الثابت تاريخيا أن لمصر فضل الأسبقية، عن جميع البلدان الإسلامية فى إلغاء الجزية عن أهل الكتاب، والسماح للأقباط بالخدمة العسكرية، لكن للأسف المؤرخون المصريين تجاهلوا هذه القرارات، عبدالرحمن الرافعى، وميخائيل شاروبيم لم يشيرا من قريب أو بعيد للقرارين، لماذا؟، الله أعلم.
نسب للخديو محمد سعيد بن محمد على باشا الكبير، أنه أول من ألغى الجزية عن أهل الكتاب، وذلك بفرمان صدر سنة 1855م، وقد سبق قراره هذه الفرمان الهمايونى الذى أصدره خليفة المسلمين فى تركيا، فقد أصدر السلطان عبدالمجيد بعد عام من قرار سعيد باشا، فرمانه بإلغاء الجزية عن رعايا البلدان الإسلامية من أهل الكتاب.
ونسب لسعيد كذلك فضل الأسبقية فى السماح للأقباط بالتجنيد، وكان قد سبق وحدد فترة التجنيد بسنة، واهتم بملابس ومعيشة الجنود، ففى7 رجب 1274، الموافق 26 فبراير 1858، رفع إبراهيم بك مدير أسيوط طلبا إلى سعيد باشا، طلب فيه بالسماح له بتجنيد الشبان المسيحيين، واستبعاد اصحاب العاهات، الطلب عرض على الخديو فى 16 رجب/ 26 فبراير، ووافق الخديو، واشترط: أن تلاحظوا بالدقة والعناية الأشخاص الذين تنقصهم الأصابع أو فاقدى العين، هل هذه العاهات حديثة أم قديمة العهد، فإذا تحقق وظهر لكم أنها حديثة الوقوع تجب محاكمة هؤلاء ومجازاتهم بأقصى العقوبات.
نص الفرمان نشره أمين باشا سامى فى تقويم النيل، ولم أعثر عليه فى تاريخ عبدالرحمن الرافعى، ولا فى تاريخ الكافى لميخائيل شاروبيم، حتى لم أعثر على إشارة منهما إليه، لماذا؟. ربما وهو الأقرب إلى الظن أن الفرمان كان خاصا بإحدى المحافظات.
أهمية فرمان سعيد باشا ترجع إلى ان فكرة تجنيد الأقباط كانت لإبراهيم بك محافظ أسيوط، وأن الفكرة تم تنفيذها لأول مرة فى مديرية أسيوط، وليس فى عموم المديريات، أو فى الجيش، وخروج الفكرة من أسيوط، ربما بسبب وجود نسبة كبيرة من الأقباط فى مدن وقرى أسيوط، وهو ما دفع مدير المديرية إلى الاستعانة بهم لفرض الأمن.
هل تم تعميم الفرمان؟، ومتى تم تنفيذه على مستوى المديريات والجيش بشكل عام؟، هذا ما يحتاج إلى دراسة جادة من الباحثين، يوضحوا لنا فيها تعداد الأقباط فى أسيوط بشكل خاص، وفى مديريات الصعيد، وعلى مستوى الجمهورية، كما على الباحثين ان يوضحوا لنا: لماذا لم يتم تجنيد المصريين اليهود؟، لماذا لم يسمح للشبان اليهود بالانضمام إلى الجيش لخدمة وطنهم؟، هل لعدم تفكير البعض فى ضمهم؟، هل بسبب قلة أعداد أبناء الديانة اليهودية؟.