رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

إذا انتقلنا مع د. حسن من الحديث عن الشخصيات إلى الحديث عن القضايا سنجده قد خصص لها حوالي ثلثى صفحات الكتاب تحدث فيها عن 35 قضيه بدأها بالحديث عن الدراسات العليا فى الجامعات : هل هي قضية نقل أم ابداع ؟ وبالطبع فقد انتهى فى تحليله إلى غلبة النقل على الإبداع، ودعا إلى ضرورة إزالة المعوقات أمام طلاب الدراسات العليا واتاحة الحريات الأكاديمية لهم وللاساتذة حتى تتحول الدراسات لدينا من كونها مجرد نقول إلى الابداع وقد استكمل هذه القضية حينما ربطها بقضية أخرى تناول فيها دراسة الحريات الأكاديمية فى الوطن العربي – أسباب الغياب وشروط الحضور ودراسة ثالثة عن رهان الفلسفة فى الوطن العربي ورابعة جاءت تحت عنوان المدارس الفلسفية. من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل. أما القسم الأكبر من القضايا فقد دار حول الفلسفة الإسلامية من النقل إلى الإبداع وهي مع مجموعة الدراسات الأخرى مثل: صفات الله وحقوق الإنسان، وأبعاد الظاهرة الدينية، والشباب والرجولة والفتوة فى التراث الاسلامي، والانسان الابراهيمى: انسان واحد وديانات ثلاث، ومفهوم الوسطية فى الاسلام، والعروبة و الدين، الهوية واللغة فى الوعي العربي، مكانة المشروع الاسلامي بين المشروعات الحضارية للنهوض، والتجدد الحضاري، وأولوية العمل على النظر فى الاسلام، كلها دراسات تتقاطع وتتداخل مع مشروعه الفكري الكبير «التراث والتجديد» الذي لايزال – كما يبدو فى هذه الدراسات – مشغولا بتحليل التراث وقضاياه و يغيب عنه البعد المستقبلى.

 وهناك مجموعة أخرى من الدراسات توضح وتتقاطع مع الجانب الثاني من مشروعه الفكري المتعلق ببناء علم الاستغراب الذي حاول فيه مواجهة العلم الغربي المعروف بالاستشراق مثل دراسته حول تحولات الاستشراق، واللغة ووحدة الوطن، والمعرفي والايدولوجي فى الدراسات العربية للاستشراق، والحب غير المشروط والحب المشروط فى القرآن الكريم، والرحلات الرسولية في علم تاريخ الأديان، ومن التسامح إلى التفاهم، والماء فى السرديات الدينية التوحيدية، والهوية، والتراث الثقافي وتحديات الاستغراب، والشعبوية بين السلب والايجاب، ومن النقد الأدبي إلى النقد الثقافي .

 وأخيرا توجد مجموعة من الدراسات المتفرقة التي ربما فرضتها على فيلسوفنا عناوين المؤتمرات التي حضرها مثل دراسته عن المخطوطات المطوية ودراسته عن السيرة بين الوحي والخيال، وكذلك دراسته عن ثقافة الذاكرة الجمعية وأيضا درسة أخرى عن: هل غاب الاحساس بالبيئة فى الوعي العربي الاسلامي ؟ وأخيرا دراسته المهمة عن الارهاب بين سوء الفهم وسوء النوايا- المصالح الدولية فى ربط الاسلام بالارهاب التي ختمها بالقول: إن ربط الاسلام بالارهاب انما يتم عن سوء فهم فى الداخل إذا كان ترويعًا للآمنين وسوء نية فى الخارج من أجل ايجاد ذريعة للعدوان على المسلمين وأكد أن مهمة العلماء فى هذه الحالة تقوم على تصحيح الفهم فى الداخل وكشف سوء النية فى الخارج، وفى كلتا الحالتين اتباع أسلوب الحوار فالدين النصيحة فى الداخل، أما فى الخارج فقتال من يقاتل لرد العدوان وهو مايتفق مع المواثيق والشرائع الدولية.

 والحقيقة التي تكشف عنها كل دراسات الكتاب أننا أمام مفكر ثورى يفضل العمل على النظر وقد بدا ذلك بوضوح فى دراسته الخاصة بأولوية العمل على النظر التي أكد فيها أن هذا هو الاختيار الرئيسي لقيام أي حضارة؛ فهو الاختيار الذي «يبني الدول ويقيم العمران كما حدث فى عصر الفتوحات الاسلامية الأولى»، وقد أضاف فى نفس الدراسة قوله «أن أولوية العمل على النظر أحد متطلبات الواقع العربي المعاصر، المنزل يحترق فمن يطفئ النار؟ والوجود مهدد فمن الذي يصارع من أجل البقاء والمشروع الصهيوني يتحقق يوما بعد يوم؟!» إنها صيحة يلقيها المفكر وتساؤل يطرحه ليس فقط على العقل العربي بل على من يمتلكون القدرة على شحذ الهمم و اتخاذ القرار لمواجهة التحدي الوجودي الذي يواجهه العرب اليوم فى ظل تردي أوضاعهم وتشتت توجهاتهم وتمزق دولهم!!!

[email protected]