رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الخليفة الأمريكى دونالد ترامب يبتز ولاة الأقاليم فى العالم العربى سراً وجهراً، وبفجاجة غير مسبوقة وبعجرفة فحواها أن «ما لا يؤخذ بالاستعمار يؤخذ بالاستحمار»، ورغم عدم حاجة الرجل للاستحمار فإنه يستحمر ويتحرك «بحمورية» يحسد عليها من كل حمير التاريخ. خطورة هذا النهج الترامبوى أنه يؤسس لشكل جديد من «العبودية» قد ينتشر ويسود من بعده وقد يموت برحيله غير مأسوف عليه.. هذا ما يمكن أن نسميه «الاستعباد الدولى» والذى يعنى استغلال من يملكون القوة بلا أخلاق لمن يملكون المال بلا غايات.

الخليفة الأمريكى لا يعترف بشىء اسمه «حلفاء»، ولا يحترم كتب السياسة ويبصق كل يوم بوجه مكيافيللى برغم أن الأخير هو من هندس علم السياسة القائم على تبادل المصالح.. الخليفة الأمريكى أتى من بورصات المال والسمسرة لا يملك إلا المال وقصة شعر غجرية، لا يجيد إلا قراءة دفاتر الشيكات وإنشاء مؤسسات لملكات الجمال.. من هذه الخلفية وصل الرجل إلى أعلى وأقوى منصب فى العالم رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية.. هناك شبه كبير بين الخليفة الأمريكى وخلفاء وسلاطين فى تاريخنا الإسلامى بطون الجوارى، ولا يعرف لهم نسب ثم وصلوا إلى عرش الخلافة أو السلطة بالدسائس والمكائد، ولأنه بلا مرجعية فى أصول الحكم فقد عاثوا فساداً بكل شىء، لأنهم مثل الخليفة الأمريكى أو هو مثلهم قدموا جميعا من خلفية عدمية عبثية، وتتحكم بهم عقدة الدونية.. دونية الأصل أو المال أو المعرفة أو الثلاثة ما.

البعض يتصور الحكام نوعا ثانيا من البشر، فصيل يجلس على عرش ما بين السماء والأرض - وهذا غير صحيح.. الخليفة أو السلطان أو الرئيس أو الملك - جميعهم يتحكم بطريقة تفكيرهم فى النهاية التكوين النفسى والعقلى الذى يشكل شخصيتهم.. مهما كانت هناك من مؤسسات وجماعات حول الحاكم، فإنه فى النهاية يصبغ الحكم بلونه ونكهته سواء كانت نكهة قوة أو ضعف - عقل أو جنون - ذكاء أو غباء - نكهة أخلاقية أو فاجرة فى فوضويتها وانعدام مرجعياتها، كما هى حالة الخليفة الأمريكى دونالد بن ترامب.

ومن الموضوعية القول بأن ما يقوم به ترامب فعله معظم الرؤساء الأمريكيين قبله لكن بدبلوماسية ووفق رؤية تحافظ على أرضية تعاون مقبولة بين طرفين يتفاوتان فى القوة ويتساويان فى المصالح - لكن الخليفة الأمريكى الجديد ربما ودون قصد منه حتى الآن قد أنشأ فعلياً مدرسة جديدة فى السياسة شعارها «القوى ليس بحاجة إلى حلفاء وإنما إلى عبيد».. للتاريخ قوانينه مهما حاول ترامب احتقارها، ومن أهم تلك القوانين أنه فى عالم الدول فإن القوى هو هكذا بقدر ضعف الآخرين، والخليفة الأمريكى يبالغ فى ابتزاز وإهانة بعض الحكام معتمدا ليس على قوة أمريكا قدر اعتماده على استضعاف هؤلاء الحكام لأنفسهم واستخفافهم بشعوبهم.

أمريكا لم تستطع كسر كوب طوال نصف قرن وهى على بعد خطوات منها.. امريكا هى التى سعت للتفاوض مع كوريا الشمالية ولم تسحقها أو تستعبدها أو تخاطب رئيسها كيم جونج أون كوالى بدولة الخلافة الأمريكية.. إيران بقوتها الذاتية رقم صعب يستعصى على الخليفة الأمريكى الذى يدرك أن هذا البلد المحاصر من عام 1979 (الثورة الخومينية) وحتى اليوم ازداد مع الحصار قوه وليس ضعفاً.

للأسف الشديد ليس لدى حكام أقاليم دولة الخلافة الأمريكية فى منطقتنا العربية أى إرادة أو رغبة فى تغيير علاقتهم بدولة الخلافة من علاقة استضعاف واسترقاق واستذلال إلى علاقة مكيافيلية - نعم - يتم خلالها تبادل المصالح دون تفريط مخزٍ فى كرامة لم تعد للأسف شاغلاً لكثيرين.. وعندما تصبح السلطة هى الشاغل الوحيد لهؤلاء فإننا نقترب من سيناريوهات كارثية فى بلدان كثيرة ليس بفعل مؤامرات الخارج، ولكن لأن ولاة الأمر بها استسلموا لغوايات السلطة والمال ووهم القوة الزائفة، وهنا يصبح ادعاء التحليق نحو المستقبل ليس أكثر من فعل انتحار مأساوى بالقفز من قمة جبل فى حوض سباحة جاف دون ما تفرقة بين شجاعة الأبطال وحماقة الصبية حين يتقمصون أدوار البطولة فى غفلة من الزمن.