رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خارج السطر

هل هناك علاقة بين النساء والسياسة؟ بالطبع. لا سياسة بدون نساء. ولا نساء بدون سياسة. المرأة هى عالم السياسة الضيق، والعلاقة معها زوجة، وأم، وأخت، وزميلة تتطلب سياسات فريدة.

والزميل الكاتب والصحافى الماكر ممدوح دسوقى يضع يده على المسافات الواصلة بين السياسة والنساء فى كتاب ساخر سلس الأسلوب عميق المغزى، صادر عن دار جزيرة الورد، يحمل عنوان «جملة خساير فى السياسة والنسوان».

الكتاب يغوص بمقالات مُسلسلة فى أعماق المُجتمع المصرى، شارحاً وراصداً وسارداً عجائب المصريين وغرائب أفكارهم ومعتقداتهم وسماتهم الحياتية. صدمة المقالات أنها لا تتقنع، ولا تتجمل وتنفذ إلى الحقيقة بواقعها الصادم. تفوح بالسخرية العذبة الراقية الواصلة إلى القلب دون ابتذال.

والمرأة جانب أساسى فى حياة المصريين وكذلك السياسة. وكثير من المصريين يخسرهما معاً.

يعتبر المؤلف تحرر المرأة ضرورة، ويرفض أى مساس بحقوقها، لكنه يتوقف كثيرا أمام إصرار بعض النساء للتحول إلى رجال بخشونتهم. إن المساواة فى الحقوق والواجبات لا تعنى أن نرى نساء مسترجلات بتعبير الكاتب.

ويرى ممدوح دسوقى أن المصريين شعب عجيب، يحمل كثير من التناقضات. يؤمن بالفرعون ويلعنه، يحتفى برجل الدين ويسخر منه. يُصفق لصاحب النفوذ ثُم يشارك فى ذبحه. ينقلب من اليمين إلى اليسار بسرعة، ويُغير مسُلماته وتوجهاته.

يتجاوز المؤلف غرائب المُجتمع إلى السياسة التى تدفع أناس إلى تغيير جلدهم من عصر إلى عصر. وجوه تتلون وألسنة تكذب وعوالم تتبدل وأقلام تُبدل توجهاتها يوما عن الآخر.

سخرية الكاتب تحمل مرارة التحسر على واقع لم يقفز إلى ما نصبو إليه. وهنا فإن الخسارة موجعة، ومفجعة فى آن واحد. لم يتحقق حُلم ولم يتحسن حال لا فى الاقتصاد ولا فى السياسة ولا فى الأخلاق العامة. وليس أدل على ذلك من ظاهرة التحرش المتغلغلة فى المُجتمع، والتى لا يريد الكاتب أن يصدقها مستغربا أن يقبل إنسان انتهاك جسد آخر بلا معنى سوى الدونية.

وإذا كانت الكتابة الساخرة تستهدف البسمة، فإن سخرية الكاتب مزيج من البهجة والحزن. بسمات وحسرات. وجع وهزل. ضحك ونواح. ألم وأمل. هى كتابة مراوحة بين ما نريد وما يكون. وفى تصورى فإن هذا النوع من الكتابة نوع صعب، لا يجيده إلا مُتمرس، خبير، مخضرم لا فى الكتابة وحدها، وإنما فى خبرات الحياة والناس.

والمؤلف جدير بذلك، فهو كاتب متخصص فى الحوارات الصحفية مع أفذاذ وعباقرة سواء فى الأدب أو الثقافة أو القيادة والحرب. ومازلت أذكر له حوارات متميزة أجراها مع قادة وعسكريين فى حرب أكتوبر وخبراء أمنيين ومفكرين ومثقفين وكُتاب كبار.

وأحفظ للكاتب جرأته فى مواجهة الناصرية. لا يكترث ممدوح كثيراً بحناجر الزاعقين، ولا يلتفت لغضباتهم. يجاهر بأن مصر خسرت بعبدالناصر أضعاف ما خسرته بحروب وأزمات وضربات لاحقة وسابقة.

المجد للكتابة من قبل ومن بعد. وطوبى لأصحاب الأقلام فى زمن الأزلام.

والله أعلم.

[email protected]