عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلام

زمان أيام حرب أكتوبر عام 1973 كانت الروح تعم البلاد، فلم يكن وقتها لصوص، حتى إن «صلاح جاهين» رسام الكاريكاتير الشهير لم يرسم أى حرامى وهو يلبس تى شيرت مقلم بالعرض وعلى وجهه قناع، وكان «صاروخان» وهو رسام كاريكاتير أيضاً يرسم الحرامى وهو بيجرى ورا واحد بيه طويل عريض وبينادى عليه ويقول له محفظتك يابيه وقعت منك، و«ليثى» وهو رسام كاريكاتير كان يرسم اللص وهو بيحط كام جنيه فى محفظة لقاها ويسلمها لصاحبها. منتهى النبل كان زمان.. حتى الحموات كل واحدة كانت بتدعى لجوز بنتها انه يرجع برزق العيال وفى إيده بطيخة وفرخة بلدى عشان ماكانش فيه فراخ مزارع.. والمرور كان بيتعطل صحيح بس بسبب إن كل سائق سيارة كان بيعزم علي اللى جانبه انه يعدى الأول.. كان فيه احترام.. وكان الناس بيتبرعوا للمجهود الحربى من غير إعلانات، لا حد قال لهم اتبرع ولو بجنيه، ولا حتى بربع جنيه، لكن كانوا بيتبرعوا.. وشهامة ولاد البلد كانت متوفرة، فكل المصريين كانوا أولاد بلد مش ولاد بلد تانية، باختصار ماكنش فيه حوادث سطو مسلح أو سطو عادى، ولا كان فيه بلطجية ولا حرامية، ولا كان فيه سيوف وسنج ومطاوى وطبنجات وبنادق، فلم يكن شعار «السلاح فى يد الجميع» قد وجد أحداً يرفعه، كان وكان يعنى زمان.. وزمان يعنى فى عام 1973 كان فيه أمن ذاتى قبل ما يطلع الأمن الغذائى، وكان فيه تعاون وحب.. حب البلد مش حب الفلوس، فالبلد كانت الأم والعرض والحاضر والمستقبل، لم تكن مجرد شقة نسكنها بالإيجار تنحرق فوق دماغ مالكها.. مصر كانت ملكًا للجميع.

وفى الذكرى 45 لنصر أكتوبر على الصهاينة، سألت «روحى» عن «روح» أكتوبر، بعد ما جاء الشهر ولم تأت روحه، ولما سمعنى أبنائى أتحدث عن روح أكتوبر سألونى يعنى إيه «روح»؟ ويعنى إيه أكتوبر، فثقافتهم أفرنجى زى ما اتعلموا فى المدرسة، لا يعرفون إلا جنيورى ومارش وجونيو، ولا يعرفون أكتوبر «الفضيل» الذى استمد فضله من رمضان الكريم سنة 1973، ولم يعد كما كان فضيلاً ولا كريماً، أصبح مثله مثل كل شهور السنة.. وروح اكتوبر أبحث عنها فى كل مكان كمن يبحث عن حاجة ضايعة فى كوم قش رز قبل ما يتحول بقدرة قادر الى سحابة سوداء، وتبين أنَّ الكبار نسيوها من زمن، والصغار لا يعرفون روح اكتوبر ولا روح النعناع، فقط يعرفون دعوة أمهاتهم على آبائهم وهما خارجين للشغل: «روح» إلهى ما ترجع تانى..

وعندما جاءت رياح يناير 2011 تمنيت عودة الروح لكنها لم تعد، فلما جاء إعصار 30 يونية 2013 توقعت أنْ تَعُم البلاد روح جديدة ولتكن روح يونية، وبالفعل ظهرت ملامحها ثم طارت.. أيوه طارت.. فقد ذهب يناير وجاء فبراير ثم يونية، ولكل شهر روحه إلا أكتوبر روحه راحت ما أعرفش فين؟!