ممكن أن يكون فى أى شىء إلا الإنسانية ولحظات المواساة والعزاء التى تخفف من الأحزان، الفظاظة والغلظة ليست واجبة فى هذه المواقف التى تحتاج إلى قلوب حانية ولو كنت فظًا لانفض من حولك طلابك، ولكل مقام مقال يا دكتور، ألم تعاتب نفسك وأنت تأذن للطالبة بالخروج من المحاضرة ـ بعد إلحاح شديد منها ـ بمفردها، أنت تلاحقها بالقول: كلنا هنموت، نعم كل من عليها فان، ولكل أجل كتاب، وحتى يأتى أجل كل واحد، لابد أن نتعامل بالحسنى، ويرحم القوى فينا الضعيف، ونأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر.

إن الطالبة إسراء محمد عبدالعاطى لها حق عند الدكتور منصور حسن رئيس جامعة بنى سويف، لابد أن يقدم لها تعازى الجامعة بنفسه فى وفاة والدها، ويقدم لها من الدعم المعنوى والإنسانى ما يطمئنها على مستقبلها الدراسى وامتحاناتها، وأعتقد أن الدكتور منصور حسن سوف يستقبل وفدًا من اتحاد الطلاب بخصوص مشكلة الطالبة نرجو أن يتحقق من وراء اللقاء ما يخفف الآلام التى تسبب فيها مدرس بالجامعة أساء التصرف فى واقعة إنسانية، ونثق فى قدرة الدكتور منصور على لم الشمل لما فيه مصلحة طلابه وأساتذة الجامعة أيضًا.

وأخيرًا لو كنت مكان الدكتور أمير لقدمت الاعتذار للطالبة إسراء فى اجتماع مجلس الجامعة، وأرسلته مكتوبًا إلى وسائل الإعلام لعله يخفف من ألم تسبب فيه الدكتور أمير عن دون قصد، ولكن أقول له الإنسانية فوق اللوائح، وعزاؤنا للطالبة إسراء وأسرتها، ورحم الله والدها بواسع رحمته.