عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مظاهرة فى ألمانيا قادها أطفال بزعامة أحدهم عمره سبع سنوات يدعى «إيميل»، والاسم هنا له مغزى هام ومرتبط بفكرة التظاهرة والتى كان شعارها «العبوا معنا وليس بهواتفكم النقالة» وطبعاً بالمعنى الدارج الموبايلات التى أصبحت سمة العصر ولا جدال ولا مفر أيضًا من كونها أصبحت جزءاً أصيلاً فى حياتنا اليومية وفى أدق الأماكن، فى غرف نومنا وبين أناملنا طوال اليوم، حتى مع تحفظى الشديد، فكثيرون يصطحبونها داخل دورات المياه ومن مختلف الأعمار.. حقا لقد حققت التكنولوجيا نقلة خيالية فى حياتنا فأصبحنا كلنا مرضى بها ولا نستثنى أحداً، نوع من الإدمان الآمن والعشق الهوائى الذى سيطر على مجتمعنا فصرنا جميعاً، وبلا استثناء أذلة، خاضعين لهذا الاختراع الرائع الشيطانى فى ذات الوقت، وبدلاً من نظرات الأم الحانية لوجه طفلها الجميل أثناء ضمها إياه لصدرها إلا أنها قد تحولت إلى كتلة من الثلج، آلة تقوم بأداء واجبها الأمومى الطبيعى والذى كان أجمل ما فيه دفء صدرها نظرات عينيها التى يملؤها العشق والحنين وهى تضم صغيرها بحنو لا يقدر أعتى الشعراء على وصفه، لا نستطيع وصفه، فهو تدفق ربانى لشلال من الحب والحنان، كيف ينعكس ذلك على مشاعر الطفل البرىء، ثم يختزن بداخله مع تدرج مراحله العمرية من شخصية شبعانة نفسياً متكاملة المعالم لا ينقصها هذا النهر من الحنان.

ربما أطلت واستفضت فى هذه التفاصيل الصغيرة والتى ربما يعتبرها البعض من توافه الأمور، «ولكننى أعتبرها نكبة اجتماعية جديدة تسللت وتمركزت وسيطرت، انظر حولك واعكس معى الآية» حوار بين أم وابنها الشاب اليافع، تنطلق الأسئلة على لسان الأم وتنتظر الإجابات لكنها بالنسبة للطرف الآخر هى وللأسف، كم مهمل، فهى الأخرى تتلقى الإجابات عن أسئلتها دون أن يخاطبها أحد دون أن ينظر إلى ملامح وجهها الطيبة، وهى تتحسر ألا أحد يهتم بها فأصبح «فيس» الأم لا قيمة له أمام قوة «الفيس بوك»، أتذكر زمان كنت أسمع معنى جميلاً، إن النظر لوجه الأم هو ثواب كبير ونعمه لا تعوض، الآن نجيب عن بعضنا البعض من خلال هواتفنا ونطمئن على صحة بعضنا البعض من خلال «الواتس». ألف مبروك لقد تقطعت أواصر الرحمة ليس بين الأقارب ولكن داخل البيت الواحد، ثم نسأل من أين جاء التفكك الأسرى، لماذا زادت حدة الجفاء فى مجتمعنا، لماذا هجرت بيوتنا الرحمة والتراحم، حينما هجرت الأم وجه وليدها الرضيع فى أمتع لحظات حياته، فهجرها هى الأخرى، وسكن الجفاء بيوتنا وما ترتب عليها من جرائم مجتمعية أخرى.

تحية لأطفال ألمانيا، بلد التكنولوجيا رقم واحد فى العالم، حينما رفض أطفالها حضن التكنولوجيا بحثاً عن دفء بيوتهم وحنان أمهاتهم اللائى رحلن مع عوالم، «الفيس/تكنولوجى».. وأصبحن أمهات من ثلج!