عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

سلق القوانين كان إحدى هوايات النظام السابق، والمسلوق كان من الوجبات المحببة إلى عناصره، تقريباً كانت تعليمات أطبائهم بالبعد عن المسبك واللجوء إلى المسلوق الخفيف على المعدة، وسلق القوانين هو وراء عدم منح القوانين حقها حقها من الدراسة والبحث والتدقيق والتمحيص والطرح المجتمعى، والمناقشات المستفيضة فى اللجان المعنية وتحت قبة البرلمان، كان القانون المسلوق يدخل ليلاً، ويصدر ليلاً، كانت الحكومة تتحاشى مواجهة الرأى العام، لأن القوانين التى كانت تأخذ صفة الاستعجال لم تكن فى صالح المواطن، وكانت متنوعة ما بين سياسية للتضييق على حرية الرأى والتعبير والانتخاب أو اقتصادية لفرض رسوم وضرائب على المواطنين، وكانت تتم مناقشتها فى ساعات معدودة وتطبق بعد النشر فى الجريدة الرسمية وسط سخط جماهيرى وسخط برلمانى أحياناً، لأنه بالأمانة كان البرلمان يوافق على بعض المفروضات التى تأتى له من فوق وهو كاره لها، نواب البرلمان معظمهم فى ذلك الوقت كانوا لا يحبون الأكل المسلوق ويفضلون الغوص فى قعر الطواجن المسبكة، لكن النظام فرض عليهم المسلوق فى القوانين.

حضرت مناقشة العديد من مشروعات القوانين المسلوقة التى كانت تمر على طريقة «موافقون.. موافقة»، ولكن أغرب مناقشة قانون حضرتها قام فيها الوزير بدور رئيس اللجنة البرلمانية الذى كان يدير الاجتماع، وقام الصحفيون بدور النواب ووافقوا على مشروع القانون المطروح بصفة نهائية وهذه الواقعة لم يتوافر فيها ركن السلق فقط، ولكنها تدل على الاستهتار البرلماني.

كانت اللجنة (...) منعقدة لمناقشة مشروع قانون مهم، وبعد فترة أستاذن رئيس اللجنة لأمر مهم وكلف وكيله بإدارة الاجتماع، كان عدد النواب فى اللجنة قليلاً جداً، والصحفيون البرلمانيون الذين كانوا يتابعون المناقشات لنقلها إلى صحفهم أكثرية، الوزير لا يعرف معظم الصحفيين وكان يعتقد أنهم نواب لأن فى اجتماعات اللجان يجلس الجميع متجاورين، وهمس الوزير فى أذن وكيل اللجنة، وفهمنا منه نحن الصحفيين أن وكيل اللجنة سمح للوزير بأن يقوم بدور رئيس اللجنة فى تلاوة المواد لأخذ موافقة النواب على المشروع مادة.. مادة، وبالفعل كان الوزير يتلو المادة (وهذا مش شغله) ويرفع الصحفيون أيديهم بالموافقة... وبعد أن انتهى الوزير من تلاوة آخر مادة قال: حضرات النواب: الموافق على القانون نهائياً يرفع ايده، فرفع الصحفيون ايديهم، فقال: الوزير: مبروك اللجنة وافقت نهائياً على مشروع القانون، فصاح أحد النواب من الجالسين فى القاعة قائلاً: يا سيادة الوزير أين النواب الذين وافقوا على القانون، ده فى القاعة مفيش 3، 4 نواب، الذين رفعوا أيديهم هم الصحفيون، وأضاف النائب: وبعدين يا معالى الوزير مش الحكومة هى التى تأخذ الموافقة على مشروع القانون؟ ده شغل اللجنة والمجلس، فقال الوزير مخاطباً الصحفيين، انتم ورايا.. ورايا.. عملتوها يا شياطين.

السبهللة البرلمانية كانت آفة هذه المرحلة وأقول قولى هذا على سبيل الذكرة لمن يخشي.