رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاوى

سأعرض تباعًا من اليوم شهادة فؤاد سراج الدين، زعيم الوفد خالد الذكر، عن حادث 4 فبراير، كما حكى للكاتبين الكبيرين الراحلين مصطفى شردى وجمال بدوى، وهى شهادة للتاريخ ترد على كل المتطاولين والمزورين الذين تحكمهم الأهواء الشخصية والهوى، وفيما يلى نص الشهادة:

يقول فؤاد سراج الدين:

إننى أحد الشهود الذين رأوا عن قرب ما حدث فى تلك الأيام، وهذه هى شهادتى عليه، فى أثناء الحرب العالمية الثانية، وتحديدًا فى يناير سنة 1942، كان مركز بريطانيا سيئًا جدًا، وانتصارات المحور «ألمانيا وايطاليا» تتوالى على القوات الإنجليزية، ووصلت القوات الألمانية بقيادة رومل إلى الحدود المصرية بعدما حققت انتصارًا ساحقًا فى العلمين، وكان الشعور العام بين المصريين ميالاً للمحور كراهية فى الانجليز، وكذلك الملك فاروق وحاشيته والحكومة المصرية برئاسة على ماهر بل كان فاروق يعتقد أنهم سينتصرون فى النهاية وكانت الحالة الاقتصادية سيئة جدًا، وهناك أزمة دقيقة، وتوالت المظاهرات تنادى، تقدم يا رومل.. وتهتف أين الخبز؟

كان أقطاب الوفد فى ذلك الوقت بالأقصر.. النحاس باشا، ومكرم عبيد باشا وأنا وتم ترتيب رحلة نيلية لنا، وقام أحد أعضاء الهيئة الوفدية واسمه «عياد» بوضع الذهبية المملوكة له تحت تصرفنا، وكان الترتيب أن تتوقف رحلتنا بقنا وأسيوط وسوهاج للالتقاء بأعضاء الوفد وأنصاره على أن تنتهى الرحلة النيلية فى بنى مزار، ومنها نستقل القطار إلى القاهرة.

وفعلاً بدأنا الرحلة التى كانت ستدوم حوالى عشرة أيام، واتجهنا إلى قنا وكان ذلك صباح 2 فبراير، ووصلنا إلى هناك عصر نفس اليوم، واجتمعنا بأعضاء هيئة الوفد فى تلك المنطقة، حيث اقيم حفل شاى بسراى أحد أقارب مكرم باشا.

وفى أثناء الحفل جاء أحد أصحاب الدار، وهمس فى أذن النحاس باشا أن مدير قنا «المحافظ» منتظر فى الصالون ويطلب مقابلته لأمر هام.. واعتقدنا بالطبع أن المدير جاء لإبلاغنا بأمر الداخلية بوقف الرحلة.

وبعد دقائق معدودة سمعنا صوته يرتفع بشدة فقمت مع مكرم باشا لاستطلاع ما يجرى، فلما سألنا المدير عن الموضوع قال إنه تلقى رسالة تليفونية من القصر الملكى بأن الملك يرجو النحاس باشا العودة فورًا إلى القاهرة للاجتماع به لأمر هام، لكن زعيم الوفد يرفض قطع رحلته.

وحاولت مع مكرم باشا إقناع النحاس دون جدوى، قائلاً إنه مرتبط بأعضاء الهيئة الوفدية بهذه الرحلة ولا يمكن الغاؤها. وأضاف أن الملك اعتاد كلما أراد الضغط على الحكومة القائمة التلويح لها بالاتصال بى لتحقيق رغبته، وأنا لا أقبل أن أكون مطية للملك أو كبش فداء له.

ولما طالت المناقشة دون جدوى تسرب القلق إلى أعضاء الهيئة الوفدية المجتمعين فاقترحت على النحاس باشا أن نعود إلي الذهبية لاستئناف الحديث هناك وأثناء خروجنا من الصالون، سألت مدير قنا عن موعد قيام قطار المساء إلى القاهرة، فقال إنه فى التاسعة، فتساءلت عن امكانية تأجيله لبعض الوقت إلى حين اتخاذ قرار بالعودة إلى العاصمة وقلت له: انتظر منى رسولاً يخبرك إما بموافقة النحاس أو رفضه قطع الرحلة، فوافق المدير وقال إنه سيحجز القطار فى المحطة إلى أن يصل رسولى.

ويواصل سراج الدين شهادته قائلاً:

وفى الذهبية عادت المناقشات من جديد لإقناع النحاس بمقابلة الملك والعودة إلى القاهرة، وبعد فترة ليست بالقصيرة نظر زعيم الوفد فى ساعته قائلاً: لا جدوى من الاستمرار فى هذه المناقشة لأن الساعة الآن العاشرة مساء، ولابد أن القطار قد غادر المحطة فقلت له إنه مازال منتظرًا وأخبرته بما اتفقت عليه مع المدير، ففوجئت به يثور ثورة هائلة ويغضب غضبًا شديدًا لكنى صمدت فى وجه ثورته قائلاً: هذا التصرف صدر منى شخصيًا وأنت لست مسئولاً عنه، وعلينا أن نرسل مندوبًا من طرفنا إلى المحطة، فإذا وجد أن القطار قد غادرها انتهى الأمر ونكمل رحلتنا أما إذا كان مازال منتظرًا فلا مفر فى هذه الحالة من العودة ولم أنتظر رده بل أرسلت بالفعل أحد المرافقين لنا إلي المحطة فوجد القطار مازال منتظرًا والمدير هناك ينتظر رسولى.

واضطر النحاس باشا إلى العودة إلى القاهرة ومعه مكرم باشا، ولم يكن سعيدًا بذلك، وطلب منى ومن بقية أعضاء الوفد أن ننتظره فى المغرب بنجع حمادى أمام سراى الشيخ أبوالوفا الشرقاوى، حيث سيعود بعد المقابلة لاستئناف الرحلة ووصل رئيس الوفد إلى القاهرة فى ساعة متأخرة من مساء يوم 2 فبراير سنة 1942، وكانت هناك أكثر من مفاجأة فى انتظاره.

وغدًا نستكمل الشهادة التاريخية