رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

اختفاء الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي، قبل أسبوعين، أثار حفيظة العالم، ليصبح لغزًا مبهمًا، رغم الخيوط التي تكشَّفت عقب الإعلان عن «إخفائه» في قنصلية بلاده بإسطنبول.

مصير «خاشقجي» لم يُحسم حتى الآن.. وسواء «أُخفي» أو «قُتل»، فلا شيء مؤكدًا بشكل رسمي، لكن الحقيقة أنه لا يزال مختفيًا عن الأنظار منذ الثاني من أكتوبر الجاري.

منذ اللحظات الأولى لتوارد أنباء اختفاء خاشقجي، شكَّلت قضيته رأيًا عامًا دوليًا، في حين سيطر الصمت على الدول العربية، ومنظماتها الحقوقية والصحفية!

العالم كله تقريبًا لم يتوقف عن طرح الأسئلة، مع دعوات أمريكية وأوروبية ومنظمات دولية وحقوقية متكررة، لإرسال فرق تحقيق مشتركة لكشف الحقائق.

المثير في الأمر أن قضية «إخفاء»، وربما «اغتيال وتصفية» خاشقجي تزداد تعقيدًا، وتتشابك خيوطها بشكل متصاعد، رغم مرور أسبوعين على دخول الرجل قنصلية بلاده وعدم خروجه منها كما دخل!

الموقف التركي الذي بدا أنه المستهدف الأول من العملية، شهد تصعيدًا لافتًا، في محاولة لتخفيف الأضرار الناجمة عن القضية، وتحويلها من مصيبة كبرى إلى تقليص المخاطر ومحاصرتها.. بل وتحقيق المكاسب!

تركيا تدرك خطورة استهداف السعودية، كآخر كيان سني عربي كبير، إذا ثبت تورط نظامها بشكل رسمي بالجريمة، واتهامه بإرهاب الدولة، وانتهاكه القوانين الدولية والأعراف الدبلوماسية.

كما يدرك الأتراك أن الاتهام الرسمي المباشر للسعودية بالتورط في الجريمة سيؤدي إلى صدام مع الرياض، سيضر بمصالح البلدين واقتصادهما والعلاقات الوثيقة بين شعبيهما بشكل كبير.

لكن الميكافيلية التركية جعلت الرئيس أردوغان يناور بإعطاء فرصة للسعودية لإيجاد مخرج من هذه الورطة، بتجنبه اتهامها، وترك رجالات حزبه وأعضاء في حكومته يوجهون رسائل شديدة غير مباشرة للمملكة بتورطها في القضية.

إذن، نحن أمام قضية شائكة، وسيناريوهات عدة للخروج من هذه الورطة الكبيرة، حيث ستحاول تركيا تحقيق الاستفادة من هذا الحادث على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والإقليمية.

وبالعودة إلى القضية الأساسية، وهي اختفاء خاشقجي، فإن جميع المصادر السعودية والتركية تردد نفس المعلومات، الأمر الذي يثير العديد من علامات الاستفهام حول حقيقة مواقفهما.

لكن يمكن ملاحظة تعامل قنصلية السعودية في اسطنبول باستخفاف عقول المتابعين، وهو موقف غير مقنع ولا يمكن فهمه، إلا أن المستغرب هو موقف تركيا، التي تجاهلت القضية كليًا في بادئ الأمر، ثم اضطرت لتناوله بطريقة زادت من حيرة المراقبين.

ربما لاحظنا تمنيات أردوغان أن يكون خاشقجي حيًا، بينما نجد مقربين منه ومصادر في الأمن التركي تؤكد أن خاشقجي قُتل داخل السفارة، وأن جثته تم تقطيعها والتخلص منها بطريقة ما!

الملفت أيضًا أن الشرطة التركية كشفت عبر تسريباتها لوسائل الإعلام الدولية تفاصيل بشأن فريق الاغتيال المؤلف من 15 شخصًا، بينهم مسؤولون سعوديون، والذي وصل إسطنبول على متن طائرتين، ودخل القنصلية وقت تواجد خاشقجي فيها، وغادر في اليوم نفسه.

كما أن تفاصيل عملية «التصفية» التي أعلنت عنها مصادر الأمن التركية، تتناقض مع تصريحات أردوغان نفسه، حيث يكرر دعوته إلى السعودية للتعاون وإثبات مغادرة خاشقجي، في الوقت الذي يعلم الجميع أن كاميرات المراقبة بالشوارع تابعة للشرطة التركية، الأمر الذي يؤكد أن أنقرة ليس بحاجة لكاميرات القنصلية لإثبات أو نفي الخروج.

إذن، يبدو التناقض التركي واضحًا إزاء القضية، بسبب اختلاف مصدر المعلومات، ما بين مؤكد لمقتل خاشقجي داخل القنصلية «الشرطة والاستخبارات»، أو السياسيين الذين يحاولون التسويف والتبرير.

ويبقى الأمر كله مرتهن بالسياسة، واللعب على عامل الوقت لإيجاد مخرج للقضية، بحيث لا يُحرج تركيا، التي تشعر أن سيادتها انتُهكت، مع عدم الإضرار بالعلاقة مع السعودية في الوقت الحالي، تجنبًا لمزيد من الهزَّات الاقتصادية.

[email protected]