رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من قلبي

ثلاثة أحداث منفصلة شغلت الرأي العام الأسبوع المنتهي اليوم... والحقيقة أني أراها متصلة اتصالاً وثيقاً... الأول ما تحقق وما ينتظر خلال عام منذ تولي «السيسي» رئاسة مصر... الثاني انعقاد القمة الأفريقية للتجمعات الثلاثة الاقتصادية الكبري في القارة السمراء... والثالث محاولة الإرهاب الفاشلة في الأقصر... وما يجمع الثلاثة- في رأيي- هو العودة... أعني عودة الدولة المصرية.

الأول وهو عام «السيسي» الأول... فمهما كان الموقف الذي اتخذه البعض من حكم «السيسي»... إلا أن أحداً لا يستطيع أن ينكر أن عودة هيبة الدولة المصرية داخلياً أهم ما حققه «السيسي» في عامه الأول... تلك العودة التي ارتبطت بالاستقرار الأمني الذي ينتظر أن يكتمل... فقبل انتخاب «السيسي» كنا نخشي السير في الشوارع... كنا نفرض علي أبنائنا حظراً اختيارياً للتجوال درءاً للخطر... كنا في حيرة من أمرنا... هل أخطأنا في خلع «مبارك»؟ وهل تمادينا في الخطأ باختيار «مرسي»... والانحياز للإخوان؟ كنا نخشي الدخول في أتون الحرب الأهلية التي تأكل دولاً من حولنا... فالإخوان يعتصمون في «رابعة» و«النهضة»... أحاديث التسلح لا تنقطع... تهديدات الانتقام لا تتوقف... الانتقام من الشعب... كل الشعب... الجيش والشرطة في المرمي... أنا وأنت... أولادك وأولادي... جميعنا لسنا في مأمن... الكل تحت التهديد... في مرمي الوعيد... الاقتصاد يتداعي... الخزانة العامة علي حافة الخواء... أجهزة الدولة والحكومة معطلة بفعل فاعل أحياناً... وبفعل غياب الموظفين غالباً... الخلاف بين أبناء الأمة وصل حد الاستعداد للاقتتال... أو علي الأقل حد التربص.... السلاح يزداد انتشاراً في أيدي أبناء الشوارع... محاولات إسقاط الدولة في الفوضي لا تتوقف... تارة بمظاهرات... وأخري بقطع الطرق... ومرة بحرق مدرجات الجامعات... وأخري بزرع المتفجرات.

باختصار كنا في دولة علي شفا الانهيار، فماذا حدث؟

عادت الدولة للتماسك... رجعنا إلي مصر التي عادت إلي حالها الطبيعي... الإنجازات الأخري- علي أهميتها- تتضاءل أمام عودة الإحساس بوجود دولة... بقدرة أجهزة الدولة علي العمل... شعر المصريون بصدق ما أحسوا به من خوف علي أقدم دولة في التاريخ... عند العامة الدولة أهم من كل شيء... الدولة أهم من المأكل والمشرب... من أجل بقاء الدولة نحارب أحياناً... ومن أجل بقاء الدولة نخلع رئيساً... ومن أجل بقاء الدولة أيضاً ننتخب آخر ثم نخلعه... من أجل بقاء الدولة نخلع مئة رئيس... ونتخلص من ألف جماعة... فالاختلاف داخل دولة أحب إلينا من الاقتتال عليها... وأفضل من الاتفاق في المنفي... الملايين التي خرجت في 30 يونية لم تتحرك بأوامر... لكنها خرجت بحس مصري... وطني... لا يعرف فرقاً ولا أحزاباً... والشعب الذي خرج لتفويضه لم يفوضه لخلع رئيس... ولا لنفي جماعة... لكن فوضه في اتخاذ الخطوات اللازمة لاستعادة الدولة... وسطوتها... ومكانها... ومكانتها... الشعب الذي خرج أحبه لأنه عبدالفتاح السيسي... الذي فهم ما يريده الشعب... وسعي لتحقيقه... وانتخبه رئيساً لأنه حمل رأسه علي كفه وسعي.

الثاني هو عودة افريقيا إلي مصر... وعودة مصر إلي افريقيا... ليس المهم من عاد إلي الآخر المهم أن العودة حدثت... وبقوة... لسنة واحدة بعد خلع «مرسي» وجماعته خاصمت افريقيا مصر... كانت مصر خارجة عن القارة السمراء... اليوم يجتمع 625 مليون افريقي في مصر... يمثلهم رؤساؤهم... ورؤساء حكوماتهم... ووزراؤهم... اجتمعوا في مصر بحثاً عن قوة اقتصادية تحمي القارة السمراء من افتراءات الغرب الأبيض... وأحسب أن ما تملكه افريقيا أو الدول الست والعشرون المجتمعة في شرم الشيخ من مقومات ييسر لها النجاح... فالاقتصاد هو القوة الحقيقية التي تتحكم في الشعوب... والاقتصاد هو المفتاح السحري لفتح أبواب الأمل... وهو التنمية التي تبحث عنها الشعوب... والاقتصاد ضد البطالة... وضد الإرهاب... وضد القلاقل السياسية... وهو الحل الأسرع لقضايا الخلاف السياسي... والدول المجتمعة في مصر تشكل ثلثي الاقتصاد الأفريقي... بينها دول تمتلك قدرة وخبرة اقتصادية كافية لانطلاقة افريقية... وأخري تحوي أراضيها كميات هائلة من المواد الخام تقوم عليها صناعات متقدمة... وهذه الدول أيضاً تمثل سوقاً واسعاً للمنتجات التي يمكن أن تتعاون الدول في انتاجها... انها عودة الأمل إلي أفريقيا.

الثالث محزن... هو محاولة الإرهاب الفاشلة في الأقصر... وهي المحاولة التي تمثل عودة الإرهاب لضرب السياحة... صحيح أن الإرهاب لم يغب عن مصر لفترة... لكن الصحيح أيضاً أن محاولة الأقصر الفاشلة هي الحادثة الأولي بعد حادثة الأقصر في نوفمبر عام 1997 التي أودت بحياة 58 سائحاً... وهي نفسها الحادثة التي أطاحت بشيخ العرب عبدالحليم موسي من وزارة الداخلية... ليتربع علي عرشها حبيب العادلي حتي خلعه الشعب في 25 يناير... المهم أن محاولة الأقصر الفاشلة أمس الأول تمثل عودة لاستهداف الأجانب وضرب السياحة وهو تغير نوعي في العمليات الإرهابية... استهدف الإرهاب رجال الجيش والشرطة... ثم طلاب الجامعات الراغبين في التعلم... ثم رجال القضاء... وتهديدات لرجال الإعلام... ثم توجه نحو المرافق العامة للدولة كضرب أبراج الكهرباء... هذه التغيرات النوعية تؤكد أن الإرهاب يبحث عن مناطق موجعة... لكنه يفشل في كل مرة... فيسعي إلي إحداث تغير قد يؤتي نتيجة أقوي... لكن تظل الدولة أقوي... كما أنها تمثل تغييراً استراتيجياً علي مستويين... المستوي الأول هو تعاون أفراد الشعب مع الدولة في محاربة الإرهاب... هذا التعاون الذي يمثله إبلاغ سائق التاكسي عن الإرهابيين في الأقصر... المستوي الثاني سرعة التحرك الذي أبداه رجال الأمن بمجرد الإبلاغ... كلا التغيرين ساهم في إنقاذ البلاد من قيد جديد قد تضعه الدول علي سفر رعاياها إلي دولة خطرة علي حياتهم... وهو ما يمثل حرماناً لمصر من رافد يتعافي من روافد الاقتصاد الناهض.

الأحداث الثلاثة تؤكد أننا فعلاً أمام عودة دولة... أمام دولة تنهض.

تباريح

كم أنت لطيف بنا يا الله

(عند العامة الدولة أهم من كل شيء... الدولة أهم من المأكل والمشرب).