عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

(نحو المستقبل )

يعد الدكتور حسن حنفى واحدا من أهم فلاسفة العالمين العربى والإسلامى الآن بل وربما عبر العصور ؛ فهو صاحب مشروع فكرى مهم ومؤلف موسوعى كبير يذكرنا بالفلاسفة المسلمين الأوائل. لقد كتب آلاف الصفحات محددا معالم مشروعه الفكرى الذى بدأ بكتاب «التراث والتجديد» ثم توالت المجلدات والأجزاء شارحة ومحللة الجوانب أو الجبهات الثلاث لهذا المشروع الفكرى الضخم وكان آخر هذه المجلدات المجلد الذى صدر هذا العام 2018م تحت عنوان «التفسير الموضوعى للقرآن» واختتم به مشروعه الفكرى الكبير فى التراث والتجديد فقد غطى به الجبهة الثالثة–جبهة الواقع، وصدر معه فى نفس العام كتابان أحدهما تحت عنوان « ذكريات » والثانى تحت عنوان «شخصيات وقضايا»؛ وبينما كان الأول مجرد ذكريات شخصية روى فيها جوانب وطرائف من حياته الشخصية متشابكة مع جوانب من مسيرته الفكرية الطويلة التى امتدت من عام مولده 1935م حتى الآن.

وكم أثارت هذه الذكريات التى شابها بعض جوانب الخلط ونسيان التفاصيل وإهمال بعضها لصالح البعض الآخر حسب الحالة العقلية والمزاجية التى كان عليها الكاتب وهو يكتب، كم أثارت من ردود أفعال غاضبة ممن نالتهم هذه الذكريات من كلمات اعتبروها جارحة وغير منصفة ولا تذكر الحقائق بل اختلط فيها نسيان الحقائق بما نسجه خيال المؤلف!! وقد جاء المؤلف الثانى وهو الأضخم عن الشخصيات والقضايا وهو فى جانب منه يعد امتدادا للأول حيث تحدث فيه عن شخصيات عديدة من تاريخ الفلسفة العربية والغربية مثل ابن خلدون و ابن رشد وموسى بن ميمون وتوما الأكوينى أو من تاريخ الفكر العربى الحديث والمعاصر ممن أثروا فيه وفى تكوينه الفكرى مثل جمال الدين الافغانى وعلى عبد الرازق والشيخ مصطفى عبد الرازق أو شخصيات زاملته وعاش معهم تجربته الفكرية تأثيرا وتأثرا كمحمود حمدى زقزوق وجابر عصفور.

وقد كتب عنهما أكبر عدد من الصفحات حيث كتب عن الأول حوالى 50 صفحة وعن الثانى حوالى 70 صفحة، ومحمد عابد الجابرى الذى خصه بثلاث دراسات ومحمد اركون الذى نعته بمفكر الحى اللاتينى ونصر حامد أبو زيد الذى وصفه بأنه مشروع لم يكتمل وفؤاد زكريا الذى اعتبره صديقًا لنصف العمر وعبد الغفار مكاوى ومحمد مهران وقد كتب عن كل منهما صفحتين لم يتضمنا قراءة لفكرهما أو تحليلا لجهودهما العلمية بل مجرد خواطر وانطباعات عن شخصية كل منهما وذكريات علاقته بهما، كما كتب عن غيرهم وغيرهم حتى بلغ حديثه فى هذا القسم الأول عن 25 شخصية. وأهم ما يلاحظه المرء فى كتابته عن هذه الشخصيات هو أنه استخدم المنهج المحبب إلى نفسه وهو المنهج الفينومينولوجى الظاهراتى الذى اعتمد على حصر أعمالهم وتصنيفها ووصف ما فيها من فصول وتفاصيل ورؤيته الشعورية والعقلية حولهم وكثيرا ما اختلط فى تقييمه لأعمالهم الشخصى بالموضوعى ؛ إذ كان يتحدث عن نفسه ومشروعه الفكرى بالتداخل مع حديثه عن جهود هذه الشخصيات العلمية ومشاريعهم الفكرية ومن ثم جاءت انتقاداته ومآخذه عليهم من وجهة نظره ومن وحى مشروعه هو الفكرى.

وبالطبع فما إن ينحو الحديث نحو الذكريات والمواقف المتبادلة قد يحدث الخطأ فى التذكر مثلما حدث فى حديثه عن د. مكاوى حيث ذكر أنه قد عين أستاذا للفلسفة فى جامعة عين شمس بينما الصواب أن د. مكاوى قد عين فى جامعة القاهرة بقسم الفلسفة وظل كذلك حتى سافر فى إعارة إلى جامعة الكويت وظل هناك حتى بعد انتهاء المدة الرسمية للاعارة ومن ثم عاد ليمارس نشاطه الثقافى بعيدًا عن الانتساب إلى أى جامعة، وقد يحدث النقد الذى يشوبه التقييمات الذاتية مثلما حدث فى حديثه عن د. جابر عصفور حيث أبرز الكثير من المواقف الدالة على مدى عمق الصلة الشخصية بينهما وفى نفس الوقت كشف عن الكثير من مواطن الخلاف بينهما رغم اتفاقهما فى التوجه الايديولوجى العام وجاء فى ثنايا هذا وذاك اتهامه للدكتور عصفور بالانحياز إلى السلطة السياسية بعد تقلده المناصب القيادية فى وزارة الثقافة ثم وزيرا للثقافة ومن ثم حاد وجعل مشروعه الفكرى فى خدمة النظام السياسى وكذلك اتهامه له بأنه اختار أن يكتب المقالات للصحف والمجلات العربية التى تعطى مقابلا ماديا كبيرا ولم يكتب للصحف المصرية لأن ما تعطيه إن أعطت قليل. والحقيقة أن مثل هذه الهفوات النقدية التى نلمح فيها ربما نغمة الحسد والسخرية لم تكن تليق بالكاتب وهو الفيلسوف الكبير ولا بالمكتوب عنه وهو المثقف والناقد الأدبى الأعمق والأشهر قبل وبعد مناصبه الرسمية.

[email protected]