رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

يستطيع أى إنسان ذو قدر ولو ضئيلا من الإدراك أن يتوصل إلى نتيجة مفادها أن أى كلام عن عودة الإخوان للحكم فى مصر ليس سوى مجرد حديث خرافة، لأسباب عدة سنأتى إلى تقديمها فى هذه السطور، غير أنه لسبب أو لآخر يبدو أن هذا الأمر لم يصل للخارج فى معناه الشامل، أى العالم الخارجى أو أن الأمر يستغل لمآرب أخرى ومن هنا فإن طرح الفكرة يبدو قائما بين فترة وأخرى سواء فى لقاءات المسئولين المصريين مع قادة فى الخارج أو فى الحوارات التى تجرى مع قادة مصر فى الإعلام الخارجى.. عربيا ودوليا.

وعلى هذه الخلفية يمكن تفهم أو استيعاب رد الرئيس السيسى فى حديثه لجريدة «الشاهد» الكويتية منذ أيام والذى أكد خلاله حول سؤال بشأن دور محتمل للإخوان فى مصر أنه «ما دمت موجودا فى السلطة لن يكون هناك أى دور للإخوان»، مضيفا «أن الشعب المصرى لن يقبل بعودة الإخوان للسلطة» لأن فكر الإخوان – حسب تصريحات الرئيس – «غير قابل للحياة ويتصادم معها».

إذا راجعت ما كتبه صاحب هذه الكلمات على مدى سنوات ما بعد ثورة 25 يناير يمكنك أن تستوعب السبب أو الحجة التى تقوم عليها فكرة المقال، فكما أدت الثورة لتغييرات عدة فى مختلف مناحى الحياة فى مصر حيث رفعت أقواما وخفضت آخرين، وألغت مؤسسات وأنشأت أخرى، فإن الإخوان كجزء من المجتمع المصرى، تعرضوا لتأثيرات مشابهة وإن كانت فى مجملها سلبية، غيرت وضعهم كثيرا عما كان عليه قبل يناير 2011 حيث كانوا جماعة تحظى بقدر من الشعبية وسط الجماهير انعكست فى حجم التمثيل البرلمانى الذى حظى به أنصارها ما أثار قلق نظام مبارك من تنامى قوتهم آنذاك، غير أن الوضع انقلب رأسا على عقب فيما بعد الثورة.

ولأن المجال يضيق عن التفصيل ولتجنب تكرار ما كتبته سابقا أشير إلى ما بعد انتهاء حكم الإخوان وسقوط مرسى حيث كانت تلك التطورات وما تبعها بمثابة طى صفحة الجماعة بالكامل ليس على صعيد العودة للحكم فقط وإنما على صعيد العودة إلى ما كان عليه وضع الجماعة قبل ثورة يناير.

وإذا كانت الجماعة قد اعتادت على الصدام مع الأنظمة المختلفة التى عاشت فى ظلها بدءا من النظام الملكى قبل 52 وانتهاء بنظام مبارك، فيبدو بل من الواضح أن صدامها الأخير فى مرحلة ما بعد يناير 2011 كان الصدام الفيصلى والحاسم فى تاريخ الجماعة الذى يتجاوز التسعين عاما.

إن نظرة إلى تاريخ الإخوان يكشف عن أنها كجماعة ذات أرواح متعددة وأنه كلما تصور البعض أنه تم تشييعها إلى مثواها الأخير عقب صدام لها مع السلطة عادت مرة أخرى تتغلغل بين الناس ويسير أفرادها فى الأسواق يأكلون كما يأكل الآخرون ويعيشون كما يعيشون وكأن شيئا لم يحدث.

غير أنه إذا كانت معادلة الحياة تفيد بأنه بقدر المغامرة يكون حجم النتائج، فقد كانت مغامرة الإخوان بعد يناير بالغة الخطورة حيث وصلوا إلى الكرسى الذى حلموا بالوصول إليه على مدى نشأتهم – لتحقيق مشروعهم ونقله من مرحلة الفكر إلى الواقع، وكان ذلك بمثابة قفزة فى المجهول لم يعد لها العدة رغم أن الفكرة قائمة منذ عقود، ومن هنا كان حجم الصدام قويا ربما يكون أو فى طريقه لاستئصال شأفتهم، أو اقتلاعهم من جذورهم بحيث قد لا يكون هناك فى المستقبل ليس جماعة وإنما فرد يمكن أن يتم وصفه بأنه اخوانى.

صحيح أن استئصال الفكر بالغ الصعوبة إلا أنه أمر ممكن، وتجارب التاريخ تشير إلى ذلك. إذا لم تصدق فتش فى التاريخ ستجد الأمثلة عديدة بعيدا عن جانبها التقيمى بالسلب أو الإيجاب، أو حجم الاختلاف بين ما جرى وما يجرى، المهم هو الفكرة. لقد استطاع الإسبان استئصال الموريسكيين المسلمين والقضاء على وجودهم تماما لتعود أسبانيا مسيحية خالصة بعد قرون من النضال. انظر إلى ما جرى فى الولايات المتحدة من معركة الحياة والبقاء بين المستوطنين القادمين مع أوروبا والمواطنين الأصليين من الهنود الحمر، إلى الحد الذى اندمج فيه هؤلاء الأخيرين كمواطنين أمريكيين عاديين فى مسار الحياة الأمريكية التى تمثل نمطا مغايرا لنمط حياتهم.

والنتيجة أن حالة الوجود الإخوانى فى مصر على مدى السنوات الأربع الماضية ربما تشير إلى أنهم فى طريقهم إلى الانقراض، على مستويات عدة بشكل يجعل من المؤكد أن فكرة طمعهم فى الحكم غير واردة، فى ضوء تراجع أى مقومات تجعل هذا الحلم يمتلك أى إمكانية للتحقق. صحيح أنه قد يكون هناك متعاطفون مع الفكر الإخوانى وهذا قد يكون أمرا مفهوما، وصحيح أن البعض من أصحاب الفكر الإخوانى قد يلجأ إلى بعض المناوشات مع الدولة هنا أو هناك ولو بمنطق محاولة إثبات الوجود.. غير أن فكرة العودة للحكم من المؤكد أنها تبقى كما أشرنا فى أول المقال لا تعدو سوى أن تكون.. حديث خرافة!

[email protected]