رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية مواطن

عشت فى الصعيد الجوانى أيام ما كان ختان الفتيات واجباً مقدساً، وكان يطلق عليه طهارة البنت، وتقام له الأفراح بالنسبة للأسر التى لم تنجب ذكوراً، وتذهب سيدات القرية إلى أم الفتاة التى أجريت لها عملية الختان لتقديم النقطة، وكان يطلق عليه الواجب، ويتكون عادة من الدقيق والسمن والسكر والحمام ومبلغ من المال.

عادة الختان فى ذلك الوقت كانت مرتبطة فى الأذهان بأنه كرامة للبنت وحماية لها من الانحراف، وتقوم الداية بإجراء عملية الختان للفتيات بعكس الصبيان الذين كان يتولى المزين أو الحلاق عملية طهارتهم، ورغم صدور قانون حظر ختان الفتيات، وفرض عقوبة على الطبيب أو الداية أو حتى الأسرة التى تجرى عملية ختان للفتاة، بعد أن تبين أنه انتهاك لكرامة البنت واعتداء على جسدها، وبعد أن تبين أن الختان يحرم الفتاة من بعض حقوقها الجسدية مع الزوج، ورغم أن الختان لم يرد فى أى نص دينى، ولم يقره العلماء، ورغم حملات التوعية التى تقوم به منظمات المرأة إلا أن الختان مازال مستمراً فى الصعيد، ولكن بصورة أقل مما كان فى السابق، فقد كان للتوعية دور كبير فى تنبيه الأسر إلى حقوق الفتاة، واقتنعت بعض الأسر بأن الختان عدوان على جسد الفتاة وحقوقها، وأن هناك عقوبة توقع على مرتكبى هذا الفعل الذى تحول إلى جريمة، وليس كما كانت تعتقد الأسر أنه صون للفتاة، إلا أن الختان مازال يمارس فى الخفاء من وراء ظهر القانون فى مناطق تفضل العادات والتقاليد على القانون، والتخلف على التحضر، وتمارس عمليات الذبح للفتيات تحت مسمى كبح جماح عاطفتها.

ورغم أن هذه العادة المرفوضة مازالت تمارس على استحياء فى الصعيد الجوانى إلا أننى لم أتخيل أن تواجه ببلاغ فى قسم الشرطة من مواطن فى مركز الوقف محافظة قنا ضد زوجته يتهمها فيه بختان ابنتيهما رغم تحذيره لها بعدم الختان، ويطالب فى نفس الوقت بتوقيع العقوبة القانونية عليها.. ويقول المواطن إنه سأل علماء الدين وأكدوا له أن الختان غير واجب، كما أكد له الأطباء أنه يسبب أضراراً نفسية وجسدية كبيرة للفتيات.

ويقول الخبر الذى نشرته جريدة الوطن على صدر صفحتها الأولى أمس إن نيابة مركز الوقف استدعت الأم للتحقيق معها بتهمة مخالفة القانون بختان ابنتيها.

هو فعلاً انتصار للتوعية، ولجهود الدولة، وفى مقدمتها المجلس القومى للأمومة والطفولة الذى لا يألو جهداً فى توعية الأسر المصرية من خطورة ختان الفتيات.

إن هذا المواطن المستنير ربما يكون المفتاح الذى نغلق به ملف هذه العادة السيئة فى الصعيد، ويتخلى أهلنا هناك عن الخرافات ويأخذون بالعلم، ويتجاوزون عن العادات والتقاليد البالية.

أما عن البلاغ فأرجو من نيابة الوقف أن تأخذه برحمة العدالة مع هذه الأسرة حرصاً على مستقبل البنتين وسط الأم والأب.